علي الساحة الاقتصادية ظهرت عدة قرارات اقتصادية إذا وضعناها إلي جانب بعضها يمكن ان تشكل اتجاها رغم أن هذا لم يكن مقصودا من إصدارها غير انها يمكن أن تمثل قاعدة يمكن الارتكاز عليها لتصحيح بعض الأوضاع الاقتصادية. من بين هذه القرارات ما أصدره وزير الصناعة من وقف استيراد فوانيس رمضان من الصين وذلك بهدف تشجيع وحماية الصناعة الشعبية المصرية, غير أن هذا القرار يمكن أن يؤخذ علي وجه آخر وهو استهداف خفض الواردات لتقليل الطلب علي الدولار مما يساعد علي وقف انفلات النقد الأجنبي وتدهور قيمة الجنيه المصري, وفي هذا الشأن من المتصور إعادة النظر في قائمة الواردات المصرية بالكامل أو بعبارة اخري بحث السلع المستوردة بندا بندا ودراسة أهميتها وفق تقسيمها إلي سلع ضرورية أو استراتيجية وأخري كمالية كما يمكن أن ننظر إلي الواردات من زاوية حجم التبادل التجاري فيتم وقف الاستيراد من الدول التي يتضاءل فيها هذا الحجم ولا تمثل السلع المتبادلة أهمية استراتيجية. فإذا وضعنا أمامنا الصورة الكاملة لما تستورده مصر سوف تنطق بأن نصفها علي الأقل يمكن وصفه بأنه سداح مداح ويمكن الاستغناء عنه دون أي أضرار تلحق بالمستهلك أو الصناعة, حيث لا توجد جهة في مصر لها سلطة المنع أو الموافقة علي الاستيراد وهنا يمكن خفض تلك الواردات التي يمكن الاستغناء عنها بالمنع الكامل لوارداتها لفترة مثل ثلاث سنوات أو استخدام أسلوب التعمد في تأخير الموافقة علي فتح الاعتمادات البنكية أو غير ذلك من الأساليب التي لا تغيب عن السلطات الحكومية إذا أرادت. ليس أمامنا إلا هذا الطريق للحفاظ علي قيمة الجنيه وحماية الصناعة الوطنية وعمل إفاقة للصناعات التي ترنحت وتعثرت, ويقتضي ذلك مواجهة الشعب بحقائق الموقف الاقتصادي واننا نمر بمرحلة أزمة تتطلب من الجميع التضحية ودفع الثمن تلافيا لأضرار قد يحملها المستقبل. وزير الصناعة والتجارة مسئول عن اتخاذ هذه الخطوة الضرورية والتي ينبغي أن تسانده الحكومة في اتخاذها الأمر الآخر الذي صدرت به قرارات أو تعليمات من البنك المركزي كان بشأن مواجهة السوق السوداء للنقد الأجنبي وقد اتخذ جانبين هما زيادة سعر الدولار في البنوك وهو ما يعني خفض قيمة الجنيه, والأمر الثاني هو وضع حد أقصي لإيداعات الأفراد والشركات من النقد الأجنبي في البنوك بمبلغ عشرة آلاف دولار في اليوم, ومع حد أقصي خمسين ألف دولار, والقرار في حد ذاته أدي وبحق إلي تحجيم السوق السوداء للنقد الأجنبي ولكنه علي جانب آخر كانت له آثار وخيمة علي الصناعة المصرية حيث تعتمد بشكل أساسي علي واردات الخامات وقطع الغيار والأجزاء والسلع الوسيطة ولم يستطع الجهاز المصرفي تلبية تلك الاحتياجات بشكل كامل وأصبح هناك طابور انتظار للحصول علي الموافقة وفتح الاعتمادات كما أن كثيرا من المستوردين وجدوا أنفسهم في وضع سيئ أمام الموردين في الخارج إذا توقفوا عن سداد قيمة بضائع وصلت بالفعل. إزاء ما حدث من نجاح في تحجيم السوق السوداء للنقد الأجنبي وما ترتب عليه من آثار سلبية اخري علي الصناعة الوطنية بل ومعدل ارتفاع الأسعار فإن علي البنك المركزي أن يبحث اليوم قبل الغد عن الخطوات التالية التي تحافظ علي النجاح وتعالج السلبيات والتي إذا استمرت سوف تصيب الاقتصاد الوطني في مقتل وعليه أيضا أن يفكر في وضع الاستثمار الأجنبي الذي سوف يتردد كثيرا قبل أن يأتي إلينا لأنه سوف يواجه عقبة كبري لا تسمح له بتحويل أرباحه إلي الخارج, إن تجميد الوضع علي هذا النحو لا يمثل استقرارا في سوق النقد الأجنبي واستقرا فير أسعار العملات الأجنبية بقدر ما يمثل تأجيلا للمشكلة وانفجارا قد يحدث في سعر الصرف.