حتي قبل أن يذهب البريطانيون للتصويت يوم الخميس الماضي علي الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، كان عدد غير قليل من دول الاتحاد يتحسب لسيناريو خروج بريطانيا عبر استفتاء ما يعرف ب»بريكست» Brexit من خلال التلويح باستفتاءات مشابهة حتي لو كان خيار البريطانيين هو البقاء في قطار أوروبا الموحدة، ومع زلزال الانفصال أصبح الحديث قوياً عن دول لديها نفس الرغبة الملحة فيما يشبه لعبة الدومينو التي يسقط فيها حجر فيتبعه كل الأحجار، لدرجة أن دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي حذر من أن مغادرة بريطانيا للاتحاد سيكون بمثابة »تهديد للسياسة والحضارة الغربية»، وفي السطور التالية استعراض لأهم الدول المرشحة للسير علي النهج البريطاني. السويد.. تعتبر نفسها بريطانيا الدول الاسكندنافية، حيث ترفض اليورو كعملة موحدة، وتتفق مع المملكة المتحدة في 90% من سياستها الخارجية، وإذا كانت غالبية السويديين ترفض الخروج من الاتحاد الأوروبي فإنه من المتوقع أن يتغير رأيهم بعد خروج بريطانيا، خصوصاً إن لم يغير الاتحاد من سياساته تجاه استقبال ودمج اللاجئين. الدنمارك.. نظمت استفتاء محدودا في ديسمبر الماضي لتقليص صلاحيات الاتحاد الأوروبي والحد من التبعية له، وهو ما صوت عليه المواطنون بنعم، وبعد خروج البريطانيين من المتوقع أن تخرج الدنمارك أيضاً إذ يخشي الدنماركيون من تأثير تدفق اللاجئين علي هوية مجتمعهم وأمن وسلامة نظامهم الداخلي، وكانت هناك شراكة بين لندن وكوبنهاجن في أي مفاوضات جرت مع الاتحاد الأوروبي بشأن الملفات الخارجية تحديداً، حتي أن مارلين فنت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة كوبنهاجن، تقول: »بدون بريطانيا لا تملك الدنمارك قاطرة تجر مصالحها». اليونان.. أزمة الدين العام اليوناني اختفت من عناوين الصحف الأوروبية، ولكن من المؤكد أنها ستعود عاجلاً وليس آجلاً، وتخشي صحيفة كاثيميريني اليونانية من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يحمل تهديداً لوضع اليونان كعضو في منطقة اليورو التي سيقل عزمها بلاشك تجاه مساعدة اليونان علي النهوض من عثراتها المالية المتكررة والتي تتطلب مزيدا من الإجراءات الاندماجية بين الدول الأعضاء، وهو ما تسبب بشكل كبير في خروج بريطانيا، وتري معظم الدراسات الصادرة عن مراكز بحثية ومخابراتية غربية، أن خروج اليونان من المنظومة الأوروبية سيكون أمراً حتمياً بدعوة أحزاب اليمين لاستفتاء شبيه بالاستفتاء البريطاني، وإن رفض اليونانيون فإن الاتحاد الأوروبي نفسه سيطردهم خارج المنظومة، أو ما سيتبقي منها، حيث إعلان أثينا إفلاسها أكثر من مرة خلال الأعوام العشرة الماضية وطلبها الدائم للمساعدات، بات عبئاً لا يُحتمل. هولندا.. صحيفة ألجمين الهولندية كتبت عنواناً ضخماً علي صدر صفحاتها الأولي قبل استفتاء الخميس الماضي، وكان موجهاً للإنجليز قائلاً: »لا تتركني بهذه الطريقة»، غير أن ذلك لا يعبر عن طريقة تفكير كثير من الهولنديين بشأن البقاء من عدمه في الاتحاد الأوروبي، حيث أعلن جيرت فيلدرز، زعيم حزب اليمين الشعبي، عن دعمه لخروج بريطانيا، معرباً عن أمله في تنظيم استفتاء مشابه في بلاده، وفي مقابلة مع محظة BB» قال فيلدرز: » إذا أردنا العيش كأمة فيجب علينا وقف الهجرة ومواجهة أسلمة مجتمعاتنا، ولن نتمكن من فعل ذلك طالما بقينا داخل الاتحاد الأوروبي»، ويحتل فيلدرز المركز الأول في كل استطلاعات الرأي الهولندية مما يؤشر علي أنه رئيس الوزراء القادم للبلاد. المجر.. من المعروف عن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ذي التوجهات اليمينية المعادية للاجئين، أنه لا يكن مشاعر الود للاتحاد الأوروبي، وفي آخر اجتماع لدول الاتحاد ببروكسل في مارس الماضي، داعبه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يانكر قائلاً: »صباح الخير أيها الديكتاتور» وهو ما سجلته كاميرات التلفزيون مصادفةً، ورغم ذلك كان أوربان يدعوا البريطانيين للبقاء ضمن المنظومة الأوروبية، ولكن المقربين منه يقولون إنه كان يفعل ذلك ذراً للرماد في العيون حيث إنه يرتبط بشراكات استراتيجية مع البريطانيين. وبسبب تدفق اللاجئين علي المجر العام الماضي، يعتزم أوربان تنظيم استفتاء لمواطنيه للتصويت علي مدي أحقية الاتحاد الأوروبي في السماح للاجئين بالدخول للقارة العجوز، في ظل غياب توافق برلمانات الدول التي يمسها القرار، ورغم ذلك من غير الواضح حتي الآن ما إذا كانت بودابست ستنظم استفتاء علي النمط البريطاني أم لا؟ فرنسا.. بعد ظهور نتيجة التصويت البريطاني مباشرة، دعت ماري لوبان، زعيمة اليمين المتشدد (حزب الجبهة الوطنية) والتي كانت تشجع البريطانيين علي الخروج، إلي استفتاء France-Exit وتشير استطلاعات الرأي في فرنسا، أحد أكبر بلدان الاتحاد الأوروبي، إلي أن 61% من الفرنسيين يرغبون في مغادرة قطار أوروبا الموحدة، ويعزز ذلك التوجه التهديدات الإرهابية والأزمات الاقتصادية، ويلقي الفرنسيون باللوم علي سياسات الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي فتحت ذراعيها لاستقبال اللاجئين وشجعت دول الاتحاد علي إجراءات تقشفية لمواجهة الأزمة الاقتصادية. اسكتلندا.. حالة خاصة بكل تأكيد، إذ إنها شهدت استفتاء عام 2014 لتحديد مصيرها بالاستمرار كجزء من المملكة المتحدة من عدمه، واختار الاسكتلنديون آنذاك البقاء ضمن بريطانيا العظمي بنسبة 55% من إجمالي الأصوات، ولكن المؤكد أن إدنبرة تريد البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي أيضاً، وتؤكد رئيسة الوزراء نيكولا ستيورجين، عضو الحزب القومي الاسكتلندي المناهض للبقاء ضمن المملكة المتحدة، أن خيار إعادة استفتاء 2014 مطروح بقوة مادامت بريطانيا أصبحت خارج الاتحاد الأوروبي.