كراهية الأجانب كانت منذ فترة طويلة العلامة التي تميز القومية اليمينية في بريطانيا, وفي السنوات الأخيرة حلت ظاهرة الإسلاموفوبيا لتلعب دورا مركزيا في الخطاب القومي البريطاني, وكشفت المناقشات التي أحاطت بالاستفتاء الذي أدي الي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي( بريكست) أن هذه الكراهية للإسلام والمسلمين أصبحت أحد الدعائم البارزة في الخطاب السياسي السائد في بريطانيا, وهذا الأمر لا يبشر بالخير بالنسبة للعلاقة بين الحكومة البريطانية والمسلمين المقيمين في بريطانيا. وربما كانت أبرز علامات الإسلاموفوبيا في بريطانيا أخيرا طعن النائبة العمالية جو كوكس حتي الموت, وهي التي كانت صوتا بارزا في البرلمان البريطاني يدعو الحكومة لاستقبال اللاجئين السوريين, كما كانت كوكس تعمل مع مجموعة مراقبة جرائم الكراهية ضد المسلمين, وكان القاتل من جماعة يمينية متطرفة معادية للمسلمين حيث صاح( بريطانيا أولا) وهو يسدد لها الطعنات. محاولات حزب المحافظين البريطاني لإحياء الهوية البريطانية تسير جنبا الي جنب مع تطبيع كره الأجانب في الخطاب السياسي البريطاني. وفي أعقاب استفتاء بريكست عانت الأقليات في بريطانيا من ظاهرة ارتفاع العداء للأجانب حيث تلقي مجلس رؤساء الشرطة الوطنية البريطانية أكثر من57% من جرائم الكراهية مما دفع ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق لإدانة التعصب وذلك في كلمة أمام البرلمان, والي جانب البولنديين واليهود والأقليات الأخري تحمل المسلمين البريطانيين وطأة هذا النوع من الاعتداءات القائمة علي الكراهية. وذكرت صحيفة( الجارديان) البريطانية أن استفتاء بريكست كان يركز علي ما سمي بتعديات الاتحاد الأوروبي علي سيادة المملكة المتحدة والعجز الديمقراطي في مؤسسات الاتحاد. وللأسف ففي أعقاب بريكست يتم تعميم الخوف من الإسلام في الخطاب السياسي البريطاني, وتزايدت المشاعر المعادية للمسلمين, وتم ربطها بالقضايا اليومية في السياسة البريطانية وخاصة الإرهاب ومسألة تأثير الإسلام علي التماسك الاجتماعي في مجتمع متعدد الثقافات, وتحت شعار معاداة الهجرة يتم استقطاب البريطانيين تحت لافتات مثل فرص العمل وتحسين سياسات الإسكان والضرائب, وفي نفس الوقت يتم تنحية التسامح وسيادة القانون جانبا عندما يتعلق الأمر بالأجانب حتي أصبح المسلمون البريطانيون يشعرون بأنهم مستهدفين بشكل غير عادل. وأشارت صحيفة( الجارديان) إلي أن الإسلاموفوبيا بدأت تسري في بريطانيا من خلال التحذير من أن هناك مدارس بريطانية خضعت للأسلمة في برمنجهام, وتعالت الدعوات لتعزيز القيم البريطانية في المدارس في جميع أنحاء البلاد. وحتي مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لم تخلو من الخوف من الإسلام حيث أن هناك سياسيين بريطانيين لعبوا علي مخاوف الجمهور البريطاني من الإسلام وشددوا علي ان تركيا يمكن ان ترسل ملايين المهاجرين المسلمين الي بريطانيا حال انضمامها الي الاتحاد الاوروبي وذلك باعتبارها دولة حافظت علي علاقات مريبة مع الجماعات الجهادية التي تقاتل في سوريا. وتحت عنوان بريطانيا تفشل في مواجهة أزمة اللاجئين قالت صحيفة( الجارديان) في مقال آخر إنها وصمة عار علي ضمائرنا أن يظل أطفال اللاجئين يعانون بهذه الطريقة دون تقديم دعم حقيقي لهم. وذكرت الصحيفة ان الاطفال اللاجئين هم ضحايا عوامل خارجة عن ارادتهم مثل الفقر والاضطهاد والحروب, ومع ذلك تترك الحكومة البريطانية اللاجئين ليواجهوا مصائرهم وذلك في اطار ظاهرة الاسلاموفوبيا التي تفشت في بريطانيا.