هل يفلح قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر المزمع إصداره بعد قرار وزير الاسكان بتشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون في إصلاح تلك العلاقة المضطربة. وهل يسهم تحريك القيمة الإيجارية وتحرير العلاقة في تحقيق العدالة الاجتماعية بين الطرفين.. وهل يعالج القانون الجديد التشوه الواضح في سوق الإسكان والذي يتجلي في إغلاق نحو 750 ألف وحدة سكنية. وهل تتدخل الدولة لدعم غير القادرين من المستأجرين..؟! مشروع قانون الإيجارات الخاص بالمساكن القديمة ينظم قيمة الزيادة في الإيجار ويربطها بتاريخ إنشاء العقار والغرض منه سواء أكان للسكن أم لغيره. وتكون الزيادة في حدود 10 أمثال الأجرة القانونية للعقارات المنشأة قبل عام 1944 ومن عام 1961 وحتي 1973 تزداد الأجرة القانونية بواقع 6 أمثال القيمة الإيجارية ثم زيادة سنوية بنسبة 10% من آخر أجرة. والعقارات المنشأة من 73- 1977 تزداد القيمة الإيجارية بمقدار أربعة أمثال الأجرة القانونية ثم زيادة سنوية بنسبة 10% لمدة ثلاث سنوات. ومن عام 1977 - 1996 تزداد الأجرة القانونية الحالية بعد مرور 5 سنوات بنسبة 50%.. هذه هي أهم ملامح مشروع القانون الجديد لإيجارات المساكن القديمة. وقد طرحنا علي الخبراء والمستأجرين وملاك العقارات ورصدنا ردود أفعالهم في التحقيق التالي: * يقول حسن عبدالغني "مستأجر بعين شمس": أدفع 200 جنيه إيجارًا لشقتي بخلاف الكهرباء والمياه. فكيف أدفع بعد 6 سنوات 320 جنيهاً. مضافاً إليها الفواتير الشهرية ليتخطي المبلغ المدفوع 500 جنيه. و هذا مبلغ كبير علي من يتقاضي معاشاً شهرياً مقداره 700 جنيه.. فهل يكفي ما تبقي للعلاج الشهري والغذاء وخلافه؟! * يقول محمد عبده "عامل يسكن في إمبابة": أعمل باليومية وأدفع إيجاراً شهرياً لشقتي بخلاف الكهرباء والمياه. وأعاني وأسرتي حياة قاسية وبالكاد أوفر قوت يومنا حيث أعمل بشكل غير منتظم.. فكيف يتم رفع الإيجار دون مراعاة لظروفنا. أضاف: عندما استأجرت شقتي في أواخر الثمانينيات كان الإيجار عادلاً لصاحب العقار. ودفعت وقتها 6 آلاف جنيه كمقدم وقد حقق المالك أرباحًا من عمارته. فكيف تأتي الحكومة اليوم لتجبرني علي زيادة الإيجار سنويا. ولو كنت أتقاضي دخلاً منتظماً وعلاوات كل عام ويطبق عليَّ الحد الأدني للأجور لكانت زيادة الإيجار ممكنة. * يقول محمد حسن "محاسب ويسكن في شبرا": علي الرغم من أنني مستأجر فإن هذا القانون ظالم للمالك. فأنا أسكن بشبرا في شقة تزيد مساحتها علي 150 متراً بإيجار شهري 15 جنيهاً فقط. ورفعته من تلقاء نفسي ل100 جنيه لأنه يوجد بجواري وحدات سكنية يقترب ثمنها من المليون جنيه. أضاف: أسكن بالعقار منذ الستينيات والقانون الجديد ينص علي زيادة الأجرة القانونية الحالية 10 أمثال بما يعني أن قيمة الإيجار 250 جنيها. وهذا ليس رقماً كبيراً أو ميزة للمالك. وخصوصاً أن مساحات العقارات المؤجرة قديماً في مناطق مثل شبرا أو وسط البلد وجاردن سيتي والزمالك تكون كبيرة وإيجاراتها ضئيلة. * يوضح فهيم نبيل "مستأجر محل": أنه ينطبق عليه نص المادة التي تقنن الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكن والتي تزيد قيمتها الإيجارية 10% سنوياً لمدة عامين ثم تخضع قيمة الإيجار بعدها لاتفاق الطرفين.. وتعطي المادة الثالثة للمالك حق طرد المستأجر والإخلاء وتأجيرها للغير.. وهذا شيء غامض وغير منطقي ويخلق مشاكل ونزاعات كثيرة بين طرفي العقد. أضاف: لا توجد مشكلة في الزيادة بنسبة 10% سنويًا لمدة محددة. فالزيادة حق للمالك لكن ينبغي تقنينها بنص واضح وألا تترك لاتفاق الطرفين اللذين لن يتفقا.. وكيف يعطي القانون للمالك الحق في فسخ عقد الإيجار وتأجير العين لمن يريد. فهذا مخالف للقانون ويخلق مشاكل لا حدود لها. وأطالب بتلافي مثل ذلك في القانون الجديد حتي لا يضع المالك في مواجهة المستأجر! * يقول سيدهم رزق الله بدري "مستأجر محل": هذا القانون خراب بيوت لأصحاب المحلات. ويعطي المالك الحق في طرد المستأجر. ونحن مع رفع الدولة للإيجار بشكل عادل ومتوازن بين الطرفين. وحتي لا يكون أصحاب المحلات ضحية لهذا القانون الذي من شأنه تقويض الاستثمار في مصر بتأثيره علي جميع النواحي الاقتصادية. طاب بتحقيق العدالة والإنصاف في قانون الإيجارات. ووقف القانون الجديد. فكيف يدفع شاب في مقتبل العمر ألف جنيه شهرياً ومدة العقد 5 سنوات ثم يحق للمالك طرده وأسرته إلي الشارع..! * يتساءل محمد جمال "موظف بالأوقاف ومستأجر قانون جديد": لماذا ينص مشروع القانون الجديد علي ما يسمي بقانون الإيجار الجديد والذي يتيح لملاك العقارات استغلال الشباب بصورة بشعة. لدرجة أن أحدهم قام بطردي وأولادي لعجزي عن دفع الإيجار وقيمته 700 جنيه لمدة شهرين بسبب تركي لعملي. وهذا القانون يؤدي للاضطراب الأسري في ظل ضعف مواردنا التي لا تسمح لنا بالتملك. فالحكومة رفعت يدها عن بناء المساكن الاقتصادية لمحدودي الدخل. ومرتبي يذهب بالكامل للإيجار. وطالب بأن يتضمن القانون الجديد مادة تنص في تقنين الوضع. وإجبار المالك علي مد فترة العقد ل10 أو 15 عاماً لنتمكن من توفير ثمن شقة. * يؤكد نبيل سروانس "مالك عمارة بمصرالجديدة" ان هناك ظلماً شديداً واقعاً علي ملاك العقارات المستأجرة. خصوصاً القديمة. فليس عدلاً أن يدفع المستأجر 20 جنيهاً إيجاراً لشقة سعرها الحالي مليون جنيه. قال: لو طبق القانون الجديد بزيادة الأجرة الحالية 6 أمثال وأعقبها زيادة أخري بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة فهذا سينصف المالك ويعوضه عن سنوات ظلم طويلة. وينبغي إضافة مادة بالقانون الجديد تحظر توريث المسكن. لأنه إجحاف لنا وعقود الإيجار لا تنص علي ذلك. فبعض المستأجرين يقيم معهم أبناؤهم ويتزوج أحدهم بالشقة. وهكذا يمتد عقد الإيجار ولا نجد سكناً لأولادنا وإن وجدت لا أستطيع دفع الثمن. * يقول أحمد البلطي "مالك أحد العقارات": القانون الجديد لا يحقق العدالة فإذا قورنت نسبة الزيادة بأسعار اليوم فهي شيء ضئيل. ومن يملك سكناً آخر يقوم بتأجير الشقة الإيجار مفروشة بمبالغ كبيرة جدًا ويدفع الإيجار الأصلي مبلغاً لا يذكر وهذا ما ينبغي أن يعالجه القانون الجديد بعقاب رادع. * يقول المهندس اسماعيل عثمان "الرئيس السابق للمقاولون العرب ونائب رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء": لابد من طرح القانون علي المختصين وأصحاب الخبرات حتي يخرج بصورة ترضي كلا من المالك والمستأجر. ويعيد التوازن للعلاقة بينهما. أضاف: أوافق من حيث المبدأ علي الملامح الرئيسية لمشروع القانون الجديد. ولابد أن يتضمن حدًا أقصي وأدني للزيادة وربطها بمساحة وموقع السكن. ويجب أن تقوم الدولة والقطاع الخاص بإنشاء وحدات سكنية اقتصادية ومدنا جديدة للطبقة المتوسطة بنظام الإيجار. فهو الأنسب نظراً لظروف الشعب المصري ولتكن البداية بشقق صغيرة للشباب المقبل علي الزواج. علي أن تتكفل الدولة بالخدمات ويكون العقد محددًا بمدة معينة وتتم زيادة القيمة الإيجارية بين الحين والآخر. * تقول د. هبة نصار "رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس": العلاقة المتشابكة بين المالك والمستأجر تحتم مناقشة القانون الجديد من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والقانونية باستفاضة لنضع حدًا للمشكلات. خصوصاً في المساكن القديمة التي تناولها القانون بالتفصيل باعتبارها أساس المشكلة. ولابد من النظر للقانون من الناحية الاقتصادية وارتباطها بالوضع الاجتماعي فهما وجهان لعملة واحدة. فالملاك لهم الحق في رفع القيمة الإيجارية وهناك فئة كبيرة من المستأجرين ذات وضع اقتصادي صعب وهم محدودي الدخل وأصحاب المعاشات ومن في مستواهم وهؤلاء ينبغي مراعاة ظروفهم حتي لا يكون للزيادة الإيجارية مردود سلبي عليهم. تضيف: من إيجابيات هذا القانون أنه سيزيد العرض في سوق العقارات ويخفض ثمن المساكن لأن هناك ملايين الوحدات المغلقة سيتم فتحها وتأجيرها. لو شعر الملاك بأن هناك سعرًا عادلاً. * يقول المهندس صلاح حجاب "أحد أعضاء اللجنة التي شكلها وزير الإسكان لبحث مشروع القانون الجديد": لم تنته اللجنة من صياغة القانون بشكل نهائي. وهدفنا الوصول لقانون يحقق العدالة والتوافق بين طرفي العقد. ولذلك ندرس أفكارًا سابقة لنصل إلي أفضل الحلول. أضاف: من بين المقترحات: عودة العمل بنظام الإيجار الذي كان معمولاً به عام 1970. فلم يكن هناك نظام التمليك سوي لفئة يطلق عليها ذوو الأملاك وكانت فئة قليلة. والقانون الجديد يحاول ألا يظلم طرف طرفاً آخر في العلاقة الإيجارية. وذلك بتحديد قيمة إيجارية يرتضي بها الطرفان مع العمل علي إنشاء صناديق لدعم الفئة ذات الدخل المنخفض. واللجنة التي شكلها الوزير تتولي الآن تقدير قيمة المباني القديمة. يقول المستشار وائل عمران "مستشار بمحكمة القاهرة الاقتصادية": لابد أن يتولي مجلس الشعب القادم تحديد قيمة الزيادة الإيجارية حتي لا يتعارض القانون أخري تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر. وإذا أريد تغييرها فلابد من الرجوع لأعضاء البرلمان بالتنسيق مع اللجنة التشريعية ومجلس الوزراء حتي تصاغ بشكل قانوني ثم يُعرض القانون علي المحكمة الدستورية ومجلس الدولة للإقرار بدستوريته حتي تستقر الأوضاع بين المالك والمستأجر ونتخلص من الكم الهائل للقضايا المتطورة أمام المحاكم وتخص العلاقة بينهما. ** ..