عيون المشاهد.. شاهدت حروبا وعاشت فيها.. وعادت ذكري اللقاء مع الزعيم جمال عبدالناصر بعد44 عاما علي رحيله.. وأبدا لن أنسي لقاءاتي معه.. وأحداث هذه اللقاءات التاريخية التي سجلها التاريخ وشهدها الزمن!! منها حرب56 بعد قرار تأميم قناة السويس.. وكنت فيها قائد فصيلة من طلبة كلية حقوق عين شمس.. وحملنا السلاح.. وكان موقعنا لحماية مرور العدو إلي القاهرة.. مع باقي فصائل طلبة الجامعات.. علي منطقة كوبري المعاهد في طريق الإسماعيلية والقناة.. وعام67 عاشت العيون كمراسل حربي للأهرام في شرم الشيخ.. وعشت الموت فيها.. وكتب الله لي الحياة.. ومن شرم الشيخ.. ركبت الطائرة في طريقي إلي القاهرة.. ونحن في السماء في طريقنا إلي القاهرة.. صاح قائد الطائرة الحربية التي أركبها.. وهي طائرة تموين للمواقع الحربية.. وقال إن إسرائيل أعلنت الحرب في الساعة التاسعة صباحا.. وسنضطر للهبوط إلي سطح مياه البحر الأحمر حتي لاتكشفنا بعض رادارات العدو.. وتفاديا للقاء طائرات العدو ونحن عند إقترابنا لمطار الغردقة.. وعند إقتراب الطائرة للهبوط علي أرض المطار.. لحقت بنا أربع طائرات للعدو.. وكان مطار الغردقة هو آخر المطارات المصرية التي تم تدميرها من الطائرات الاسرائيلية.. وفجأة أطلقت الطائرات قذائفها علي طائرتنا.. فأنفجرت الطائرة بمن فيها وأنا منهم.. ولكني وجدت نفسي وسط الرمال المحيطة بطريق قاعدة المطار.. وأصبت ببعض الكدمات.. والذهول.. والرمال.. وفي يد ممسكة بحقيبة بها عشرون فيلما تم تصويرها في شرم الشيخ.. وأنا من صورها بكاميرا تصوير معي.. وكانت شرم الشيخ أيامها مجرد صحراء.. بها بعض الكثبان الرملية.. والأشجار المتحجرة في بعض المناطق القريبة من مياه البحر.. وأفقت وسرت بهذيان اليقظة والصدمة لأصل إلي موقع القيادة في المطار.. وكان عبارة عن حجرات متلاصقة منها حجرة قيادة المطار وبجوارها حجرات البنزين وقطع الغيار الكاوتش وكلها ضربتها الطائرات وتشتعل فيها النيران.. وأنا أرتدي ملابس جندي.. وعلي رأسي طاسة واقية وعلي كتفي قطعة قماش مكتوب عليها.. مراسل حربي.. وكل ما في المطار مشتعل بالنار.. ومحاولات الدخول في فندق.. والرحلة هذه لها تفاصيل سأنشرها في وقت آخر.. وسأذكر الآن المهم الأكثر.. وهو إعلان وفاتي بعد انفجار الطائرة من خلال القيادات ومنها القائد الرائع الذي لي معه حكاية رائعة هي الآخري اللواء عبدالمنعم خليل قائد قوات شرم الشيخ.. والذي طلب مني صباح يوم رحيلي إلي القاهرة.. وكنا نفطر معا.. أن أعود علي نفس الطائرة بعد يوم من كتابة شغلي الصحفي.. وقام ضابط اتصالاته بكتابة تصريح سفري وعودتي علي نفس الطائرة التي كنت لها.. وعلم الأهرام بموتي واتصل الأستاذ هيكل بأسرتي الذي علمت بوفاتي.. وعرض علي زوجتي كل الإحتياجات التي تحتاجها في هذه الظروف.. وطمأنها علي أني علي قائمة المفقودين وهناك أمل في عودتي.. المهم ذهبت إلي مدينة الغردقة وبقيت فيها عدة أيام وأقمت في القاعدة البحرية بالسويس وفي السويس.. التقيت بالصدفة مع القائد اللواء عبدالمنعم خليل.. الذي إنسحب مع قواته من شرم الشيخ إلي السويس وفوجئ بأنني حي.. والمهم سألني عن عودتي إلي القاهرة.. وطلب مني أن أخبر القيادات المصريةعن إنسحابه بالقوات.. وأن الخسارة هي ثلث القوة.. والثلثان الباقيان سوف يقفون علي إمتداد شاطئ القناة وهذه هي القوة الوحيدة لحماية القناة من العدو إذا حاول العبور!! وصلت إلي القاهرة بالقطار.. وكانت محطة القاهرة أجهزة إنارتها هي وسيارات القاهرة مدهونة باللون الأزرق.. وركبت تاكسي إلي الأهرام ليلا.. وكان أمام باب الأهرام ألياس رمال.. ويقف أمام الباب أحد الزملاء وعندما أردت الدخول إلي الباب منعني وسألني ماذا تريد؟ قلت له أنا سعيد عبدالغني.. فرد علي بأسي.. أنا أسف فسعيد الله يرحمه.. وهو في منتهي الحزن.. أمسكته بيدي وقلت له.. أنا سعيد يافلان وناديته بإسمه.. وكاد يغمي عليه.. فسندته ودخلت معه إلي داخل الأهرام القديم الذي كان في شارع الساحة وشارع الشريفين.. ودخلت وضجة كبيرة حدثت من زملائي في الأهرام عندما شاهدوني حيا وأرتدي بدلة الجنود.. وعلي رأسي الطاسة والتراب.. وذهبت إلي سكرتيرة الأستاذ هيكل المرحومة الزميلة نوال المحلاوي.. وصرخت عند مشاهدتي.. المهم قلت لها أربد أكلم الأستاذ هيكل ضروري لأمر في غاية الأهمية.. وأسرعت وطلبت الأستاذ ورد عليها.. وقالت لي.. الأستاذ عاوزك هو كمان!! وبدأت لحظات تاريخية بعد كل هذه المرحلة التي حرصت علي ذكرها.. وأمسكت سماعة التليفون.. وسمعت صوت الأستاذ هيكل وهو يقول.. حمد الله علي سلامتك ياسعيد.. إيه أخبارك.. قلت له أنا تمام ومعي رسالة مهمة من قائد قوات شرم الشيخ وأخبرني أنه انسحب بقواته وأكملت عليه ماقاله اللواء عن الإنسحاب.. فطلب مني لحظة انتظار.. بعدها عاد الأستاذ يتحدث إلي وقال.. الرئيس جمال عبدالناصر معاك ياسعيد!! وسمعت الرئيس جمال عبدالناصر وهو يتحدث معي بصوته الخاص.. حمد الله علي سلامتك ياسعيد خير؟! وأخبرته برسالة اللواء عبدالمنعم خليل قائد قوات شرم الشيخ.. وقلت للزعيم الرئيس جمال عبدالناصر.. أن الجيش بقيادة اللواء إنسحب من شرم الشيخ.. وفقد ثلث القوة وباقي ثلثا القوة سيقفون علي شاطئ قناة السويس لمنع أي محاولة من العدو لعبور القناة.. وهو سد قوي.. بجنوده لمنع أي عدوان من العدو!! وبعد لحظة سريعة قال الرئيس جمال.. والشباب.. الجنود أخبارهم إيه!! قلت له.. في حالة إستنفار قوية.. وإصرار الجندي المصري علي الإنتصار يملأ قلوبهم.. وفي منتهي النشاط والقوة!! ورد الرئيس جمال عبدالناصر.. شكرا ياسعيد.. ولنا لقاء قريب.. وانتهت المكالمة التاريخية.. وجاء اللقاء الثاني الهام مع الرئيس جمال عبدالناصر وقد تم هذا اللقاء في أوائل عام..1969 وكان في زيارة الأهرام وهو في مبناه الجديد ليلتقي بكل العاملين في الأهرام الجديد بمبناه الجديد.. وبدأ زيارته بالعمال في مكانهم بالأهرام.. والإدارات كلها.. ثم دخل إلي صالة التحرير التي بها كل الصحفيين الذي يعملون في الأهرام.. حتي وصل إلي المكان الذي أنا فيه.. ومعي مكرم محمد أحمد.. ورئيس القسم الدبلوماسي.. وكان اللقاء مع مجموعة.. من الأشخاص الهامة معه أنور السادات.. والأستاذ هيكل.. ووقف أمامي أنا وزملائي.. ومد يده بالسلام فأسرعت بلقاء يده بيدي في سلام لاينسي.. في هذه الصورة الملحقة بهذه الرحلة التاريخية.. مع الرئيس جمال عبدالناصر.. الذي أعادت ذكري اللقاء مع الزعيم الرئيس جمال عبدالناصر بعد44 عاما علي رحيله!! عيون مشاهد.. لاتنام