وكما تفعل إسرائيل دائما فقد سعت فى البداية لكسب معركة تفوقها على الأرض فى مواجهة الجانب الفلسطينى تمهيدا لطرح مزيد من المفاهيم على الإدارة الأمريكية وقد اعتمدت فى حركتها على تمهيد المناخ مع حماس من خلال صفقة الجندى شاليط مقابل الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية فى الوقت الذى تلوح فيه كذلك بإمكانيات التجاوب مع ما قد تطرحه واشنطن من اعتبارات تستهدف تحريك الأوراق فى المنطقة. جاءت البداية من داخل إسرائيل عن طريق العديد من الخطوات التى تمثل أهمها فى التالى: *طرح مجلس الوزراء الإسرائيلى مشروع قانون مثير للجدل لإعلان مدينة القدس منطقة أولوية وطنية وجعلها ضمن مناطق التطوير فى مجالات الإسكان والتعليم والتوظيف بما يثير ذلك من توجيه المزيد من المخصصات والجهود لصالح حركة إسرائيل فى هذا المجال وإن كان من الملاحظ أن قرار الكنيست بتأجيل النقاش والتصويت عليه يجعل منه مادة مساومة داخلية من ناحية فضلا عما يجعلها فى يد رئيس الوزراء الإسرائيلى فى حواره مع واشنطن لاسيما مع ما هو معروف من وجود العديد من القرارات المؤجلة من جانب رئيس الوزراء سواء بشأن استئناف المفاوضات أو مسألة استئناف تجميد البناء فى المستوطنات. *بدء التحركات الفعلية داخل إسرائيل من جانب الجماعات اليهودية المتطرفة بأعمال ضد بعض التجمعات الإسلامية داخل إسرائيل داخل الخط الأخضر الحدود الإسرائيلية فى قرية أم الفحم مع تصدى أهالى المدينة لمسيرات تنظمها الجماعات اليهودية وهو الأمر الذى لا يبدو منفصلا عن تصريحات رئيس الوزراء فى الفترة الأخيرة حول يهودية الدولة وضرورة الاعتراف بها بما يشير إلى اعتبار مثل هذه التحركات بمثابة عودة لتحركات مماثلة على مستوى داخل إسرائيل فى المناطق لاسيما من جانب المستوطنين اليهود خاصة مع إحياء ذكرى «مائير كاهانا» بما تثيره من أبعاد على مستوى التعصب الداخلى. *التلويح دعائيا بسيطرة رئيس وزراء إسرائيل على الاتجاهات اليهودية المتشددة واعتباره صمام الأمان ضد مزايدات العناصر الداخلية خاصة فى مجال الاستيطان فى الوقت الذى تشير فيه العديد من الصحف الإسرائيلية إلى اهتمام نتنياهو بدراسة العديد من البدائل بدفع الأمور فى المرحلة القادمة. ومن جانب آخر فإن الحوار الذى يجريه رئيس الوزراء الاسرائيلى حول صفقة تبادل الجندى شاليط مقابل أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والتى مازالت تخضع للعديد من التفاصيل الدقيقة إلا أنها مازالت تصب من الناحية السياسية فى مفهوم إظهار قدرة رئيس الوزراء الإسرائيلى على تحقيق نجاح مع الجانب الفلسطينى وخاصة حماس فى بعض الظروف. إعلان نتنياهو أنه ينتظر رد الفعل الفلسطينى بالتزاماتهم بإجراء مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة مع تلويحه بأن أى محاولة للالتفاف على المفاوضات المباشرة من جراء التوسع فى البناء لن يساعد على دفع السلام، حيث إنه يرى أن السلام والأمن يمكن تحقيقهما للشعبين فقط من خلال المفاوضات المباشرة وهو ماحاول معه إظهار خطورة التحركات المنفردة التى قد يقدم عليها الفلسطينيون من ناحية مع التحذير كذلك من التراجع عن فكرة المفاوضات المباشرة. أما من الناحية المقابلة فإن المواقف الفلسطينية قد اتخذت بعض الأبعاد نخص منها ما يلى: *استمرار التلويح لإمكانيات القيام بتحركات متعددة فى اتجاة التغلب على مشكلات المفاوضات الحالية وذلك باعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد بعد إجراء تمهيد كاف مع كل من واشنطن وفى اتجاة اتخاذ قرار من مجلس الأمن بالنسبة للدولة. *محاولة تثبيت أو الحد من إمكانية التراجع فى الموقف الفلسطينى سواء إزاء قضية المصالحة الوطنية والتى توقفت خيوطها الظاهرية عند مكان انعقاد جلسة الحوار النهائى والإعلان عن التوصل لاتفاق، ذلك فى الوقت الذى تبدو فيه أهمية دفع الدور المصرى من خلال تحركات كل من الوزير عمر سليمان أو وزير الخارجية أحمد أبو الغيط فى اتجاه تذليل العقبات المطروحة للتغلب على جمود عملية السلام والحوار المباشر بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى من ناحية أخرى. وبصفة عامة فمن الملاحظ اتجاه جميع الأطراف لخدمة مواقفها المطروحة دون تقديم تنازلات ملموسة قد تؤخذ على مواقفها فى فترة يرى الجميع أنها تعد استرشادية لدفع الجهود الفعلية للتسوية وإن كان من الملاحظ أنه رغم محاولات تجميع الاتجاهات الفلسطينية فى اتجاه متجانس إلا أنها مازالت فى إطار التمسك بالثوابت فى محاولة لعدم دفع الموقف نحو التراجع.