قد يكون من العبث أن أختص وزيرا واحدا بهذه السطور, بينما يمر الوطن كله بحالة مرضية نرجو أن يتعافي منها سريعا. وبينما يعترف رئيس الوزراء نفسه بأن أداء الحكومة ليس علي المستوي المطلوب ويعد بتحسينه.. لكن حالة وزير التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر خاصة جدا وصارخة جدا, ولا يمكن أن تنتظر تعديلا وزاريا ولا تحسنا مفاجئا يطرأ علي أداء الحكومة, بل لا مفر فيها من الإقالة الفورية, إذا كنا فعلا في مصر الجديدة بعد ثورتين, وليس في مصر مبارك التي كانت تبقي علي الوزير عشرات السنين مهما فعل ومهما ارتكب من تجاوزات, وإذا كنا جادين فعلا في بناء وطن مدني ديمقراطي حديث يسوده العدل ويحكمه القانون. ليس من المعقول ولا المقبول أن يموت ثلاثة تلاميذ في عمر الزهور بمدارس أبو النصر خلال الأيام القليلة الماضية في ثلاث حوادث منفصلة, وبسبب التقصير والإهمال وليس لسبب آخر, ثم يستمر الوزير علي كرسيه وكأن شيئا لم يكن. ففي مدرسة عمار بن ياسر للتعليم الأساسي التابعة لإدارة المطرية التعليمية, لقي الطفل يوسف محمد مصرعه بعد سقوط زجاج نافدة فصله الدراسي علي رقبته مما تسبب في إصابته بتهتك في الأوعية الدموية. وطالب أولياء الأمور, الذين تجمهروا بالطبع كما يحدث في كل كارثة من دون أن يستجيب لهم أحد, بضرورة محاسبة المقصرين من مديري المدرسة والمعلمين المسئولين عن الإشراف المدرسي, وقالوا إن المدرسة يوجد بها إهمال شديد خاصة فيما يتعلق بطريقة خروج الطلاب, وإن إدارتها تفتح الباب للطلاب لخروجهم دفعة واحدة وفي وقت واحد مما يتسبب في سقوط بعضهم علي بعض نتيجة التدافع, بالإضافة إلي تعرضهم للحوادث, نظرا لوقوع المدرسة علي أحد الشوارع الرئيسية والتي تمر بها السيارات بمعدل سيارة كل دقيقتين. وأضافوا أن الحادثة ليست الأولي, حيث تعرضت طفلة منذ سنوات إلي حادث اغتصاب من قبل أحد الأشخاص بالمدرسة, بالإضافة إلي حجم المعاناة التي يعيشها أولياء الأمور والمتعلقة بارتفاع أسعار الدروس الخصوصية والمجموعات والتبرعات التي تطلبها إدارة المدرسة منهم. وبعد أيام قليلة, خلال أكتوبر الجاري أيضا, وقعت مأساة أخري لقي خلالها الطفل يوسف سلطان زكي(7 سنوات) بقرية الزعيرات النجيلة بمطروح, مصرعه إثر سقوط بوابة مدرسته عليه أثناء لعبه خلال الفسحة.. وبسؤال مديرة المدرسة, أقرت بأنه أثناء اليوم الدراسي, وفي فترة الفسحة, قام الطفل الضحية باللعب في بوابة المدرسة وتحريكها, فسقطت عليه نظرا لقدمها وتهالكها, فلقي مصرعه في الحال!! وفي إطار سلسلة الكوارث, لقي الطفل أدهم محمد أحمد, بمدرسة أمين النشرتي بإدارة أطفيح التعليمية بمحافظة الجيزة, مصرعه بعد أن دهسته سيارة التغذية المدرسية, كما أصيب الطفل إبراهيم وليد بنفس المدرسة بإصابات خطيرة إثر الحادث. وأمرت نيابة أطفيح بحبس مدير المدرسة ومشرف التغذية والسائق ومسئول الأمن بالمدرسة4 أيام علي ذمة التحقيقات, بعد أن وجهت لهم تهمة الإهمال الجسيم الذي أدي لوفاة أحد التلاميذ. ولم يرق قلب المسئولين الكبار لعذاب الوالدين, حيث أصيبت الأم بحالة بكاء هيستيري وإغماءات متتالية, وانتابت الأب محمد أحمد, الذي يعمل محاميا,نوبات بكاء شديد حزنا علي نجله, إلا أنه قال إن هذا قضاء الله رافضا اتهام أحد بالتسبب في وفاة نجله, بينما قرر أقاربه أن الوفاة حدثت بسبب حالة من الإهمال الجسيم داخل المدرسة.. وقال وليد صلاح, والد التلميذ الآخر إبراهيم الذي أصيب بعد رجوع سيارة التغذية المدرسية عليه, إنه أثناء جلوس9 تلاميذ بجوار مباني المدرسة من الداخلعلي حائط يرتفع عن الأرض مترا, فوجئ الأطفال بسيارة قادمة عليهم بسرعة,وأوضح أنالسائق حاول التوقفولكنه لم يتمكن. هذه كوارث وحوادث تستقيل- بعد وقوع واحد منها فقط- حكومات بأكملها وليس وزيرا واحدا, لكننا في ظل الظروف التي نمر بها نعرف أن استقالة أو إقالة الحكومة أمر تحكمه حسابات سياسية أكثر صعوبة وتعقيدا, ونتساءل: ماذا عن الوزير المسئول مسئولية مباشرة عن الزهور التي دهست والأهالي الذين فقدوا فلذات أكبادهم؟ والسؤال الأهم: من يحمي وزير التعليم رغم هذه الكوارث المفجعة؟ ومن وراء استمراره رغم التقصير ورغم تجاوزات أخري لن أتطرق إليها لأنني لا أمتلك المستندات الدالة عليها؟