نواصل قراءة أحدث كتب نعوم تشومسكي من يحكم العالم؟ الذي يؤكد أهمية قوة الاحتجاجات الشعبية وتأثيرها في القرارات السياسية, والتي تعتبر مصيرية لشعوب دول أخري. قائلا: ركزت برامج الليبرالية الجديدة من الجيل الماضي علي وضع الثروة والسلطة في أيدي قلة قليلة في حين أنها أضعفت الديمقراطية الحقيقية, لكنها أثارت المعارضة أيضا, وأبرزها في أمريكا اللاتينية, وأيضا في مراكز القوي العالمية. وأصبح الاتحاد الأوروبي. أحد أكثر التطورات الواعدة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, يترنح بسبب التأثير القاسي لسياسات التقشف خلال الركود, الأمر الذي لقي إدانة حتي من قبل الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي. وقد تم تقويض الديمقراطية, حينما انتقل صنع القرار إلي بيروقراطية بروكسل, مع إلقاء البنوك الشمالية بظلالها علي إجراءاتها. ويشير إلي أن الأحزاب الرئيسية أصبحت تخسر بسرعة أعضاء لصالح اليسار واليمين. وقد أرجع المدير التنفيذي لمجموعة أبحاث يوروبانوفا ومقرها باريس ذلك إلي مزاج العجز الغاضب حيث إن القوة الفعلية لصياغة الأحداث تحولت إلي حد كبير من القادة السياسيين إلي السوق, ومؤسسات الاتحاد الأوروبي والشركات, وهو ما يحدث أيضا في الولاياتالمتحدة. ويضرب تشومسكي مثلا بالغزو الأمريكي للعراق مشيرا إلي أنه كثيرا ما يقال إن المعارضة الشعبية الهائلة لغزو العراق لم يكن لها تأثير. وهذا الأمر غير صحيح. ويعلق: أحيانا تختار الدول اتباع الرأي العام, منتزعة بذلك الكثير من الغضب في مراكز السلطة. وكان الحال كذلك في عام2003, عندما دعت إدارة بوش تركيا للانضمام إلي غزوها للعراق, حيث عارض95 في المائة من الأتراك هذا التحرك. ويشير إلي أن الجمهور التركي لم يكن وحده في هذه المعارضة, فقد كانت المعارضة العالمية للعدوان الذي شنته الولاياتالمتحدةوبريطانيا العظمي كاسحة, ويضيف: بالكاد ما يصل الدعم لخطط حروب واشنطن إلي10% في أي مكان تقريبا, وفقا لاستطلاعات الرأي الدولية. كما أثارت المعارضة احتجاجات ضخمة في جميع أنحاء العالم, وفي الولاياتالمتحدة أيضا, ربما كانت المرة الأولي في التاريخ التي لقي فيها العدوان احتجاجا بهذه الشدة حتي قبل إطلاقه رسميا. ويقول: علي الصفحة الأولي من صحيفة نيويورك تايمز, قال الصحافي باتريك تايلر إنه ربما لا يزال هناك قوتان عظيمتان في العالم: الولاياتالمتحدة والرأي العام العالمي. وهذا يدل علي أن الحركة الشعبية المناهضة للحرب أصبحت قوة لا يمكن تجاهلها الآن, وحتي في السابق عندما جاء رونالد ريجان إلي السلطة مصمما علي شن هجوم علي أمريكا الوسطي. حيث قامت إدارته بمحاكاة الخطوات التي اتخذها جون كيندي قبل20 عاما عند شن الحرب ضد فيتنام الجنوبية, لكنها اضطرت إلي التراجع بسبب هذا النوع من الاحتجاج الشعبي القوي الذي لم يكن موجودا بمثل هذا الزخم في الستينيات. ويؤكد تشومسكي أن الغزو الأمريكي البريطاني للعراق جريمة كبري في القرن ال21 إذ أدي إلي مقتل مئات الآلاف في بلد كان يعاني في السابق دمار المجتمع المدني فيه, بسبب العقوبات الأمريكية والبريطانية التي كانت تعتبر أشبه ما يكون ب الإبادة الجماعية.. فضلا عن أن الغزو حرض علي الصراع الطائفي الذي يعانيه العراق, وكذلك المنطقة بأسرها.. مشيرا إلي أن أمريكا عانت في العراق, وتخلت عن الأهداف الرسمية للحرب, وغادرته لتتركه تحت تأثير المنتصر الوحيد, إيران.. كما يشير إلي الدور السلبي لكل من بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة في ليبيا, التي أصبحت مرتعا للإرهاب.