التاريخ يسجل أن مدينة القدس إحدي مدن أرض كنعان( فلسطين) وأن أول اسم أطلق عليها هو يبوس نسبة إلي اليبوسيين وهم من القبائل الكنعانية التي هاجرت من الجزيرة العربية منذ3000 عام ق.م وأن أول من بناها سالم اليبوسي وحصنها وأسماها أورسالم وهو اسم كنعاني يعني مدينة السلام. وقد وردت هي وكلمة اورشاليم في الكتابات الكنعانية التي تعرف برسائل العمارنة في القرن15 ق.م وكذلك عند الاكاديين(سكان ما بين النهرين)وعند اليونان والرومان باسم هيروساليم وعند العرب إيليا والقدس وبيت المقدس. ورد في كتب اليهود المقدسة(أسفار العهد القديم)أن أول ذكر للقدس أو اورشاليم عندما حل نبي الله ابراهيم بأرض كنعان مهاجرا وقابل ملك القدس ملكي صادق وقصتهما معروفة في سفر التكوين وبعدها سافر إلي مصر وعاد منها واستقر في الخليل حيث دفن فيها أي أن القدس لم تكن هدف له سواء دينيا وعقائديا أو سياسيا ولم تذكر في حياة أولاده إسماعيل وإسحاق ومن بعدهم يعقوب والأسباط ولكن بدأ ذكرها في أسفار الملوك التي تقص كيف انشأ شاؤول وداود وسليمان المملكة المتحدة في أرض كنعان وبداية داود في فتح اورشاليم باحتلال التل الجنوبي الشرقي منها ويسمي صهيون(جبل المكبر)والذي بني فيه بيت للرب ليحكم منه وبعد فتح المدينة وتولي نبي الله سليمان بدأ مع الفينيقيين في بناء الهيكل/المعبد/بيت الرب من خشب الأرز فوق الهضبة الشمالية للقدس والمعروفة بالمسجد الأقصي أو قبة الصخرة حيث لا يحتاج إلي حفر أساسات ومع العلم أنه أنشأ هياكل كثيرة كما جاء في سفر الملوك الثاني لإرضاء زوجاته طبقا لعباداتهم. بعد موت سليمان وانقسام دولته إلي شمالية وعاصمتها شكيم(نابلس)وجنوبية وعاصمتها(اورشاليم)انصرف الشماليون(عشرة أسباط)عن هيكل سليمان وشيدوا معابد أخري في بيت آيل ودان(منطقة أملاك سبط دان)وتمت العبادة بهما بينما سبطا يهوذا وبنيامين استمرا في اورشاليم إلي أن قامت الدولة الأشورية بتدمير المملكة الشمالية وتدمير الهيكلين في آيل ودان ثم قامت الدولة البابلية وهزمت الآشوريين ومملكة يهوذا وتدمير هيكل سليمان وأسر اليهود عام586 ق.م. وبعد هزيمة البابليون من الفرس عاد اليهود وصرح لهم بناء هيكلهم مرة ثانية في القدس ولكنهم لم يقدسوه حيث مارسوا فيه الرذيلة وانتشر الباعة الجائلون فيه حتي عندما بدأ السيد المسيح دعوته كما جاء في إنجيل لوقا ولما دخل الهيكل أخذ يخرج الذين يبيعون ويشترون فيه قائلا لهم إنه بيت الصلوات وأنتم جعلتموه مغارة لصوص. ثم جاء الرومان وهدموا الهيكل الثاني لثورة اليهود عليهم وحرموا علي اليهود الدخول والإقامة في القدس تماما عام70 م علي يد طيطس الروماني إلي أن تم طردهم من كنعان(فلسطين)علي يد ادريان الحاكم الروماني نهائيا عام130 م وعاشت القدس في سلام حتي جاء الفتح الإسلامي عام636 م ولم يكن هناك أثرا للهيكل أو ما يدل عليه وظلت القدس14 قرنا في ظل الحكم العربي الإسلامي. مما سبق يتضح أن كتاب اليهود المقدس(أسفار العهد القديم)لم يشير أو يلزم اليهود بتقديس ديني وعقائدي للقدس ولم تطلب من أنبياء بني إسرائيل جميعهم التمسك والإقامة في القدس فيما عدا نص في سفر الملوك الأول لداود بناء بيت الرب في صهيون سبق وتركه وأمر ببناء الهيكل الذي لم يقدس ولم يحترم وبذلك يكون الهدف هنا سياسي للتمسك بأرض الميعاد كما يعتقدوا وهي رمز للعودة مشفوعا برابط ديني حتي يعطي المبرر والدافع للعودة إلي(أرض فلسطين)والحفريات والأنفاق التي تقوم بها إسرائيل الآن تحت المسجد الأقصي ليس لها هدف سوي تقويض أساسات المسجد تمهيدا لهدمه وإزالته كأثر ورمز إسلامي مقدس تقام فيه شعائر المسلمين لمكانته المقدسة. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا