لاشك أن قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بأزمة اليمن الذي جاء تعبيرا عن ارادة المجتمع الدولي بتحقيق الاستقرار في اليمن كشف العديد من النقاط وازاح الستار عن مواقف الدول المختلفة خاصة الموقف الروسي الذي سعي كثيرا إلي عرقلة صدور هذا القرار بسبب معارضة موسكو لعاصفة الحزم التي يتم بموجبها التدخل العسكري في اليمن من قبل قوات التحالف العربية ولكن ضغوط موسكو فشلت أمام إصرار الدول الكبري في مجلس الامن وفي مقدمتها أمريكا وفرنسا وبريطانيا علي إصدار القرار بنصه الحالي للتأكيد علي التصدي لتجاوزات الحوثيين وسعيهم إلي السيطرة علي اليمن بصورة غير شرعية. ورغم دعم مجلس الأمن الدولي في قراره لعملية الحزم وتأكيده منع وصول السلاح إلي جماعة الحوثيين وهو ما يعني حصول السعودية علي الغطاء السياسي الدولي لما يحدث في اليمن إلا أن الاوضاع في اليمن الآن وفي ظل إستمرار ضربات قوات التحالف لم تحقق أهدافها المطلوبة أو بصورة أدق لم تحقق طموحات الشارع العربي تجاهها حيث كان يأمل المواطن أن تكون هناك نتائج سريعة لتلك العملية حتي يتم ردع الحوثيين وإجبارهم علي العودة إلي الشرعية والاعتراف بها في البلاد وإلقاء السلاح والدخول في مفاوضات مع الأطراف الأخري من أجل مستقبل اليمن ولكن الفوضي السياسية والأمنية العارمة التي تعيشها اليمن الآن تؤكد أن هذا الوضع سوف يستمر طويلا وأن عاصفة الحزم سوف تستمر طويلا أيضا وهو ما يتطلب من وجهة نظري أن تكون هناك جهود مكثفة مع كافة أطراف المعادلة اليمنية الوطنية للتوصل إلي حل سياسي لانهاء تلك الأزمة. والمؤكد أن أي حل سياسي لأزمة اليمن لابد أن يشمل الحوثيين لانهم في نهاية المطاف فصيل سياسي موجود علي أرض اليمن وله شعبيته سواء اختلفنا أو اتفقنا علي نسبتها وتصرفاتها إلا أنها موجودة علي الأرض ومن الصعب تجاهلها ولكن بشرط ترك السلاح والاندماج السلمي في العملية السياسية لصالح اليمن وليس لصالح أطراف أخري خارجية, ولذا فإن أي مفاوضات مع الحوثيين أو من يمثلهم لابد أن تضع في الحسبان الدور الايراني في اليمن والدعم الايراني للحوثيين وأيضا الدور الروسي الذي يسعي لانهاء الضربات الجوية والبحث عن حل سياسي ولكن الجهود الروسية تصطدم بالرفض السعودي لأي تدخل من قبل روسيا أو ايران علي خلفيات متعددة يأتي في مقدمتها التأييد الروسي الايراني للنظام السوري وهو موقف يتناقض تماما مع الموقف السعودي بالاضافة إلي الخلافات والتوتر المستمر في العلاقات بين المملكة وإيران علي خلفية الاتهامات السعودية المستمرة لايران بالتدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج وبالتالي فإن السعي الروسي لا يمكن أن يتم بالتنسيق المباشر مع الرياض وإنما عبر وسيط يتمتع بثقة الطرفين وبالطبع سيكون هذا الوسيط هو القاهرة. وأعتقد أن القاهرة رغم دعمها القوي والواضح للموقف السعودي واشتراكها في عاصفة الحزم إلا أنها من الممكن طبقا لمرتكزات عديدة أن تلعب دور الوسيط النزيهة في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة في الأزمة بالتنسيق الكامل مع المملكة وفي اطار قرار مجلس الأمن الدولي الأخير, أيضا في ضوء العلاقات المتميزة التي تربط القاهرة بالقوي الكبري في العالم خاصة أن اليمن ليس بعيدا عن الامن القومي المصري فخليج باب المندب رغم الحماية الدولية به إلا ينفصل عن الأمن القومي المصري والعربي أيضا. وفي واقع الأمر فإن اليمن وما يمثله من أهمية للعالم العربي والمجتمع الدولي يضع المجتمع الدوليأمام اختبار حقيقي لتغليب مصلحة الشعب اليمني علي لعبة المصالح الدولية التي تمارسها القوي الكبري من خلال تلك الأزمة التي دمرت اليمن تماما سياسيا وأمنيا وسيكون لها تداعيات كثيرة علي الأوضاع السياسية في المنطقة التي تعرضت لهزات سياسية عنيفة خلال السنوات الأخيرة. [email protected]