أكد الرئيس حسني مبارك اقتناع مصر بتلازم مسارات الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, حيث لا يجب أن يقتصر تناولنا لقضية الديمقراطية علي نحو يختزلها في مجرد تأكيد إطارها النظري الذي تؤمن به عن اقتناع ويقين بل يتعين أن يمتد ذلك ليشمل نشر ثقافتها وممارساتها وصلتها بمجددات السلام والاستقرار الاجتماعي, وتعميق ثقافة الحوار والمشاركة واحترام وقبول الرأي والرأي الآخر. وقال الرئيس في كلمته أمام القمة الإفريقية في أديس أبابا أمس والتي نقلها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إنه يتعين أن نولي الاهتمام الواجب بتعزيز المشاركة الشعبية وبناء المقررات وتطوير المؤسسات واحترام إرادة الشعوب وحق الإنسان وسيادة القانون في صلة كل ذلك بالجوانب الاقتصادية كالحق في التنمية والتعليم والرعاية الصحية وتعزيز الادارة الرشيدة للموارد والجوانب الاجتماعية بما في ذلك التوزيع المنصف والعادل للفرص والموارد وثمار التنمية ومساندة الفقراء والفئات الأولي بالرعاية. وفيما يلي نص كلمة الرئيس مبارك: فخامة الأخ الرئيس.. تيودورو أوبيانج, رئيس جمهورية غينيا الاستوائية والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.. - أصحاب الجلالة والفخامة رؤساء الدول والحكومات.. - السيد/ جان بينج.. رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.. - السيدات والسادة.. إسمحوا لي أن أنقل الي هذه القمة الهامة رسالة الرئيس محمد حسني مبارك, معربا عن خالص التقدير للأخ بينغو وا موثاريكا رئيس جمهورية مالاوي.. رئيس الاتحاد الأفريقي خلال العام الماضي.. ومؤكدا كامل الثقة في أن الأخ العزيز الرئيس تيودورو أوبيانج سيقودنا بحكمته خلال رئاسته الي المزيد من تدعيم العمل الإفريقي المشترك. تكتسب قمتنا اليوم أهمية خاصة مع توالي احتفالات العديد من الدول الأفريقية الشقيقة بمرور نصف القرن علي إستقلالها.. كما تأتي في توقيت بالغ الدقة للأوضاع في كل من كوت ديفوار والسودان, ونحن جميعا ندرك أن عام2011 هو عام حاسم بالنسبة للسودان الشقيق, مع تعدد ومحورية الإستحقاقات التي يجب إنجازها خلاله والمتعلقة بشكل العلاقة بين الشمال والجنوب, والتوصل الي تسوية نهائية وشاملة لأزمة دارفور, مما يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمساعدة الأشقاء شمالا وجنوبا علي عبور هذا المفترق الهام في تاريخ السودان. وعلي الرغم من أن الأشهر الأخيرة قد شهدت إحراز تقدم كبير بين الشريكين في السودان خاصة بعد إجراء إستفتاء تقرير المصير للجنوب, إلا أن عددا من القضايا الأخري المهمة لايزال عالقا, بما في ذلك إستكمال ترسيم الحدود, ووضعية منطقة' أبيي', وتقاسم عوائد النفط, إضافة إلي تحديد مسئوليات الأمن والدفاع والإتفاق علي حقوق القبائل عبر الحدود, والمسائل الخاصة بالمواطنة والعلاقات الإقتصادية وتقاسم الموارد الطبيعية, وكلها أمور تحتاج إلي تفاهمات لاغني عنها بين الأشقاء من الجانبين للحفاظ علي الإستقرار بدعم إفريقي ودولي مكثف. ولايخفي علي أحد أن جنوب السودان يجابه تحديات عديدة تتعلق بمستويات التنمية وتراجع مستويات الدخل وفرص العمل, وهو مايضاعف من مسئولية الدول الأفريقية لمساعدة الجنوب علي التصدي لأية احتمالات لزعزعة الاستقرار لاقدر الله. كما أن أمن وإستقرار جنوب السودان يعتمد بدرجة كبيرة علي إستقرار الأوضاع في شمال السودان, وإقامة علاقات تعاون وطيد بين الجانبين.. تفضي إلي تأسيس شراكة مستقبلية في مختلف المجالات. وعلي الجانب الغربي من قارتنا الأفريقية, يقف الأشقاء في كوت ديفوار وسط أزمة تتعلق بالشرعية الدستورية ونزاع سياسي علي رئاسة البلاد, وقد بادرت إفريقيا كعهدها وتصدرت الإجماع الدولي في الاعتراف بالنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات المستقلة متضمنة الإقرار بفوز السيد الحسن واتارا برئاسة كوت ديفوار. وتجدد مصر في هذا السياق تأييدها للموقف الأفريقي, ومساندتها للجهود الجارية للوساطة الأفريقية, وتناشد كافة الأطراف الإيفوارية الإلتزام بالشرعية الدستورية وضبط النفس ونبذ العنف.. بما يستجيب لتطلعات وآمال الشعب الإيفواري الشقيق نحو الأمن والاستقرار والتنمية. - السيدات والسادة.. لقد تطور المفهوم الأفريقي للقيم المشتركة قبل تأسيس منظمةالوحدة الأفريقية ثم مع إنشاء الإتحاد الأفريقي.. حيث إنطلقت هذه القيم خلال الكفاح ضد الاستعمار من السعي للحرية والإستقلال.. لتمتد نحو قيم ومفاهيم أكثر عمقا بعد الاستقلال.. مثل تعزيز الوحدة والتضامن.. وصولا إلي إرساء دعائم الحكم الديمقراطي..والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.. وكلها قيم ومبادئ تعكس وعي القارة بروح العصر وقيمه ومبادئه.. كما تعكس تطلعها لتحقيق السلم والاستقرار والتنمية. لقد أسهمت مصر في صياغة مشروع إعلان القمة.. والذي يدعو إلي تعزيز الإلتزام بهذه القيم الأفريقية المشتركة.. ورفع وعي الشعوب الأفريقية بها.. ودعم الديمقراطية والمشاركة الشعبية.. والتأكيد علي قيم المواطنة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات.. والتأكيد المماثل علي أهمية تعزيز مشاركة الشباب والمرأة باعتبارهم شركاء رئيسيين في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن مصر إذ تدعم ما تضمن إعلان القمة من قيم ومبادئ هامة.. فإنني أود أن أؤكد أهمية إعلاء مفهوم الملكية الأفريقية لهذه القيمة المشتركة, وضرورة التحرر من إستعارة قوالب بعينها دون سواها.. فمن غير المتصور أن يعتقد البعض أن منظومة قيمية بعينها هي المنطلق والأساس دون سواها.. فهذه هو مفهوم الملكية الأفريقية الذي أكدناه معا عندما إعتمدنا مبادرة النيباد.. ونعاود تأكيده اليوم. كما أنني أعاود تأكيد إقتناعنا بتلازم مسارات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. حيث لايجب أن يقتصر تناولنا لقضية الديمقراطية علي نحو يختزلها في مجرد تأكيد إطارها النظري الذي نؤمن به عن إقتناع ويقين.. بل يتعين أن يمتد ذلك ليشمل نشر ثقافتها وممارساتها, وصلتها بمحددات السلام والاستقرار الاجتماعي, وتعميق ثقافة الحوار والمشاركة واحترام وقبول الرأي الآخر. كما يتعين أن نولي الاهتمام الواجب بتعزيز المشاركة الشعبية وبناء القدرات وتطوير المؤسسات واحترام إرادة الشعوب وحقوق الإنسان وسيادة القانون.. في صلة كل ذلك بالجوانب الاقتصادية كالحق في التنمية والتعليم والرعاية الصحية وتعزيز الإدارة الرشيدة للموارد, والجوانب الإجتماعية بما في ذلك التوزيع المنصف والعادل للفرص والموارد وثمار التنمية.. ومساندة الفقراء والفئات الأولي بالرعاية. إن تحقيق رؤية الاتحاد الافريقي لهذه القضايا الهامة.. هو أمر لاخلاف عليه طالما جاء في إطار السعي للمزيد من الإتساق والتفاعل بين آليات وأجهزة الاتحاد الأفريقي, ودون خلق أجهزة بيروقراطية جديدة.. مع أهمية ضمان الطبيعة الحكومية لآليات التنسيق.. وبما يضمن عدم ازدواجية صنع القرار الإفريقي مع الأجهزة القائمة حاليا. إننا نتطلع أن تؤدي مناقشاتنا اليوم إلي بلورة رؤية أعمق لسبل تعزيز هذه القيم الأفريقية المشتركة.. وتأكيدها علي المستويات الإقليمية والوطنية.. وأود أن أعبر في ذلك الصدد عن التقدير لمفوضية الاتحاد الإفريقي علي الجهد المبذول في سبيل الإعداد لهذا الموضوع الرئيسي الهام للدورة الحالية للقمة. السيدات والسادة.. إنني أجدد- باسم مصر- الإشادة بالتضامن الأفريقي العربي.. فما زالت إفريقيا داعما رئيسيا للمواقف والحقوق العربية.. ومساندا لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.. حتي ينال كامل حقوقه المشروعة.. ويتمكن من العيش بسلام واستقرار داخل حدود دولته المستقلة.. وعاصمتها القدسالشرقية. كما يهمني أن أشيد بالجهود الإفريقية لاحتواء النزاعات التي تشهدها قارتنا, في برهان آخر علي تمسكنا بقيمنا المشتركة في أصعب الظروف.. كقيم التضامن واحترام السيادة والمساواة بين الدول. وذلك من خلال العمل علي دعم وتطوير آليات حفظ وبناء السلام, وإعادة الإعمار والتنمية بعد انتهاء النزاعات.. وتوفير المساعدات أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات. وفي هذا السياق.. فقد إقترحت مصر علي دورتنا الحالية إنشاء واستضافة مركز للاتحاد الإفريقي لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة مابعد النزاعات.. ويتضمن المقترح تصورا لإنشاء هذا المركز.. الذي أثق أنه سيعزز قدرات قارتنا علي بناء السلام, ومنع الانزلاق مجددا الي دائرة العنف والصراع.. كما سيمثل هذا المركز تجسيدا لملكية إفريقيا لمبادرات تعزيز وبناء السلام, مع تأكيدي علي استعداد مصر لتوفير كافة فرص النجاح له من خلال ماستوفره من إمكانيات علي أرضها.. ومن خلال اتصالاتها مع الشركاء الدوليين.. أتمني لكم جميعا قمة ناجحة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.