أصدرت الحكومة منذ أسابيع تعديلا لبعض مواد قانون البناء الموحد, والذي ينظم عملية الهدم والبناء وشروط إستخراج الترخيص وكيفية إستخراجه والشروط اللازمة للبناء والرقابة والإشراف عليها, والحق أنه تعديل جاء في موعده ونأمل أن يسهم في حل مشكلة البناء التي تطول قبل التعديل الأخير وتتعقد وتعيق سرعة عمليات التشييد والبناء وحقوق المقاولين والملاك والسكان بصورة باتت تضر بالاقتصاد القومي وهذا مايشجعنا علي أن نطالب بأن تتبني الحكومة الحالية طرح تعديل آخر نأمل أن يحدث عاجلا في القانون الجديد للعلاقة بين الملاك والمستأجرين أطلق حرية الملاك الكاملة في تأجير الوحدات السكنية التي يملكونها وأعطي لهم العنان كاملا في تحديد شروط التعاقد ومدته والأجرة والغرض الذي يجب أن يؤجر من أجله, فالمسكن الخاص بالنسبة للمصري هو سكنه وأمانة وملاذه والذي يهون دونه أي شيء بكل ماتعنيه الكلمة من معان وأحاسيس في وجدانه وروحه وشخصيته المتوارثة والمتراكمة عبر السنين, وهو بطبعه لايعرف غيرالاستقرار بين أربعة جدران تمثل بالنسبة له مأواه وملاذه وموطن أمنه وأمانه وحياته, لا تميل نفسه بسهولة للتنقل والتغيير, بل إن ما اعتاد عليه شاب عليه, وبالتالي لايمكن أن نترك هذه الحقيقة الوجدانية المتأصلة في وجدان المصري لظروف تقلبات أسعار السوق وفرصه, وبذلك لايمكن تصور أن يؤمر أي منهم بترك مسكنه بين يوم وليلة لسبب مافي نفس يعقوب, أقصد المالك, أو لمجرد أن عقد إيجاره المحدد المدة قد انتهي, وللأسف يشعر السكان أنها مرت مرور السحاب, أو جاءت للمالك فرصة أخري للاستثمار بها أو لتأجير المسكن لمستأجر آخر سيدفع أجرة أعلي فأين يذهب من استقر وسكن وأمن واطمأن هو وأسرته بين أربعة جدران تأويهم, هل يتصور أحدنا نفسه وقد بات مطلوبا منه أن يغادر مسكنه فجأة ويبيت بالشارع بدعوي حرية المالك في التصرف فيما يملك, للأسف تلك إحدي نتائج قانون الإيجارات الجديد. علينا أن ندرس جميع الآثارالعامة لهذا القانون الآن وبعد سنوات من تطبيقه, وهل حقا أعادت مبادئ العدالة لتحكم العلاقة بين الملاك والمستأجرين وأسهمت في فتح الشقق المغلقة وأطلقت رغبة الملاك في إعادة البناء للتأجير من جديد؟ أم أن كل مانراه يبني من عقارات يخصص فقط للبيع كوحدات تمليك؟ فكثر المعروض منها ولكن لم تعقل أسعارها والتي ظلت تعجز عنها قدرات المواطن العادي فما بالك بالشباب حديثي التخرج؟ وهل عمل علي توفيرالمساكن بصورة تتناسب واحتياجات المجتمع ومنهم قطاع عريض يمثل طالبي السكني من الشباب والساعي لبناء أسرة جديدة وقدراتهم ومتطلبات السوق الحقيقي أم لا؟!. وماهي آثار هذا القانون علي الاقتصاد القومي؟ وما هي نسبة من استفادوا منه ومن أضيروا من جرائمه؟ ألم يسهم في إطلاق موجة الغلاء العام وقلة المعروض من المساكن الاقتصادية والتي تتناسب مع إمكانات قطاع عريض من المجتمع والشباب خاصة؟ ومن ناحية أخري ماهي نسبة إسهام هذا القانون في حل مشكلة الاسكان أو حتي فتح الوحدات المغلقة؟ بل العكس سنري أن عدد من أضيروا منه أضعاف أضعاف من استفادوا. حق الملكية بدون شك حق مقدس وأصيل كفله المجتمع بسياج دستورية وقانونية تضمن حمايته, إلاأنه لا ينبغي علينا أن نهمل شق هذا الحق ودوره الاجتماعي الذي يعني الأمن والأمان والإستقرار للمواطن المصري خاصة, وإلاحمل هذاالإفراط في تقديس حق الملكية بلا ضوابط بذرة تسهم في تفتت المجتمع وشيوع حالة الاحتقان بين فئاته وإحداث فوران اجتماعي نحن لسنا في حاجة له علي الأقل في الوقت الحالي, وهو الأمرالذي ينذر بحدوث مالا يحمد عقباه, وخاصة إذاأدركنا أن أصحاب الصوت العالي في استمرار هذاالقانون علي ماهو عليه من مساوئ دون علاج هم بالطبع أثرياء الملاك من يبغون سرعة تدوير رءوس أموالهم بما يحقق لهم عائدا متراكما مع الأيام, أما المستأجرون فهم في الأغلب الأعم يعدمون الوسيلة لعرض وجهة نظرهم, فلماذا نصم آذاننا عنهم ونضحي بهم؟ أمن أجل حفنة قليلة من أصحاب رءوس الأموال الجدد الذين يملكون وسائل الإعلام ويريدون استثمار أموالهم في المجال العقاري ذي الربح السريع السهل والمضمون والعالي والذي لايضيف شيئا للدخل القومي الحقيقي للبلاد, استثمارينسف تراث الأمة وتاريخها ووجهها الحضاري والتاريخي وبدوافع مادية ربحية فقط, ولنا في الشركات العقارية ذات رءوس الأموال الأجنبية التي نجحت في فترة ما في شراء بعض عقارات وسط مدينة القاهرة والإسكندر ية وعواصم المحافظات, والتي تحاول وتجتهد لشراء الباقي تمهيدا لهدمها وبناء أبراج تخصص وحداتها للبيع بدلا منها الدليل الحي والقائم علي مانقول, وبالمناسبة هل يتذكر الجميع لماذا تدخلت الدولة منذ الأربعينيات لتنظيم العلاقة الإيجارية من القرن الماضي بين الملاك والمستأجرين؟ هلي حل قانون الإيجارات الجديد مشكلة الإسكان أم زادهااشتعالا؟ هل يمكن لأي شاب حديث التخرج أو حتي موظف في أول السلم الإداري أن يجد شقة سكنية بسهولة, وإن وجد هل يمكنه سداد أيجرها الشهريه مستواه فوق المتوسط, مستغلين في ذلك الحرية الكاملة في تحديد قيمة الأجرة ومدة التعاقد والتي أعطاها لهم هذا القانون,حتي أن البعض وهم كثيرون قد طالبوا بتدخل الدولة لوضع حد لتلك المغالاة اللا إنسانية؟