لم تعد الأزمة الأوكرانية المشكلة الوحيدة الدالة علي عودة أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين, الشرقي متمثلا في الدب الروسي, والغربي وتمثله الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي, بل تطور الأمر إلي أن أصبحت موسكو شبحا طموحا يتحرك بصورة تثيرقلق وخوف جيرانها. وإزاء هذه المخاوف أعلنت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين أمس إنه لا ينبغي لأحد أن يستهين بقدرة حلف شمال الأطلسي علي الرد السريع. فقد ذكرت ليين في العاصمة الإستونية طالين: إن الناتو أظهر في الشهور الماضية إصراره علي الدفاع عن جناحه الشرقي وذلك في معرض ردها علي إعلان الرئيس الإستوني توماس هندريك إلفيس مخاوفه من أن يأتي اليوم الذي تجتاح فيه روسيا بلاده في ساعات. وأضافت: من الطبيعي أن يكون موضوع سرعة الرد وكفايته علي التهديدات المحتملة له أهميته الكبيرة وليس بمقدوري إلا القول إن قدرة الحلف علي الرد ينبغي ألا يستهان بها, إنها كبيرة. مؤكدة أن الناتو أظهر قدرة علي التكيف مع المناورات السريعة التي رأيناها علي الجانب الآخر من الحدود, مشيرة إلي خطط تقوية دفاعات الحلف وتشكيل قوة رد فعل سريع كرأس حربة تضم خمسة آلاف جندي. وكان الرئيس الإستوني قد عبرعن مخاوفه من خطورة الطموح الروسي علي بلاده بقوله: إنه بينما يحتاج حلف شمال الأطلسي إلي أسبوع للانتشار في دول البلطيق فإن جارتنا أظهرت في مناورات أن سرعة الضرب فورية بالأساس. كما صرح قبل أيام لصحيفة التلجراف البريطانية: إنهم هنا وانتهي الأمر في أربع ساعات. مخاوف الرئيس الإستوني ليست وهما ولكنها مشاعر قلق حقيقية تعززها سرعة التدخل العسكري الروسي في شبه جزيرة القرم العام الماضي والتي كانت مفاجأة غير سارة ل الناتو وقتها دفعته إلي اتخاذ قرار بتحسين وقت الرد لقواته. ورغم أنه ليس من المرجح أن تكون هذه القوة جاهزة بالكامل قبل2016 أو2017 لكن الناتو يركز علي القوة الحالية التي تشارك فيها هذا العام ألمانيا وهولندا والنرويج. بينما عبر أعضاء في الحلف من شرق أوروبا عن غضبهم إزاء تردد الولاياتالمتحدة في نشر قوات كبيرة العدد منها في أراضيهم. وما يثبت أن المخاوف الأوروبية من التحركات الروسية في محلها وليست أضغاث أحلام ما أعلنته بريطانيا من أن مقاتلاتها حلقت أمس بعد رصد مقاتلتين روسيتين بالقرب من مجالها الجوي, وذلك بعد ساعات من رصد ثلاث سفن روسية بينها مدمرة أثناء دخولها القنال الانجليزي. وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية: تم إطلاق طائرة تايفون التابعة لقوة الرد السريع أمس بعد رصد طائرات روسية تحلق قرب المجال الجوي البريطاني. وتعد هذه الواقعة هي الأحدث في سلسلة حوادث مشابهة تأتي في وقت تتوتر فيه العلاقات بين لندنوموسكو بسبب الأزمة الأوكرانية, والتحقيق في وفاة الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو. واضافت أن المدمرة الروسية سيفيرومورسك من فئة يودالوي كانت عائدة من البحر المتوسط ترافقها ناقلة وسفينة دعم. بينما أوضحت وزارة الدفاع الروسية أن السفن كانت في طريقها إلي شمال الأطلسي حيث ستشارك في تدريبات دفاعية ضد الطيران وضد الغواصات. وعلي صعيد متصل حذرت أمس الوكالة الأوروبية لأمن الطيران من تصادم الطائرات العسكرية بطائرات الركاب مؤكدة أن مواقف خطيرة تزايدت العام الماضي جراء المناورات الجوية العسكرية. وناشدت الوكالة السلطات المعنية في أوروبا بالعمل علي خفض مثل هذه التدريبات مشددة علي ضرورة خفض خطر وقوع مثل هذه الحوادث إلي مستوي مقبول. ورغم تجنب تقرير الوكالة تحميل روسيا المسئولية عن حوادث الطيران التي وقعت في الآونة الأخيرة مكتفية بالإشارة إلي وقوع حوادث فوق بحر البلطيق بشكل خاص.