حينما تقف بحمام بيتك مزهوا بصدي صوتك وأنت تغني أسفل المياه المتدفقة, حتما لا تظن أن من ترد عليك صوتك هي روح الفتاة المحلقة إكو!! لكن هذا هو ما توصل إليه الإغريقي في أسطورته. بداية الأسطورة.. وقع زيوس كبير الآلهة في غرام فتاة جديدة, أزمته كانت في الطريقة التي سيخفي بها هذه النزوة عن عيون الربة هيرا زوجته, لكن ولأنه يعرف حبها للثرثرة حدثها عن فتاة جميلة اسمها إكو معروفة بقصصها وحكاياتها الشيقة, وبالفعل وكثرثارة أصيلة ابتلعت هيرا الطعم وانشغلت بصديقتها الجديدة ليعيش كبير الآلهة حياته. غضب الربة.. شعرت هيرا بتغير زيوس, فأوهمته بذهابها لصديقتها إكو ثم خرجت وتوارت حتي خرج هو وتتبعته لتمسك به متلبسا مع فتاته!! انفجرت هيرا بغضب ومسخت عشيقة زوجها إلي بقرة, ولأنها اعتقدت أن صديقتها الجديدة إكو متواطئة مع زوجها الخائن في كل ما جري, اتجهت إليها وأنزلت عليها لعنة قضت بخرسها إلا من ترديد صدي الأصوات من حولها! دقة القلب.. هجرت إكو الناس نحو الغابة بعدما خرست وراح صوتها, توسلت لكل الآلهة ولكن من يجرؤ علي إغضاب الربة هيرا! وذات يوم وبينما إكو ممددة وحيدة, فوجئت بالشاب الإغريقي الشهير نركسوس وقد ضل طريقه عن باقي أصحابه, وسامة نركسوس لم تكن طبيعية, لم لا وقد خرج إلي الدنيا بعدما بعث إله أحد الأنهار بمياهه الدافئة إلي جنبات رحم إحدي الحوريات وهي تستحم فيه فجاء هو إلي الدنيا! ومثل كثيرات من بنات أثينا, دق قلب إكو لطلة نركسوس وسحرت به, لكنها لم تعرف كيف تعبر له عما في قلبها بلسان معقود! واكتفت بالمشي خلفه بالغابة متيمة بحبه دون شعور, لم تدرك إكو لحظتها أن الحب من طرف واحد سيجعلها تنصهر بالمعني الحرفي للكلمة! جرح الروح.. شعر نركسوس بخطوات متوارية خلفه تدوس فوق الحشائش, هتف: من معي في المكان؟! فلم يسمع إلا أصداء صوته التي كانت إكو ترددها بعده! ولما اكتوت بنار الحب ويأست من الإفصاح بلسانها, كشفت له عن نفسها, فاندهش من وجودها وعدم ترديدها إلا صدي صوته! ولم تجد إكو إلا احتضانه بكل حنان العالم كي تعبر له عما فيها! فما كان منه إلا جرح روحها بعد أن نفر منها وتركها راحلا في قسوة! وجع القلب.. انكسرت إكو بقسوة واستندت بحزنها لشجرة ولم يطلع الصبح إلا وقد انصهر جسدها الجميل وتبخر من فرط وجع القلب! اختفت إكو من الدنيا ولم يتبق منها إلا روح شفافة تسري بأصداء أصوات كل البشر! لكن أفروديت ربة الحب والجمال ما كانت لتصمت علي ما اقترفه نركسوس في حق إكو! انتقام أفروديت.. ثم شاء القدر أن يمر نركسوس بالغابة مرة أخري, وحينما عطش وانحني ليشرب من الغدير, هيأت له أفروديت انعكاس صورته في الماء علي هيئة فتاة خلابة سلبت عقله, هجر الدنيا وأقام عند الغدير وكلما اقترب بشفتيه ليقبلها كانت تزول! ومع الوقت جن جنونه وذبل عوده حتي مات من تعب العشق المستحيل! شهدت روح إكو المحلقة لحظة رحيل نركسوس عن الدنيا, بكت عليه بصدق, وقبل أن تسقط دمعتها علي جسده, تحول نركسوس علي حافة الغدير إلي زهرة نرجس! وفي النهاية, اندثر نركسوس وتحول لزهرة بعدما انصهرت إكو قبله وتبخرت كأصداء لصوت البشر أجمعين, ولا أحد يعلم مقدار الحقيقة بتلك الأسطورة والتي حتما لها جذور بواقعها الإغريقي, لذا حينما يعجبك صوتك بالحمام فاعلم أنك قد لا تكون وحدك, لربما روحها تغني هناك إلي جوارك! twitter.com/sheriefsaid