ذكرنا في المقال السابق أن الخليفة عمر بن الخطاب أرسل كتابه إلي خالد ابن الوليد بالتنحي عن قيادة جيش المسلمين, وتولية أبي عبيدة بن الجراح القيادة بدله. وأبو عبيدة بن الجراح هو أحد السابقين إلي الإسلام وهو قائد عظيم مقدام, وهو من المحدثين الصادقين الورعين يجتمع نسبة مع النبي صلي الله عليه وسلم في( قهر), وقد شهد له الصادق الأمين بالجنة وأطلق عليه( أمين الأمة).. ومنذ أسلم أبو عبيدة وهب نفسه للجهاد في سبيل الله تعالي, كما وهب أيضا ماله في سبيله, وكان ثقة عند النبي صلي الله عليه وسلم, وصحابته الأجلاء, فكان اختيار الخليفة عمر بن الخطاب لأبي عبيدة اختيارا صائبا, فهو قائد عظيم له السبق في الإسلام, قوي الإيمان, كثير التواضع. له دور في( غزوة بدر) حتي أنه قتل أباه وهو علي الكفر مصرا عليه, وكان يتجنب مواجهته, وقد جاء في أمره وغيره ممن يؤمنون إيمانا قويا بالله واليوم الآخر قوله تعالي( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم وأيدهم بروح منه...) المجادلة/.22 ثم قام عمر بن الخطاب بتولية أبي عبيد بن مسعود الثقفي قيادة الجند ضد الفرس فعبر نهر الفرات وقطع الجسر وراءه ثم حارب حتي قتل مع جمع من المسلمين, وقتل من الفرس ستة آلاف وسميت هذه( معركة الجسر), وقد فقد في هذه المعركة من المسلمين أربعة آلاف غرقا وقتلا, وهزم أبو عبيدة بسبب عدم اتباعه لأوامر الخليفة عمر بن الخطاب له بالاسترشاد بنصيحة كل من مسلمة بن أسلم, وسليط بن قيس, وهما من أهل بدر, كذلك لم يقتد بخالد بن الوليد الذي لم ينخدع بتمايل الروم عليه في العبور إليهم, ولكنه تركهم يعبرون إليه فاستطاع أن يهزمهم هزيمة شنعاء بعد أن اصطادهم أفرادا وجماعات, بينما عبر عبيد إليهم, وقطع الجسر فمني بهزيمة منكرة, وكان انتصار خالد في معركة( الفراض), ثم اختار عمر بن الخطاب المثني بن حارثة لقيادة الجيش.