ليست بالأمر السهل حيث أنها لا تبني من فراغ, فهناك عوامل كثيرة تجعل من عملية الصياغة أمرا معقدا ومتشابك الأبعاد..فلابد من وضع خطوات تنفيذية لبناء السياسات والخطط والبرامج المتعلقة باستخدام موارد الدولة ووضعها في مكانها الصحيح عند التنفيذ بهدف التوصل إلي تحقيق الغايات والأهداف القومية,من هذا المنطلق فإن بناء إستراتيجية قومية يتركز علي قدرة المخطط الاستراتيجي علي توظيف وتنمية موارد الدولة لخدمة أهدافها القومية. وبناء الإستراتيجية القومية يتم بعد التحديد الواضح للغاية القومية العليا والتحديد الدقيق للأهداف القومية التي بتحقيقها يتحقق نجاح الإستراتيجية القومية..أي أنها المرشد إلي اختيار الأساليب الناجحة وفقا للموارد المتاحة, لهذا كان من المهم أولا تحديد كل من الغايات القومية والأهداف القومية( المصالح القومية), ووضع أولويات لتحقيقها وإلا فقدت قيمتها, كما يكون من المهم جدا تحديد المدي الزمني لتحقيق هذه الأهداف..بمعني أن تشتمل صياغة الإستراتيجية القومية علي ثلاثة مديات:المدي القصير..المتوسط..البعيد, وهي مديات زمنية يحددها مخطط الإستراتيجية ليكون المدي القصير في حدود25 سنوات, والمتوسط من57 سنوات وحتي عشر سنوات..أما المدي البعيد فأكثر من10 سنوات, وقد يمتد إلي15 أو20 سنة..بعد هذا يكون من المهم تحديد الموارد المتاحة وفقا لكل فترة زمنية علي افتراض أن الوصول إلي نهاية فترة زمنية يكون قد تحقق أهدافها وحدثت تنمية مخططة للموارد لتدخل المرحلة التالية, وقد تمت خطة التنمية للموارد وحققت أهدافها..بالإضافة الي ضرورة التقدير السليم للتحديات والتهديدات من خلال التحديد الواضح للأصدقاء والأعداء والمحايدين حتي يمكن التنبؤ بالعوامل البيئية الخارجية( الإقليمية أو الدولية) التي ستتعاون والتي ستعارض أو المحايدة..حيث حيادها سيحد بقدر ما من الموارد المتاحة. وتأتي المرحلة الحاسمة وتعني وضع البرامج والسياسات المناسبة لتصبح الإستراتيجية القومية شاملة لأساليب عمل ومنهاج يتطلب وجود استراتيجيات تخصصية لكل منها أهدافها, فلابد من رسم إستراتيجية سياسية وأخري اقتصادية وثالثة اجتماعية ورابعة عسكرية..وهكذا. مع تنسيق هذه الاستراتيجيات مع بعضها ومعرفة كيف ستنسق الجهود المشتركة بين تلك الاستراتيجيات لتحقق أهدافها ومنها يتحقق التكامل للإستراتيجية القومية( الشاملة) والوصول إلي الأهداف القومية المنشودة. ويسمح التخطيط الإستراتيجي لبعض الدول ذات الموارد المحدودة بصياغة إستراتيجية قومية في صورة خطط خمسية لها أهدافها المرحلية المقبولة والمعقولة تتناسب مع ظروف البيئة الدولية والإقليمية المحيطة بالدولة مع استخدام الإمكانات والموارد المتاحة.. أي أنها تتماشي مع حاضرها والواقع بما يمكن أن نطلق عليه إستراتيجية قومية مستقبلية تستخدم موارد ليست قائمة في الوقت الحاضر ولكن عبر فترة زمنية سيمكن تنمية الموارد والوصول إلي طموحات التنمية للموارد وعندئذ تكون تلك الإستراتيجية قابلة للتنفيذ فعلا. وعندما نتحدث عن الموارد المتاحة فنقصد بها الموارد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والتكنولوجية والإعلامية, بجانب تأثير الموقع الجغرافي والجيبولوتيكي للدولة.. كما تلعب خبرة القائد السياسي دورا مهما مؤثرا في صياغة الإستراتيجية القومية مادام هذا القائد السياسي ملما بالعلوم الإستراتيجية وممارسا لها. وبذلك فإن بناء الإستراتيجية القومية الشاملة محصلة لكل العوامل الرئيسية التي تناولناها ونحددها في: الغاية القومية العليا.. الأهداف والمصالح القومية.. أهمية الأهداف وأولويتها.. المدي الزمني لكل مرحلة.. الإمكانات والقدرات.. البيئة المحيطة.. السياسات والبرامج المناسبة. ويتضح مدي دقة وتعقيد بناء وصياغة الإستراتيجية القومية, والتي تعتبر عملية تفاعلية متداخلة الخطوات, في نهايتها تتبلور وتتحدد السياسات العليا وتبقي الإستراتيجية منهجا يسعي إلي الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بهدف رئيسي ألا وهو تحقيق الأمن القومي للدولة.