أصبح المشهد العالمي قاتما في ظل الإمبريالية الأمريكية التي زرعت الفوضي في العديد من بقاع العالم, وخلفت دولا مدمرة وشعوبا منهكة بسبب حروبها, هذا لسان حال أكثر المنتقدين لسياساتها الخارجية, البروفيسور نعوم تشومسكي الذي يرصد عن كثب في أحدث كتبه من يحكم العالم؟ تغير القوة الأمريكية, والتهديدات علي الديمقراطية في العالم, ومستقبل النظام العالمي. وذلك من خلال تقديم تحليل عن الوضع الدولي الراهن, في ظل صعود أوروبا وآسيا, ويقف عند الكثير من المحطات التاريخية من علاقة الولاياتالمتحدة بكوبا إلي تطوراتها الأخيرة مع الصين, فضلا عن مذكرات التعذيب والعقوبات علي إيران, ويبين تشومسكي أن الخطاب الأمريكي الداعي إلي العدالة وحقوق الإنسان انحرف عن مساره ليخدم مصالح المؤسسات المالية والشركات الكبري. يوضح تشومسكي أهم النقاط التي تشكل تحديا للقوة الأمريكية, ويناقش كذلك تأثير الحرب الأمريكية لمحاربة الإرهاب علي العالم الإسلامي, وكيف أن أفغانستان والعراق عانتا من الويلات والجرائم البشعة, ويستعرض ذلك من خلال التطرق إلي مشاريع النخب الأمريكية التي لا تكترث بعواقب الحروب علي الشعوب. يسعي تشومسكي في عمله هذا إلي استكشاف سؤال من يحكم العالم؟ كيف تقدم هؤلاء في جهودهم؟ وأين وصلت بهم هذه الجهود؟ ويتألف الكتاب من23 فصلا بعد المقدمة من بينها: مسئولية المثقفين, الإرهابيون أرادوا إنهاء العالم, اليد الخفية للقوة, الانحدار الأمريكي: الأسباب والعواقب, هل انتهت أمريكا؟, الأسبوع الذي وقف فيه العالم صامتا, اتفاقيات أوسلو: سياقاتها ونتائجها, عشية الدمار, لا شيء للآخرين.. الحرب الطبقية في الولاياتالمتحدة, هل الولاياتالمتحدة دولة إرهابية بارزة؟, حركة أوباما التاريخية, طريقان, التهديد الإيراني: من الخطر الأكبر للسلام العالمي؟, ساعة القيامة. ويشير في مقدمته إلي أنه منذ الحرب العالمية الثانية تقوم الولاياتالمتحدة بفرض تأثيرها في السياق العالمي, وتلعب دورا في العديد من الصراعات والدول مثل: إسرائيل, فلسطين, إيران, أمريكا اللاتينية, الحرب علي الإرهاب, المنظمات الاقتصادية الدولية, حقوق الإنسان ومسائل العدالة, والكثير من القضايا المتعلقة ببقاء الحضارة الإنسانية علي صعيد الحرب النووية والدمار البيئي, ويعلق: قوتها علي العموم, بدأت تتلاشي منذ أن وصلت إلي ذروتها التاريخية في عام1945, ومع الانحدار الحتمي, فإن قوة واشنطن إلي حد ما أصبحت مشتركة مع الحكومة العالمية الفعلية ل أسياد الكون في العصر الإمبريالي الجديد, في إشارة إلي مجموعة السبع إلي جانب المؤسسات التي يتحكمون بها مثل صندوق النقد الدولي ومنظمات التجارة العالمية. يؤكد تشومسكي أن أسياد الكون اليوم, ليسوا بالتأكيد الشعوب, حتي في الدول الديمقراطية ليسوا هم, فتأثيرهم محدود فيما يتعلق بالقرارات الخاصة بالسياسة والتخطيط, مشيرا إلي أن النخب الاقتصادية والمجموعات المنظمة وحدها تملك التأثير في القرارات الأمريكية, في حين أن المواطنين الأمريكيين لا يملكون إلا القليل من التأثير, وأحيانا لا يملكون. ويقول: عندما نسأل( من يحكم العالم), نتبني في العادة الإجماع العام علي أن الأطراف الفاعلة في الشئون العالمية هي الدول, وعلي رأسها القوي العظمي, ونفكر في قراراتها والعلاقات فيما بينها. بينما نتجاهل أسياد البشرية, كما سماهم الفيلسوف والاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث في عصره, حيث قصد التجار والصناعيين من إنجلترا, أما في عصرنا, هؤلاء الأسياد هم التكتلات متعددة الجنسيات, والمؤسسات المالية الضخمة, إمبراطوريات التجزئة.. وللحديث بقية..