بعد ثورتي يناير2011 و30 يونيو2013 ودخول مصر في حقية جديدة تستهدف تطوير شامل وتحديث الدولة المصرية من خلال تنفيذ مشروعات كبري وإعادة تأهيل المرافق والبنية التحتية والإصلاح التشريعي وإصلاح وتطوير الجهاز الإداري للدولة, وهذا الجهاز يعاني من مشكلات مزمنة وترهل هيكلي وممارسات إدارية مسرطنة ومنها مرض فقد المناعة نحو التطوير وغياب المبادرات الإدارية الإبداعية, بالإضافة الي أمراض الشيخوخة وغياب الصف الثاني من القيادات الشابة, وتحديث الإدارة المصرية يستلزم تجديد دماء المنظمة الإدارية في مصر وذلك بإعطاء الفرصة للشباب لتقلد مناصب في الإدارة العليا وإزالة المعوقات التي تحول دون تكوين صف ثان من القيادات.. ويمكن أن نعزو مشكلة غياب الصف الثاني من القيادات االشابة إلي عدة أسباب منها: أ) مد سن الإحالة للتقاعد لكثير من القيادات الحالية بما يسد الطريق أمام القيادات الشابة ب) قصور واضح في إعداد وتأهيل قيادات الصف الثاني من قبل المؤسسات نتيجة عدم ربط التدريب والتنمية بخطط المسار الوظيفي ج) يرتبط بذلك ايضا عدم اهتمام المؤسسات بوضع خطط لتعاقب القيادات وغياب آليات موضوعية لاختيار القيادات بل تغلب أحيانا اعتبارات المحسوبية وتداخلها مع اعتبارات سياسية وأمنية غير رشيدة ومشبوهة د) فشل مراكز إعداد القيادات الحالية سواء مركزإعداد القادة للقطاع الحكومي أو مركز إعداد القادة لقطاع الأعمال العام حيث تقدم برامج تدريب روتينية تكرس هيمنة القيادات الحالية ومساعدتها في الترقي لمناصب عليا, ولم أجدها تقدم حزمة برامج متكاملة لإعداد القيادات الشابة ه) غياب نظم وآليات علمية لتقييم أداء القيادات الحالية وإن وجدت كما هو وارد في القانون5 لسنة1991 فهي عملية شكلية, و) ولعل أهم هذه الأسباب هو تقاعس القيادات الحالية عن دورها في إعداد الصف الثاني من القادة البدلاء رغم أنها مسئولية مهنية وأخلاقية تفرض عليهم أن يتقاعدوا ومؤسساتهم في أحسن حال, كما أن علي القائد الحالي أن يدرك أن القائد المتميز هو الذي يصنع قادة آخرين. ولعلنا نقرر أن هذه المشكلة تقترن ببعض الآثار السلبية منها: هرم القيادات وحرمان المؤسسة من دماء جديدة وافكار خلاقة للقيادات الشابة, ارتفاع معد دوران القيادات الشابة وتركها المؤسسات الهرمة بحثا عن فرص في أماكن أخري, وكذلك استحواذ القيادات الحالية بكل فرص التنمية مما يتسبب في انخفاض مستوي المساعدين والوكلاء والنواب وبالتالي تهميش دورهم وتكريس منظومة الرجل الأوحد, وقبل أن أقترح بعض الأفكار والتي قد تسهم في حل هذه المشكلة وتوفير منظومة إدارية تفرز أجيالا من القادة, ينبغي أن نحذر من موجة تمكين الشباب بصفة مطلقة بمعني أن كون الشخص شابا فهذا يعطيه الحق في الحصول علي اشياء كثيرة ومنافع ومزايا معينة, ولكن نحن مع تولي الشباب مناصب قيادية, وشريطة أن يتمتعوا بالجدارات والخبرات اللازمة, وهنا يجب أن نركز علي الفئة من25 الي45 عاما, ويتم ذلك من خلال حزمة من المقترحات لإفساح المجال للصف الثاني وتقليص ظاهرة هيمنة القيادات الهرمة علي المناصب القيادية وهي: توقف الحكومة بوزرائها عن تمديد سن التقاعد لأي سبب أو لأي شخص وتركيز مراكز إعداد القادة علي تأهيل قادة الصف الثاني من خلال برامج واضحة تعتمد وتراقب من مجلس الوزراء- تحفيز المؤسسات علي وضع نظم لتعاقب القيادات مع تكريم القادة الذين يسهمون في توفير فرص للقادة الشبان- إنشاء مراكزالاكتشاف المبكر للقدرات الادارية والقيادية كما يحدث في أمريكا وفرنسا, مع تبني وتنفيذ برامج تدريب وتنمية لإكساب الشباب الجدارات القيادية الحديثة باساليب تطويرية فعالة مثل المناظرات ومعسكرات القيادة والمشاريع والتكليفات ونماذج المحاكاة وتحليل التجارب الرائدة في المؤسسات الناجحة.