عندما يجتمع القادة العرب في شرم الشيخ السبت المقبل, في الدورة العادية ال26 لاجتماع جامعة الدول العربية علي مستوي القمة, يكون قد مضي علي إنشاء هذا الكيان70 عاما لم تتحقق خلالها تطلعات الشعوب العربية في تحقيق الوحدة والتضامن, بينما سبقتنا كيانات أخري قطعت شوطا طويلا في مسيرة الاتحاد رغم بداياتها اللاحقة علي تاريخ إنشاء الجامعة العربية, والتباينات الواضحة في الثقافة واللغة. أجندة القمة العادية في هذه الدورة تتركز حول الأمن القومي العربي, فالإرهاب الذي يري وزير الخارجية, سامح شكري أنه التحدي الأكبر الذي يجب أن تسعي وتتكاتف الدول العربية لمكافحته, يتطلب التعامل معه موقف عربي موحد يدرك وحدة المصير وخطورة التهديد الذي لا يستثني دولة عندما يتحرك ويضرب هنا أو هناك. قمة شرم الشيخ, هي قمة استثنائية بكل المقاييس لأنها تعقد في ظل ظروف ومعطيات غير عادية وغير مسبوقة تواجه الأمة العربية في الوقت الراهن, فالأزمات والاضطرابات والتوترات مشتعلة, ومخاطر انتشار التنظيمات الإرهابية تتزايد علي نحو يهدد الأمن الداخلي لكل دولة عربية وكذلك الأمن القومي العربي. الدكتور نبيل العربي, الأمين العام لجامعة الدول العربية أشار مؤخرا إلي أهمية المبادرة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في سياق المواجهة الشاملة للإرهاب عبر اقتراح آلية تنفيذية تتمثل في تشكيل قوة عربية مشتركة للتعامل مع الإرهاب, موضحا أن الأمانة العامة للجامعة العربية أعدت تصورات لهذه المواجهة بعد سلسلة من الاجتماعات والندوات بتكليف من مجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية, كما حددت المهام المتعددة التي يمكن أن تناط بالقوة العربية المشتركة في حال الاتفاق علي تشكيلها, وفي مقدمتها القيام بعمليات عسكرية أو عمليات أمنية إذا تطلب الأمر ذلك لمحاربة التنظيمات الإرهابية, إلا أنه ألقي بالمسئولية علي عاتق القادة العرب عندما أكد أن القرار النهائي في هذا الشأن مرهون بما ستقوم به الدول العربية نفسها خلال قمة شرم الشيخ. الحديث عن تشكيل قوة عربية يستلزم تفعيل مجلس الدفاع العربي, وهو ما دعا إليه ناصر جودة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الاردني, وهذا المجلس جزء من معاهدة الدفاع العربي المشترك وعندما سيتم تفعيله ستكون هناك إمكانية لانعقاد اجتماعاته التي تضم وزراء الخارجية ووزراء الدفاع لبحث الأوضاع الراهنة واتخاذ القرارات الضرورية, وقد يكون من المهم الأخذ في الاعتبار المقترح الذي يتحدث عن توسيع عضويته ليضم وزراء الداخلية والإعلام ورؤساء الأجهزة الاستخباراتية. التعامل مع الإرهاب الذي يهدد الدول العربية وتتزايد مخاطره شرقا وغربا, يدعونا إلي التأكيد علي أهمية تبني قرار مجلس الجامعة العربية بعدم اقتصار المواجهة علي الأبعاد العسكرية والأمنيةإلي جانب المعلومات الاستخباراتية, وإنما لابد أن ترتكز إلي جانب ذلك علي الأبعاد المتصلة بالفكر والثقافة والخطاب الديني, لأن هزيمة التنظيمات الإرهابية عسكريا أو أمنياقابلة للتحقيق, ولكن المواجهة الشاملة تتطلب التعامل مع الفكر الإرهابي فهو مكمن الخطر. لاشك أن المقترح الخاص بإنشاء قوة عربية مشتركة, الذي تم إدراجه علي جدول القمة يكتسب أهمية خاصة في ظل ظروف استثنائية تهدد الكيان العربي, وتتطلب من القادة العرب أن يكونوا علي قدر المسئولية خلال مناقشة هذا المقترح في اجتماعات القمة, خاصة أن هناك أطرا داخل جامعة الدول العربية ومعاهدة للدفاع المشترك يمكن أن تمثل آلية لتشكيل هذه القوة. [email protected]