عندما أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تصبح القوة الرئيسية المؤثرة فى النظام العالمى ولأطول فترة ممكنة فعلت دور أجهزتها الحكومية المتخصصة بالاستفادة من مراكزها البحثية والاستراتيجية ومفكريها لبناء استراتيجية شامله تحقق مطالب الأمن القومى الأمريكى، وأصبحت بفضل الفكر الأستراتيجى على قمة النظام العالمي. ومصرنا 25 يناير و30 يونيو فى أمس الحاجة لتضمد جراحها وتستعيد قوتها حتى يمكنها الانطلاق نحو المستقبل لتحقق آمال وطموحات شعبها التى غابت عنه طويلاً، ولتتبوأ مكانتها الإقليمية والدولية التى تستحقها ولاسبيل لذلك إلا بالفكر الاستراتيجي. تطورت الرؤية للأمن القومى من المفهوم العسكرى البحت إلى المفهوم الاستراتيجى الشامل الذى أصبح لايعتمد على القوة العسكرية فقط بل تخطاها ليشمل باقى عناصر وقوى الدولة الشاملة ، بمعنى لم يعد تهديد الأمن القومى مقصورا على التعرض لعدوان مسلح من الخارج ، ولكنه أصبح يأخذ صورا وأشكالا أخرى. الأمن القومي.. هو القدرة على توفير أكبر قدر من الحماية والاستقرار لتحقيق التنمية الشاملة للدولة فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأيدلوجية والعسكرية والمعلوماتية فى الدولة ضد كافة أنواع التهديدات الداخلية والخارجية لتحقيق الأهداف القومية للدولة. ترجع أهمية الاستراتيجية القومية إلى العامل الفعال والرئيسى فى توجيه موارد الدولة نحو النهايات المطلوبة، أى نحو تحقيق الأهداف المخططة . حول هذا المفهوم يمكن القول إن موارد الدولة من القوى البشرية والموارد الاقتصادية والأسلحة والمعدات ، لا تعدو أن تكون أكثر من أرقام إحصائية أو إمكانات متاحة أو مادة للدراسة وتمثل الاستراتيجية القومية رؤية الدولة لمستقبلها فى الفترة المخطط لها وما ترغب فى تسخير مواردها من أجله، فلا يمكن صنع المستقبل المنشود ووضع الطموحات القومية موضع التنفيذ دون التعرف على المتاح والممكن من موارد الدولة ووضع الاستراتيجية الملائمة لتحقيق الطموحات والتغلب على التحديات التى تعترض مسيرة الدولة نحو مستقبلها المنشود. نخلص مما تقدم بأن الاستراتيجية القومية هى علم وفن استخدام وتطوير موارد الدولة لتحقيق الأهداف والمصالح القومية أولتحقيق أهداف الأمن القومى تحت مختلف الظروف، ويجب أن تسود الإستراتيجية القومية جميع أوجه الحياة القومية لتشمل عدداً من الإستراتيجيات الفرعيه التخصصية ( السياسية الاقتصادية الأمنية- العسكرية الاجتماعية ... الخ ) تطبق فى زمنى السلم والحرب ولا تمثل الإستراتيجية العسكرية إلا أحدها. ولبناء الأستراتيجية القومية يلزم وضع الفكرة الاستراتيجية وتحديد محاور الأستراتيجيه وأسبقيات تركيز جهودها ومدياتها الزمنية، وتحديد الأسس والركائز والمقومات التى تمتلكها والمحددات التى تؤثر عليها، لتصاغ بناء على ذلك ، الأهداف لكل محور وتوضع السياسات اللازمة لتحقيق تلك الأهداف كذا تحديد الآليات المنوطة بتنفيذ هذه السياسات ( تكوينها تباعيتها الغرض منها أختصاصاتها، وعما إذا كانت قائمه أوتحتاج لتطوير أو جديدة مطلوب أنشاؤها ) . وبعد أقرار الأستراتيجية القومية تبنى على غرارها الأستراتيجيات التخصصية ثم تصاغ السياسات فى برامج عمل زمنية تخصصيه تنفذها وتتابعها الاليات المعنية. لقد قدم لنا السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد رؤية تحدد اطارا للاستراتيجية القوميه الجديدة ، وبقى دورنا كمواطنين مصريين شرفاء .... فمصرنا الحبيبة غنية بالمراكز الاستراتيجية والفكرية وبأبنائها وبناتها المتخصصين والخبراء داخلها وخارجها، وبمن ساهموا فى بناء حضارات العديد من الدول الأخرى عربية كانت أو أجنبية. لمزيد من مقالات ا.ح.محمود متولى