لا الزمان ولا المكان قدروا يخلوا حبنا يبقي كان.. معها دوقنا حلاوة الحب كله في يوم وليلة.. وان تاهت بينا ليالينا, ستظل تغني ويشدو صوتها علي الربابة وان رحلت فاليوم تمر الذكري الثالثة لرحيل الفنانة وردة الجزائرية الاصل, ومصرية الموطن. فهي رمز من الفن الجميل حفرت بصوتها اسمها في وجدان الشعوب العربية وسجلت بأعمالها تاريخا سيظل ينبض ولا ينضب بمن صنعوه فكانت أحد أركانه في مراحل تاريخية وفنية مهمة استحقت عن جدارة ان تحصل بحنجرتها وقوة احساسها علي لقب صوت الحب هي مواليد السابع عشر من يوليو عام الف تسعمائة وتسعة وثلاثين في باريس للاب الجزائري محمد فتوكي وام لبنانية ولان والدها كان صاحب ناد بسيط وان كان معروفا للعرب في باريس آنذاك فكان من المترددين عليه الملحن التونسي الصادق ثريا الذي اكتشف موهبتها الفنية فبدأت تغني في نادي والدها لعملاقة الفن السيدة ام كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب ثم بدأ الصادق يقدمها بأغاني خاصة بها ولانها تدرك ان مصر هي قلعة الفن حضرت إليها, وقدمها المخرج والمنتج حلمي رفلة في فيلم ألمظ وعبده الحامولي وبعد نجاحها اللافت للنظر قدمت فيلم أميرة العرب وشاركت في اوبريت وطني الاكبر وبدأ نجم وردة يسطع في سماء الفن العربي, ولكن تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن وتسافر في منتصف الستينيات الي الجزائر وتعتزل الحياة الفنية وتتزوج من وكيل اول وزارة الاقتصاد الجزائري جمال قصيري وتنجب طفليها رياض ثم وداد ولكن حينما يطلب منها الرئيس الجزائري هواري بومدين المشاركة في الاحتفال بذكري استقلال الجزائر في اوائل السبعينيات تقرر ان تعود للفن ويكون الانفصال من زوجها...ويحمل القدر محطة ومفاجأة في حياة وردة. محطات وحكايات مع تولي الرئيس انور السادات عادت وردة الي مصر بروح يغلب عليها التفاؤل وقد صدق احساسها حينما قدمت رائعة الملحن سيد مكاوي اوقاتي بتحلو والتي كان من المفترض ان تقدمها كوكب الشرق ولكن لم يمهلها القدر وتوفيت وظلت الاغنية حبيسة الادراج حتي انطلقت مع وردة في محطة فنية مهمة وفارقة ثم جاء اشتراكها في العديد من الافلام السينمائية صوت الحب وحكايتي مع الزمان, وآه ياليل يازمن, قدمت من خلال تلك الافلام اروع الاغنيات بمشاركة كبار المؤلفين والملحنين وفي مقدمتهم موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب, كما قامت ببطولت مسلسلات تليفزيونية وهما اوان الورد, وآن الاوان. دورها الوطني لم تنس وردة دورها كفنانة وان صوتها هو ثروتها التي تملكها ولاتبخل بها علي امتها ووطنها فكانت تؤكد دائما انها جزائرية الاصل مصرية الموطن, اختارت الاقامة علي ضفاف النيل الذي عشقته فأعطي لها من سحره وخيره وحب الناس, فقدمت اشهر الاغاني الوطنية في مراحل تاريخية مهمة الهبت الحماس الوطني منها ع الربابة بغني ويامصرنا يا أمنا وغيرها, كما لاتنسي دورها في تقديم مساعدات مالية للثورة الجزائرية وشاركت في بداية مشوارها الفني في اوبريت وطني الاكبر, وحينما وافتها المنية بالقاهرة في شقتها علي ضفاف نهر النيل حيث تسكن بشارع البحر الاعظم بحي المنيل إثر أزمة قلبية تم نقل جثمانها للجزائر بناء علي وصيتها علي متن طائرة عسكرية جزائرية ارسلها الرئيس الجزائري بوتفليقة وكان في استقبالها عدد كبير وبارز من الشخصيات السياسية والعامة والفنية الي جانب محبيها من الجمهور. اروع قصص الحب من اشهر قصص الحب في الوسط الفني حدوتة وردة والموسيقار بليغ حمدي الذي اثمر زواجهما عن اروع ماغنته وردة وعلي الرغم من انفصالهما عام79 الا ان الاتصال لم ينقطع, ومن اشهر الاغاني في يوم وليلة وحكايتي مع الزمان واشتروني ووحشتوني وليالينا وتعيش وتفتكرني ومالي وانا مالي والعيون السود اما آخر تعاون فني فقد كانت أغنية بودعك. بودع الدنيا معك..بودعك التي كانت بمثابة رسالة الي وردة من بليغ حينما كان في باريس حيث وافته المنية. أميرة الغناء أكد الموسيقار الكبير محمد سلطان ان وردة تركت فراغا كبيرا علي الساحة الفنية فبرحيلها افتقدت الفنانة والانسانة الحنونة والصديقة وتعاونت والتقيت معها في أروع أغنياتها وفي الحقيقة كل ماقدمته رائع ولم تسع للشهرة ولكن صوتها كان يفرض نفسه وآخر اغنياتي معها شمس وبحر ونسمة وكانت تحب ان تغني لي خليكوا شاهدين, تواضعها وثقتها في قدرتها كان سر نجوميتها واستمرارها حتي بعد رحيلها. ويؤكد الموسيقار صلاح الشرنوبي: ان الفنانة الكبيرة وردة هي آخر أصوات العمالقة وكان يتمتع صوتها بالقوة والعذوبة ولها قدرات خاصة لا توجد الا في حنجرتها اما علي المستوي الانساني فهي مثال للفنان الراقي الملتزم الحنون فاستحقت عن جدارة لقب اميرة الغناء العربي. آخر كلماتها كانت وردة في الايام الاخيرة من حياتها لا تبخل في بعض التصريحات عن حياتها الفنية والشخصية ومن اهمها: احساسي هو مستشاري الوحيد لاختيار العمل الفني. بليغ هو الملحن الوحيد الذي يستحق ان اعيد له الجمل اللحنية لان جملته الموسيقية صاروخ عابر للقارات, اماعن آخر أعمالها فكانت أغنية أيام للشاعر اللبناني منير بوعساف الحان بلال زين وقد قامت بتصويرها المخرجة ساندرا رحلت وردة وظل عطر اعمالها ومشوارها مثالا يحتذي به للفنان الذي يعشق فنه ويقدس رسالته فقدره الجمهور من جيل الي جيل.