مهما حدث من اتفاقات وتطبيع بين حكومتنا وإسرائيل, فلن يغير هذا الأمر شيئا من حقيقة إن إسرائيل هي عدونا الأول, وأنها وراء كل ما يحدث في المنطقة من حروب بينية, وفتن وقتال بين الإخوة, الذين بفضلها أصبحوا أعداء. وفي الوقت الذي يطالب البعض فيه بالتطبيع مع إسرائيل, نجد أن إسرائيل تسعي لتركيع المصريين وابتزازهم, وها هي تحصل علي حكم يلزم شركات الغاز المصرية بدفع تعويضات مقدارها1.7 مليار دولار, لشركة الكهرباء الإسرائيلية. وهذا ما أكدته شركة المرافق الإسرائيلية الحكومية,في بيان,صدر الأحد الماضي أفاد بأن محكمة دولية ألزمت شركات غاز طبيعي مصرية بدفع1.76 مليار دولار,كتعويض لشركة كهرباء إسرائيلوأن المحكمة قضت بقيام الشركات بدفع المبلغ المذكور,تعويضا عن انقطاع الغاز,الذي كانت تورده تلك الشركات لكهرباء إسرائيل. وهنا أقول إذا كانت إسرائيل تطالبنا بهذه المبالغ تعويضا عن انقطاع الغاز, فماذا عن التعويضات الإسرائيلية المسكوت عنها من جانب الحكومات المصرية المتعاقبة بعد وفاة السادات, إثر جريمتها بقتل أكثر من60 ألف أسير مصري, بعد حربي67 و73وسرقتها لثروات مصر ونهبها طوال احتلالها سيناء. وأنا حتي الآن لا أعرف سر هذا الصمت الحكومي المصري تجاه هذه القضية, وكانت مصر قد فتحت ملف الأسري عام1968 عندما خاطبت وزارة الدفاع المصرية اللجنة الدولية للصليب الأحمر مطالبة بفتح التحقيق في مقتل الآلاف من الجنود المصريين المنسحبين من سيناء في اتجاه قناة السويس في نكسة67, وفي أثناء مباحثات معاهدة السلام1979 بين مصر وإسرائيل كان ملف الأسري من ضمن الملفات المطروحة, حيث تسمح بنود المعاهدة لمصر المطالبة بالتعويضات عن فترة الاحتلال الإسرائيلي لسيناء سواء فيما يخص استغلالها آبار البترول ومناجم الفحم وحتي سرقتهم للآثار المصرية( التي مازل نصفها بحوزة ابنة موشي ديان) وكذا لقتلهم الأسري المصريين والمدنيين. وقد حدد الرئيس السادات قيمة التعويضات التي يتعين علي إسرائيل دفعها لمصر عن كل هذا ب20 مليار دولار وقتها ووعدت أمريكا بدفع جزء منها ونظرا لتراخي مصر في المطالبة بها لم يتم دفع شيء, وتم إخفاء هذا الملف, أو تناسيه عمدا حتي الآن, ويقع اللوم في ذلك علي الحكومات المصرية المتعاقبة رغم اعتراف الإسرائيليين أنفسهم بهذه الجرائم وهو ما تناوله فيلم روح شاكيد الذي عرضه التليفزيون الإسرائيلي مأخوذ عن كتاب صدر في إسرائيل عام1994 باسم( روح شاكيد) حيث ذكر مؤلفه في الصفحة149 تفاصيل قتل الأسري المصريين علي يد أفراد كتيبة( روح شاكيد) والتي كان يرأسها وقتها بنيامين بن اليعازر. وعندما أرسلت الحكومة المصرية إلي رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتها إسحاق رابين مطالبة بالتعويض, جاء رده بالقول إن تهمة القتل سقطت بالتقادم حسب القوانين الإسرائيلية, ومن ثم لا يحق لمصر المطالبة لا بفتح تحقيق أو المطالبة بأي تعويضات وسكتت مصر فدماء المصريين أرخص من دماء الإسرائليين, رغم أن الاتفاقيات الدولية كاتفاقية لاهاي1907 وجنيف1949 أو البروتوكولات الإضافية لجنيف تؤكد عدم سقوط جرائم الحرب بالتقادم. كما أن إسرائيل موقعة علي اتفاقية جنيف لعام1951 وهي ملزمة بالقانون الدولي الذي لا يجيز سقوط جرائم الحرب بالتقادم, وقول إسرائيل إن تهمة القتل سقطت بالتقادم حسب القوانين الإسرائيلية, مردود عليه بأن القانون الإسرائيلي رقم5910 لسنة1950 نص علي عدم سقوط الجرائم التي حدثت من النازية في حق اليهود بالتقادم, فلماذا يسقط حق المصريين؟ [email protected]