أدلي الدكتور طارق وفيق وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة, كثير الابتسام قليل الكلام, بحديث لإحدي صحفنا القومية الكبري يوم2013/2/17, شمل صفحة كاملة, وقد خصصه سيادته لأهم الملفات الشائكة والعاجلة التي يتعين علي الوزارة التصدي لها, ومن أهمها وأولها تعديل قانون العلاقة بين الملاك والمستأجرين للمساكن القديمة, حيث اعتبر أن العمل علي استصدار الوزارة قانون جديد يعيد التوازن بين الملاك والمستأجرين ويحقق العدالة للملاك يحقق عدة أهداف في مقدمتها رفع الغبن عن ملاك تلك الوحدات التي تخضع لقانون الإيجارات القديم, فرفع الغبن عن الملاك من شأنه أن يشجع الاستثمار العقاري بمحاولة جذب القطاع الخاص للعودة للاستثمار في قطاع الإسكان من خلال الإيجار وزيادة نشاط سوق العقارات بغرض البناء للإيجار. ولما كانت البداية الخطأ تنذر بنتائج حتما ستكون خاطئة, وتفسير ذلك أن السيد الوزير غاب عنه أن يعرف أن أحكام القانون رقم6 لسنة1997, والمعدلة لقانون الإيجارات القديمة, قد أطلقت العلاقة الإيجارية من أي قيد إلاسلطان المالك وقبول المستأجر, والذي يضطر صاغرا لقبولها, وبالتالي أصبح المالك حرا في تحديد قيمة الأجرة المقدرة منه لتأجير الوحدات التي يريد تأجيرها والتي بنيت بعد صدور هذا القانون أو الوحدات السكنية التي بنيت قبل هذا التاريخ ولكنها آلت لحيازة مالك العقار نتيجة خلوها من مستأجريها لتوافر أحد الشروط التي وضعها ذات القانون لإخلاء تلك الوحدات, وهي كثيرة ويعرفها كل الملاك وسكان العقارات, وهو القانون الذي قامت ولاتزال تقوم من أجله المظاهرات والوقفات الاحتجاجية, التي ينظمها سكان الوحدات الجديدة كل فترة نتيجة المغالاة الشديدة في قيمة الأجرة الشهرية التي يحددها الملاك, وفاقت قدرة المستأجر العادي وخاصة الشباب المقبل علي الزواج والباحث عن مسكن يتزوج فيه يتناسب إيجاره قدرته المالية, حتي رأينا لافتة تعديل هذا القانون بما يضمن وضع حد لغلو الملاك في تحديد أجرة الوحدات الجديدة بما يرفع الغبن والظلم عنهم ترفع من بعض الثوار وأدرجها البعض ضمن أهداف الثورة, فلطالما الحال كذلك فقد غاب عن السيد وزير الإسكان أن يعرف أن كل العقارات التي تبني بعد هذا التاريخ وتخصص وحدات منها للإيجار يحدد المالك بمفرده قيمة الأجرة الشهرية وبقية الشروط الإيجارية الأخري, لذا فإن تعديل أحكام قانون الإيجارات القديمة, أكثر مما لحق بها من تعديلات تمت خلال السنوات السابقة, لن يفيد شيئا في مجال جذب القطاع الخاص للعودة للاستثمار في قطاع الإسكان بغرض الإيجار, فحقيقة الأمر أن من يبني عقارا جديدا يسعي قدر طاقته لبيع جميع وحداته السكنية وليس تأجيرها رغم وجود هذا القانون, وذلك بغرض تحقيق ربح سريع وفوري وعال يمكنه من إعادة تدوير أمواله في السوق ببناء عقار جديد يقوم ببيع وحداته السكنية, وهكذا دواليك, فالملاك يبحثون عن الثراء السريع وليس انتظار أجرة شهرية تأتي لهم كل شهر أو سنة مهما كانت كبيرة, فهي لا تفيده شيئا إذا قسنا ذلك بفائدة إعادة أمواله المستثمرة في البناء خلال عام أو عامين علي الأكثر أضعاف ما أنفقه بالفعل. إذا أردنا أن يعود البناء من أجل الإيجار فعلينا أولا أن ندرك تلك الحقيقة أن الملاك يفضلون بناء العقارات بغرض بيع الوحدات السكنية وليس تأجيرها لما يحققه الغرض الأول لهم من مزايا كبيرة عن الثاني, والمتمثلة في الفارق الرهيب بين تكلفة البناء التي يتحملها المالك وما يعود عليه من إجمالي ثمن بيع العقار من ربح رهيب يتحقق له فقط في مدة بسيطة نسبيا, لقد انحصرت بالفعل عملية لجوء الملاك للإيجار في حالتين فقط, الأولي إذا كان المالك يمتلك وحدة سكنية واحدة أو أكثر ولن ينتفع بها الآن فيقوم بإيجارها وفق القانون الجديد, والثانية إذا ما آلت وحدة سكنية في عقار قديم لحيازة المالك لانقضاء العلاقة الإيجارية لها لتوافر أحد الأسباب الواردة بالقانون فيقوم بإيجارها إيجارا جديدا, وهذا بالطبع غير الوحدات المملوكة للدولة وتقوم بتأجيرها للشباب ومحدودي الدخل. لقد بات تعديل قانون الإيجارات الجديدة مطلبا شعبيا نظرا لإطلاق يد الملاك في تحديد قيمة الأجرة فغالوا فيها بصورة أكثر من اللازم وفوق طاقة من يبحث عن سكن يؤويه وأسرته أو شاب يريد الزواج, لذا فإن العدالة تقتضي إذا أردنا أن نجري تعديلا في قانون الإيجارات القديمة أن ننظر أيضا في طريقة قانونية ما نحد بها من سلطان المالك في تحديد الأجرة للمساكن الجديدة بما يحقق أيضا العدالة بينه وبين مستأجر هذه الوحدات, وأيضا ألا ننسي أن مستأجري الوحدات القديمة اضطروا لدفع مبلغ ضخم تحت مسمي خلو رجل أو مقابل التحسينات أو ما شابه, الأمر الذي اضطر الدولة حينئذ لتجريم تلك الظاهرة.