بعد ساعات من نفي السودان أمس اتهامات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس عمر البشير بإيداع تسعة مليارات دولار في الخارج بناء علي ماجاء في وثائق موقع ويكيلكس المثير للجدل وافق ممثلو الاحزاب السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني أمس علي مدونة السلوك المشتركة للاستفتاء والمشورة الشعبية والتي قدمتها لجنة حكماء أفريقيا ومجلس الاحزاب السياسية السودانية.تهدف المدونة الي رسم خارطة طريق لمرحلة الاستفتاء وما بعده, ويتم التوقيع عليها في9 من يناير المقبل بحضور رئيس مجلس حكماء أفريقيا رئيس جنوب إفريقيا الأسبق ثامبو مبيكي.تحكم مدونة السلوك المشتركة للاستفتاء والمشورة الشعبية, سلوك الأحزاب والمنظمات ومجالس الاحزاب السياسية وأي هيئات أخري توافق علي الالتزام بها. وتشمل الأنشطة التي تتناولها المدونة استفتاء جنوب السودان حول تقرير المصيرواستفتاء منطقة أبيي لتحديد الوضع الإداري لها, والمشورة الشعبية في جنوب كردفانوالنيل الأزرق. وتحث المدونة الأطراف علي العمل علي خلق بيئة مشجعة للسلوك الديمقراطي والسلميللعمليات المعنية, وتدعو إلي قيام المفوضيات بدعم مبادئ الديمقراطية والشفافية في عملها. وتشير المدونة إلي ضرورة الالتزام بنبذ العنف والامتناع عن الافعال والخطب المثيرة واحترام حياة الآخرين, كما تناشد وسائل الإعلام الحكومية الالتزام بأعلي معايير النزاهة في تغطيتها للاستفتاء والمشورات الشعبية, وأن تضمن السلطات الحكومية لممثلي وسائل الإعلام المحلية والأجنبية الوصول لكل المعلومات المعنية بعمليات الاستفتاء والمشورات الشعبية. في الوقت نفسه أكد محمد إبراهيم خليل رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان, التزامه بإجراء استفتاء يتطابق والمعايير الدولية ويرضي عنه المجتمع الدولي جميعا, وقال إن المفوضية جاهزة لإجراء الاستفتاء في موعده9 يناير المقبل.وأوضح خليل في تصريح لصحيفةالرأي العام السودانية الصادرة في الخرطوم أمس أن إحصائية جنوب السودان النهائية في التسجيل للاستفتاء بلغت3 ملايين و500 ألف مواطن بنسبة75% من العدد المستهدف للتسجيل بالاقليم.وبخصوص الطعون التي تقدم بها محامون عن بعض المواطنين يشكون إجرءات التسجيل للاستفتاء, قال إن المفوضية تعكف علي دراسة العريضة التي تقدمت بها المحكمة الدستورية بهذا الشأن, للرد عليها خلال اليومين القادمين. وأضاف أن قانون المحكمة الدستورية يلزم الطاعن باستنفاد الخطوات المتاحة كل, وأن تكون الدستورية هي المحطة الاخيرة. من جهته, قال توماس واني رئيس كتلة الحركة الشعبية بالمجلس الوطني السوداني, أن حزبه لن يقبل قرار المحكمة الدستورية في الطعن, لكون قانون الاستفتاء حدد أن أي تعديل أو إلغاء لابد أن يستند علي قبول الأطراف الثلاثة الشريكين والمفوضية. وأضاف في تصريح مماثل للصحيفة أن الطعن ليس له صفة قانونية, وأن اللجوء للمحكمة الدستورية استخفاف بالمحاكم التي شكلتها المفوضية حسب قوله. وفي أديس أبابا: دعا المشاركون في' الاجتماع التشاوري حول تحديات ما بعد الاستفتاء في السودان: إلي نشر روح التسامح والتعاون علي المستوي الاقتصادي والأمني والثقافي بين أبناء الشمال والجنوب في حالة الانفصال والبحث عن تعاون أمثل بين مناطق التماس الحدودية بين الجانبين. وأكد المشاركون في بيان صدر عقب الاجتماع الذي عقد علي مستوي الخبراء بمركز الأممالمتحدة للمؤتمرات بأديس أبابا واختتم أعماله امس دور المجتمع المدني في تفعيل الأنشطة التنموية بين الطرفين. كما شددوا علي أهمية أن يظل التعاون الاقتصادي قائما بين الجانبين إذا حصل الانفصال بعد الاستفتاء. ويعد هذا الاجتماع التشاوري علي مستوي الخبراء والذي بدأ اليوم الثالث من نوعه, حيث عقد الأول بفيينا في نوفمبر الماضي, والثاني في الخرطوم يومي10 و11 ديسمبر الماضي. ونظم الاجتماع المعهد الدولي للدراسات الأمنية في أوروبا والذي يوجد مقره في فيينا بالنمسا بالتعاون مع الجمعية السودانية النمساوية ومقرها الخرطوم, وبالتنسيق مع حكومة السودان. ونفي السودان امس مزاعم بايداع الرئيس عمر حسن البشير ما يصل إلي تسع مليارات دولار في الخارج وقال انه امر مستحيل بسبب العقوبات المفروضة علي السودان. وجددت الحكومة السودانية تأكيدها أن مهمة المحكمة الجنائية الدولية ومدعيها لويس أوكامبو, مجرد عمل سياسي محض يستهدف تشويه صورة الرئيس البشير والسودان بالحديث عن الإبادة الجماعية والاغتصاب وغيرها من التهم, ولذلك كان قرار السودان عدم التعامل مع المحكمة ومخرجاتها. وأشارت وزارة الاعلام السودانية في بيان لها مساء أمس إلي أن ما يؤكد تسييس عمل المحكمة, نفي مجموعة لويدز المصرفية البريطانية ما أوردته مذكرة سربها موقع ويكيليكس واستندت معلوماتها إلي مزاعم أوكامبو أن الرئيس البشير حول مبلغ تسعة مليارات دولار إلي المصرف. ونوهت الوزارة إلي ما أعلنته' لويدز بأنه لا يتوفر أي دليل علي وجود أموال لديها باسم البشير وأن سياسة المجموعة هي التقيد بالالتزامات القانونية والتنظيمية في جميع مناحي عملها. وذكرت الوزارة أن المذكرة المسربة فضحت أوكامبو الذي اقترح علي مسئول أمريكي الحديث عن وجود أموال باسم الرئيس البشير لتحويل اتجاه الرأي العام السوداني ضده لأنه لا يزال يحظي بشعبية كبيرة وسط السودانيين. وأضافت الوزارة أن اجتهاد أوكامبو لإقناع الدبلوماسي الأمريكي لدعمه في الترويج لهذه الفرية التي حسب زعمه' قد تقلب الرأي العام السوداني ضد البشيريؤكد فشل مهمته ودليل التسييس يؤكده تناقض هذا السلوك مع ما ظل يردده أن قيامه بمهمته يأتي استجابة لقرار مجلس الأمن بإحالة ملف دارفور للمحكمة. والدليل الآخر الذي يؤكد تسييس عمل الجنائية الدولية حسب وزارة الاعلام السودانية أن المدعي لم يقدم اتهامه بما يمليه عليه ضميره إنما كان اقتراحا قدمه لدبلوماسي أمريكي واستجاب له ولكنه رأي أن الوقت لم يحن بعد. وهو ما يعني أن اوكامبو إنما يعمل في إطار خطة, له فيها فقط حق الاقتراح, لكن تنفيذها وفق ما يقرره من قاموا بتوظيفه للمهمة. ودعا بيان وزارة الاعلام السودانية الأحرار في العالم لرفع أصواتهم عالية بتجريم المحكمة ومدعيها وطالب مجلس الأمم باتخاذ قرار يمنع فوضي استخدام قراراته للإضرار بمصالح دول هي أعضاء في الأممالمتحدة' ليس لها من ذنب إلا رفضها للهيمنة الاستعمارية والانكسار أمام مخططات المستكبرين. وفي تطور أخر, أكد وزير الشئون الانسانية بولاية جنوب دارفور السودانية, سليمان أحمد عمر, فرار40 أسرة من منطقة خور أبشي بالولاية الواقعة غربي البلاد, جراء المعارك المستمرة هناك بين القوات المسلحة وقوات حركة تحرير السودان جناح مناوي. وأوضح عمر, في تصريح لراديو مرايا, أن حكومة الولاية سترسل وفدا للوقوف علي الاوضاع الامنية والانسانية بالمنطقة. كانت تقارير صحفية أشارت الي نزوح الاف المدنيين من المنطقة فرارا من المعارك. وفي السياق ذاته, نزحت أعداد كبيرة من السودانيين الي لتيقة وشنقل طوباي وغيرهما من المناطق المتاخمة لخور ابشي. من ناحيتها, قالت بعثة اليوناميد في دارفور إن عددا من مواطني المنطقة لجأوا لمعسكر البعثة طلبا للحماية, فيما أشرفت البعثة علي إسعاف عدد من المصابين. وقالت البعثة في بيان صحفي انها لم تستطع التحقق من العدد النهائي حتي الآن, لكنها اشارت الي استمرارها في مراقبة الموقف عن كثب. وفي رد فوري ندد البيت الأبيض بالهجمات التي يتعرض لها المدنيون في جنوب دارفور, وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي مايك هامر إن علي جميع القادة السودانيين مسئولية حماية المدنيين. وأعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي عن قلق الولاياتالمتحدة العميق إزاء التقارير التي أفادت بأن القوات المسلحة السودانية هاجمت قرية خور أبشي وأحرقتها. وقال إن الولاياتالمتحدة تندد بذلك الهجوم الذي استهدف المدنيين, ودعا القادة في الشمال والجنوب إلي حماية المدنيين فيما ي قترب موعد الاستفتاء.