تعددت المفاهيم والأشكال والتعاريف الخاصة بالصهيونية العالمية حينما شاع استخدام هذا المصطلح في العصر الحديث ولكن في حقيقة الأمر أن اليهود استخدموا معناه منذ منتصف القرن الأول قبل الميلاد وأشاروا الي انه يعني العودة الي صهيون إشارة الي مدينة أورشاليم( القدس) التي يقع بها تل صهيون وكذلك الإشارة الي أرض كنعان( فلسطين اليوم). ولكن المفكرين في العصر الحديث يهودا كانوا أو غير يهود أخذ كل منهم يبلور مفهوم المصطلح من وجهة نظره ومصلحته أو الجماعة التي يمثلها سواء كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية واشتركوا جميعا في إضافة المعني القديم الي مفاهيمهم ومعتقداتهم وهو العودة الي صهيون للمحافظة علي الهدف وهو الرجوع الي أرض الآباء طبقا للوعد الإلهي المزعوم في أسفارهم كما يدعون. عند النظر الي المفهوم القديم نجده ارتبط ارتباطا وثيقا في البداية بالمفهوم الديني والذي سجل ودون في أسفار العهد القديم عند إعادة كتابتها سنة500 قبل الميلاد في صورة الوعد الإلهي لأنبيائهم بواسطة عزرا النبي ومعه فريق من المدونين والحفظة لشريعة موسي عليه السلام( التوراة) بعد العودة من الأسر البابلي والدعم من الإمبراطور الفارسي قورش وأبنائه من بعده( أرتحشستا الأول والثاني) في منتصف القرن الأول قبل الميلاد وكان هذا المفهوم يمثل أول أشكال الصهيونية وهي الدينية ارتباطا بتل صهيون في مدينة القدس القديمة والذي كان أول مقر لحكم الملك داود عليه السلام وهو أول ذكر لكلمة صهيون, حيث جاء في سفر صموائيل الثاني الإصحاح الخامس وكذلك في المزمور الثاني من مزامير داود وأيضا المزمور التاسع دعاء داود رنمو للرب الساكن في صهيون. وارتبط المفهوم القديم أيضا بالسياسة واستخدم لأول مرة حين قبل النبي نحميا بالعودة الي القدس لبناء أسوارها مرة أخري بعد العودة من الأسر البابلي للعمل في وظيفة الوالي علي مدينة أورشاليم في مقابل منع أي من أحفاد وورثة الملك سليمان عليه السلام من العودة الي حكم المدينة المقدسة عند اليهود وإقامة المملكة مرة أخري وكذا في مواجهة المعارضين العرب بقيادة ملكهم جشم العربي والذي ذكر في سفر نحميا الإصحاح السادس أو تقدم جيش الفرعون المصري من خلال سيناء, وفي اتجاه الشام ثم تكرر استخدام معني( الصهيونية السياسية) بعد ذلك مع الثوار الحشمونيين( من اليهود) في التعامل مع السلوقيين( الولاة الممثلون للحكم المقدوني في أنطاكية) ومع الحكم الروماني أيضا في سبيل الحصول علي الحكم الذاتي لليهود في فلسطين في نهاية القرن الأول قبل الميلاد وبداية القرن الأول الميلادي حيث استطاع الرومان القضاء علي الثورة الحشمونية وامتدادها علي مرحلتين الاولي سنة70 ميلادية بواسطة طيطيس القائد الروماني الذي هدم الهيكل الثاني في القدس وطرد كل اليهود من المدينة المقدسة وحرم عليهم العيش والحياة فيها نهائيا..والمرحلة الثانية عندما طرد القائد ادريان الروماني عام130 ميلادية جميع اليهود من ارض فلسطين حيث بدأ عصر الشتات الثاني. بدأ المفكرون اليهود في إعادة استخدام تلك المفاهيم في القرن الثامن عشر الميلادي أي بداية العصر الحديث منذ ظهور حركة الاستنارة اليهودية الإصلاحية( الهاسكالاه) بزعامة الحاخام الالماني اليهودي موسي مندلسون, بعدما استمد الجرأة والشجاعة للخروج من الجيتو في الشتات الثاني بأوروبا نتيجة ما قام به القس الالماني مارتن لوثر حين انشق علي الكنيسة الكاثوليكية بروما وأضاف أسفار موسي الخمسة الي الكتاب المقدس تحت مسمي العهد القديم بعد ترجمتها الي الالمانية وتأليفه كتاب المسيح ولد يهوديا مما رفع الروح المعنوية لليهود وبدأوا حركتهم في المجتمع الاوروبي بكل حرية. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا