أكد مدير مكتبة الإسكندرية إن قدرة مصر التنافسية في إطار التطور العالمي مرهونة تماما بعملية التعليم, مشيرا إلي أن مصر قادرة علي تحقيق تحول إيجابي في جميع المجالات من خلال رؤية واضحة تقوم علي ثورة تعليمية. جاء ذلك خلال الجلسة الثالثة, التي عقدت ضمن فعاليات ملتقي المثقفين والمفكرين السنوي والذي تنظمه مكتبة الإسكندرية, وعرض خلالها الدكتور إسماعيل سراج الدين رؤيته لمستقبل التنمية في مصر في ظل التغيرات العالمية وأضاف إسماعيل سراج أنه يرفض الشهادات والدرجات التي أفسدت التعليم, مبينا أهمية الاعتماد علي مضمون العلم والتعلم ضاربا المثل ب كولاج دي فرانس وهي مؤسسة تعليمية وبحثية فرنسية لاتمنح درجات علمية ولاتدرس المناهج الرسمية, وإنما تقدم محاضرات رفيعة المستوي مفتوحة للجمهور والباحثين, مما يجعلها مؤسسة فريدة علي مستوي العالم. وأوضح أن إصلاح الشعوب لا يأتي بتقديم المقترحات والمطالب للقائد وينتظره الشعب حتي يحققها لهم, موضحا أن هذه المنهجية أثبت التاريخ فشلها في الإصلاح ليؤكد لنا أن الإصلاح والتغيير يأتي من أسفل إلي أعلي. وقال الدكتور إسماعيل سراج الدين إننا نعيش حاليا فترة تحول عالمي غريب نشهد فيها انقلابا لموازين القوي بين دول العالم المختلفة, وهو مايظهر بصورة كبيرة في التقدم الهائل الذي تحققه الصين علي الساحة الدولية, حتي أصبحت ثاني أقوي اقتصاد في العالم, وهو ماسيعطيها دورا أكبر في صياغة الشئون العالمية وهيكلة النظم العالمية. ولفت إلي أن العالم يواجه ظاهرة جديدة في إطار إعادة الهيكلة التي تتم بعد الأزمة الاقتصادية, تتمثل في الوفاء بالعقد الاجتماعي, والالتزام باحتياجات النظام العالمي المالي الاقتصادي الجديد, حيث أن معظم الدول تعاني من عدم القدرة علي تمويل أسس العقد الاجتماعي وتقديم قدر من الضمانات الاجتماعية للمواطنين, وهو مايظهر في الإضرابات العمالية في فرنسا, وارتفاع تكلفة التعليم في المملكة المتحدة. وأشار إلي أن الدول الشرقية وفي مقدمتها الصين, انتهجت سياسة مختلفة عن دول الغرب, لمواجهة تلك الظاهرة, فبدأت الالتزام في هذه المرحلة بالخدمات الاجتماعية المطلوبة, وتوسيع قاعدة المشاركة في دولة الرفاهية, وتقليل المدخرات, وزيادة الصرف. كما أوضح أن هناك عددا كبيرا من الدول التي حققت قدرا كبيرا من التنمية والنجاح الاقتصادي في ظل غياب الديمقراطية, إلا أن المواطنين في هذه الدول طالبوا في مرحلة ما من مراحل النمو الاقتصادي بحقهم في المشاركة في المجتمع وبالتالي أصبحت الديمقراطية جزءا من التنمية التي تم تحقيقها. وأضاف أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء تعد من أهم معوقات التنمية في العالم, حيث أن96% تقريبا من دول العالم تعاني من تلك المشكلة, وبالتالي فإن تباين الأحوال الاقتصادية يؤثر بشكل واضح علي نتائج التنمية. وقال ان التخطيط في مصر ينقصه حساب النتائج علي المدي البعيد, حيث يقتصر علي إحداث تغيير علي المدي القصير فقط, كما أنه يقوم علي أسس موروثة في حين أن دول العالم تتجه الي إعادة صياغة موازينها وتحديد الأولويات في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية وألقي سراج الضوء علي ثلاث مميزات تتمتع بها مصر, والتي يمكن أن تساعد بشكل هائل علي تحقيق قدر كبير من التنمية في المستقبل, وهي القدرات البشرية, والتكنولوجيا, والتأثير الثقافي, موضحا أن مصر تعتبر من أغني الدول بالنسبة للقدرات البشرية, علي مستوي العالم العربي وأفريقيا, ومن هنا يجب أن يتم انتقاء الشباب المتميز وتعليمه وتدريبه, وعدم الاعتماد علي مبدأ الأقدمية الذي لايحترم الابداع. وأكد أن مصر لديها من الإمكانات مايؤهلها لفتح مجال للإبداع في إطار التكنولوجيا والبرمجيات, كما أنها تتمتع بالقدرة علي أن يكون لها تأثير ثقافي هائل, وذلك من خلال تفعيل جيل جديد من صناع الثقافة, قادر علي استعادة مكانتها في هذا المجال, وهو ماسيعطي لمصر القدرة علي أن تلعب دورا رائدا في الحياة الثقافية في خمس دوائر مختلفة هي: الدائرة العربية, والإسلامية, والافريقية والمتوسطية, والعالمية خاصة أن مصر لها دور متميز في العالم العربي, والعالم العربي له دور خاص في العالم الإسلامي.