احتفل الأهرام يوم الأحد الماضي بعيد ميلاده رقم140 عاما عن بداية مشواره.. في شهر أغسطس عام1876 وذكر الأهرام تاريخ نجوم إنشاء الأهرام.. بداية من الأخوين سليم وبشارة تقلا من الإسكندرية إلي القاهرة بعد أن سافر إلي لبنان.. وتولي الرئاسة أعداد من النجوم الصحفيين.. منهم داود بركات.. ثم أنطون الجميل.. وبعدهم جميعا جاء الأستاذ محمد حسنين هيكل في النصف الثاني من القرن العشرين في الخمسينيات, ومرت السنون وجاء دور الشباب في القيام بدورهم في رحلة الأهرام العظيمة, وسوف أذكر دور الشباب وأنا منهم سعيد عبدالغني المحامي الشاب الشهير بنجاحه الكبير في عالم المحاماة, ومكسبه الدائم قانونا بمرافعاته القانونية التي كانت تؤدي إلي البراءة دائما!!. دخلت الأهرام.. وأنا محام.. عام1960 وتم ضمي إلي القسم القضائي, والحوادث, في هذا القسم الكبير الذي كان يضم أكثر من عشرين شابا هم القوة المتحركة في جميع الاتجاهات الصحفية, التي يطلب منه التدخل فيها نتيجة لقدراتهم علي ذلك, وأول يوم دخلت فيه إلي هذا القسم لم أجد مكانا لي, وكان أول لقاء لي مع الصديق الصحفي الشاب مكرم محمد أحمد الذي أجلسني بجواره علي مقعده, حتي يصل مقعد خاص بي, وتعرفت علي باقي الزملاء العشرين منهم سامي متولي وحسين غانم, ورئيس القسم محمود عبدالعزيز, ومجموعة من أعظم وأقوي شباب في عالم الصحافة, وكنا في المبني القديم, بمظلوم في نهاية شارع الشريفين خلف مبني الإذاعة!! والمهم.. أن الأستاذ هيكل طلب لقاء مجموعة العاملين, ومنهم قسم الحوادث والقضايا وحضرنا جميعا الاجتماع, وأعلن أنه في طريقه إلي بناء مبني للأهرام الجديد.. واشترط أن يسهم كل العاملين اشتراكا ماديا قيمته مائة جنيه من كل فرد يخصم من أرباحه السنوية, مقابل سندات شهادات بمائة جنيه.. وعددها من خلال سنوات الخصم لبناء الأهرام الجديد!! وتمت موافقة كل العاملين علي المساهمة في بناء الأهرام الجديد من خلال خصم المائة جنيه من كل واحد.. والسندات تؤيد عدد سنين الخصم, مثلا أنا كان يخصم مني حتي7 سنوات.. من بداية الخصم حتي الانتهاء من بناء الأهرام الجديد.. وتعطي هذه السندات بعدد السنوات التي أسهم بها من يلتحق بالأهرام!! ونحن في المبني القديم كانت علاقاتنا جميعا ببعض قوية, وفي يوم كنت مع الزميل أحمد بهجت نقف في صالة المبني القديم والتقي بنا رئيس التحرير الأستاذ هيكل وسألنا عن سبب وقوفنا, فقلنا إننا الآن في حالة استعداد لمواجهة الهجوم الإسرائيلي والأهرام يجهز نفسه لخفض عدد صفحاته لمواجهة الحرب فقال لنا الأستاذ.. وأنتم ؟ قلنا نحن سوف لا نفعل شيئا!! قال عايزين تحاربوا؟ قلت له ياريت ياريس, فقال عظيم إنت تحب تسافر للحرب والدفاع عن مصر؟! قلت له ياريت يا فندم, فأنا مقاتل منذ أيام الجامعة. ورئيس فصيلة تحمي كوبري المعاهدة ومعي شباب زملاء من الجامعة حقوق عين شمس؟ فقال لي خلاص يا سعيد, اذهب غدا إلي المخابرات المصرية ليرتبوا لك السفر إلي شرم الشيخ.. وستكون مراسلا حربيا.. مثلي أيام لما بدأت مشواري الصحفي كمراسل حربي في كوريا أيام انقسامها!! وفعلا سلمت علي جميع أصدقائي الشباب, وذهبت إلي شرم الشيخ بعد أن تم إبعاد القوات الكندية التي كانت موجودة هناك, والرحلة إلي شرم الشيخ أيام كانت عبارة عن صحراء يقوم فيها الجيش المصري بقيادة الفريق عبدالمنعم خليل, ولها حكاية كبيرة ورائعة استمررت فيها خمسة أيام أطوف في جميع أركان قواعد الجيش المصري هناك وأنا أرتدي ملابس الجنود وعلي كتفي إشارة مراسل حربي, وبعد هذه الأيام الخمسة طلبت العودة إلي القاهرة, بعد أن قمت بدوري الصحفي في هذه الفترة وطلبت من الفريق السماح بالعودة إلي القاهرة لأنشر الموضوعات التي قمت بتصويرها في أماكن جبلية ورملية مع مجموعة من شباب الجيش الحربي, ووافق اللواء علي سفري وضرورة عودتي علي نفس الطائرة, وطلب من ضابط زميله أن يرسل معي تصريحا بعودتي إلي شرم الشيخ علي نفس الطائرة!! وفعلا.. سافرت بالطائرة العائدة إلي القاهرة, صباحا وكانت التاسعة صباحا.. وكانت إسرائيل قد أعلنت الحرب وضربت بطياراتها جميع المطارات المصرية وأنا في الطائرة أخبرني القائد بأنه سيهبط بالطائرة علي مياه البحر, بعيدا عن ردارات العدو.. وسينزل في مطار الأقصر, تم وصولنا لمطار الأقصر, وفي لحظة الهبوط هاجمتنا أربع طائرات إسرائيلية وضربت بأسلحتها طائرتنا التي انفجرت علي أرض المطار, وأعلن عن وفاتي أنا وكل من كان معي في الطائرة!! وعرفت مصر بخبر بوفاتي وهذه حكاية أخري لواحد من شباب مصر.. الصحفي في الأهرام!! وإلي لقاء.. لتكملة دور الشباب في مشوار صحافة الأهرام!! وحماية الوطن!!