استطاعت إسرائيل في الفترة الأخيرة إظهار والترويج لضيق صدرها بمعدل الحركة الفلسطينية في مجال محاولات تسوية الملف المشترك بين الجانبين و هو ما صاحبته اتهامات إسرائيلية للفلسطينيين بالتراخي و توعدهم باتخاذ إجراءات من جانب واحد في بعض الملفات المشتركة و التلويح بهذه الفكرة علي المستوي الداخلي و الخارجي, وذلك في الوقت الذي مازال الجانب الفلسطيني يحاول استخلاص أفضل الصيغ لمواجهة التحرك الإسرائيلي الحالي و المحتمل مع بحث إمكانيات التوصل إلي قدر من وحدة الصف الفلسطيني في ظل ما يبدو من ميل لمزيد من التباعد في المواقف الفلسطينية ذاتها. و لعل ابرز المواقف الإسرائيلية الجديدة قد تمثل في الترويج لأن تطرح إسرائيل حاليا فكرة وضع ترتيبات مؤقتة بشأن عملية السلام مع الفلسطينيين بدلا من محاولة التوصل لاتفاق نهائي علي ان تكون هذه الترتيبات بحلول الخريف القادم تقريبا حيث تحاول إسرائيل فصل الدولتين, و ذلك مع تعذر التوصل إلي اتفاق نهائي بموافقة فلسطينية هو الأمر الذي سارعت النيويورك تايمز إلي إظهاره في مطلع مارس الحالي وفي نفس الوقت أظهرت بعض التسريبات توقع مسئول إسرائيلي أن يقوم نتنياهو بطرح خطة سياسية جديدة خلال مؤتمر المنظمات اليهودية إيباك في واشنطن في مايو القادم بالتركيز علي الاعتراف بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة تراعي الترتيبات الأمنية لإسرائيل. وإذا كانت فكرة التحرك من جانب واحد قد وجدت بعض أسسها خلال الفترة الماضية انطلاقا مما طرحه وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان في هذا المجال إلا أنها تكتسب بعدا جديدا بلا شك من خلال ما يبدو من تأييد بل وتبني نتنياهو لهذه الفكرة باعتبارها أحد المخارج الممكنة من جانب إسرائيل للتغلب علي صعوبة الاتفاق مع الجانب الفلسطيني لاسيما مع تصدير إسرائيل لتقديرها بوجود عبء علي سياساتها الداخلية و الخارجية إرتباطا بدرجات الجمود الحالية في تحقيق اختراق في هذا الملف بصفة خاصة, و في ظل بعض التسريبات حول تركيز الاهتمام الأمريكي علي محاولة البحث في إمكانيات تنشيط الملف السوري الإسرائيلي. ومن ناحية أخري فرغم إشارة بعض المصادر الإسرائيلية إلي ما تراه الولاياتالمتحدة من أهمية اتخاذ إسرائيل لخطوات إيجابية إلا أنه قد وضح الميل إلي التركيز علي ما ذكره الرئيس الأمريكي أمام قادة المنظمات السياسية في أمريكا هذا الأسبوع بضرورة أن تستخدم إسرائيل قوتها عسكريا و سياسيا و ثقافيا لإيجاد صيغة مناسبة لعملية السلام خاصة و ان الرئيس عباس يهدف لإقامة دولة فلسطينية أثناء فترة حكمه وانه من الممكن أن يوافق علي إجراء مناسب إذا ما عرض عليه. أما علي الجانب الفلسطيني فمازالت الرئاسة الفلسطينية تحمل إسرائيل مسئولية أي تحرك سلبي قد يرتكبه المستوطنون ضد المواطنين في الضفة في الوقت الذي وضح فيه زيادة المساجلات بين كل من فتح و حماس, حيث أكدت فتح ان استمرار الحال يعد في غير الصالح الفلسطيني و طالبت بأهمية التوقيع علي وثيقة المصالحة أولا في حين عبر أنصار حماس عن ان الحركة تعد مبادرة لإصلاح البيت الفلسطيني و استعادة الوحدة الوطنية علي ألا تضع فتح أية عراقيل باعتبارها ذريعة لإخفاء مواقفها الحالية. و بصورة عامة فإن تكثيف الاتجاه الإسرائليي نحو طرح حل من جانب واحد و الذي قد يحظي في مرحلة ما بتأييد أو استسلام أمريكي سيستمر في أخذ مبرراته اعتمادا علي حجم الحركة الفلسطينية و الذي يبدو متواضعا في مجال الوحدة الداخلية وإن كان يبدو أكثر ترجيحا في محاولة خلق وقائع علي الأرض يمكن ان تشكل إذا ما أتيحت الفرصة لها اساسا في اتجاه خدمة الأهداف العامة للجانب الفلسطيني, هذا رغم تقدير الجميع بأن إسرائيل قد تعد أكثر قدرة علي استباق التحركات الفلسطينية سواء اعتمادا علي بطء هذه التحركات من ناحية, أو صعوبة استمرار الغطاء الداخلي و الخارجي المؤيد لها من ناحية أخري.