مع جعفر القاسمي تحول الممثل الي حقيبة,في العرض التونسي حقائب اصبحت احلامه حقيبة وآلامه وصراعاته حقيبه وعندما فتحت فرقة المسرح الوطني التونسي هذه الحقائب في مصر علي خشبة مسرح مركز الابداع حصدت جوائز مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي باقتدار, رشح العرض لاغلب الجوائز وحصلت علي جائزة افضل عرض باجماع لجنة التحكيم وافضل ممثلة لبطلاته الثلاث سماح دشراوي وسماح توكابري ونبيلة قويدر, وفي هذا الحوار يتحدث جعفر القاسمي عن تفاصيل عرضه: * لماذا الحقائب؟ ** لان الانسان في اعتقادي اشبه بالحقيبة, يولد في حقيبة ويخرج الي الحياة في حقيبة مليئة بحقائب منها المفرح والمحزن ويرحل في النهاية في حقيبة, وهناك حقائب لايريد الانسان فتحها ينساها ويتجنبها واخري ممنوع فتحها, والممثل حقيبة عجيبة غريبة قادرة علي فتح كل حقائب المجتمع وان الاوان اليوم لدخول هذه الحقيبة, في كل مرة يظهر فيها الممثل علي المسرح يروي لنا مشاكلنا, اين هو من هذا؟ ماهي همومه آلامه كانسان, هو انسان فصامي في رأيي وكلي ثقة أن أي ممثل في العالم مصاب بفصام حاد بين واقعه والمنشود, فنحن مقسمون بين حياتنا الخاصة وفي اطار العائلة وحياتنا كفنانين ومثقفين واصحاب فكر. * هل صحيح ان العرض انتج في اطارالاحتفال بمئوية المسرح التونسي؟ ** نعم لكني لا أؤمن بمسرح علي المقاس, المسرح ليس له مقاسات وليس فازة وانا لست خياطا, وانما الظرفية اقتضت ذلك فالمسرح الان يحتاج لظرفية, لدي سؤال مثلا للمسرحيين لماذا المسرح الان, هو ليس ضرورة ولكن غيابه خطير, فهل وجدنا شخصا ما في احد الايام في الشارع يقول مسرحية لله او ارجوكم مسرحية لاني لا استطيع النوم الليلة او سمعنا عن شخص مرض او مات لانه لم يشاهد مسرحية لم يحدث بالطبع, فالمسرح ليس ضروريا كالماء والهواء, المؤلم ان المسرح اليوم في ختام المهرجان علي الاقل استطاع جمع شمل اشقاء عرب اتفقوا علي ضحكة وبسمة وتصفيق علي عكس ماتفعله الكرة ومع ذلك مازلنا متعلقين بالكرة وهذا خطير لايجب ان تأخذ اكثر من حجمها بهذا الشكل. *في رأيك ماسر الحالة التي خلفها العرض لدي جمهور المهرجان باختلاف جنسياته؟ **المسرح لغة عالمية يخاطب البشر يخاطب الانسان, المسرح هو الانسان وما مس الجمهور في حقائب هو الانسان والجانب الانساني التونسي الممثل هو العازف وهو الآلة في الوقت نفسه آلته جسده وروحه ولسانه واحساسه, حركة الممثل بالنسبة لي في هذا العرض كلها ايقاع فالممثل الذي لايمتلك ايقاعا في جسده هو ليس ممثلا, صوته لابد ان يكون مبنيا علي نوتة موسيقية ودرجة معينة, بحيث يحمل كل ممثل نغمة خاصة به ويصبح اجتماع ابطال العرض لحنا موسيقيا متكاملا, اللغة واللهجة ليست عائقا في المسرح بدليل حالة التفاعل الرائعة التي شهدها حقائب في مصر, كما اني فوجئت بمواطن ليتواني يبكي اثناء العرض رغم انه لايعرف العربية وهناك شاب تونسي دارس للمسرح حضر الي مصر خصيصا لمشاهدة العرض وهو مالم نعهده من قبل الا في مباريات الكرة. * هل تعتقد ان الموسيقي لعبت دورا في ايجاد هذه الحالة؟ **بالتاكيد الموسيقي قام بتأليفها شاب تونسي يدعي كريم سريبي, وهي موسيقي رائعة وكل من حضر العرض طلب مني تسجيلا منفصلا للموسيقي كل عناصر العرض من موسيقي واضاءة وتمثيل بينها نوع من التآلف, والايقاع كنت حريصا عليه, ينقل الاحساس للمتفرج بأننا في مفترق طرق كعرب وكبشر لا نعي شيئا, هناك حالة ضبابية, هذه المجموعة من الممثلين يعيشون علي وهم حبيب رغم أنه شخص ميت, لابد ان تكون نفسك لانسخة من غيرك, قد نتأثر فهذا ضروري لان من لايتأثر لايؤثر ولكن الاستنساخ لا, مشكلتنا نحن العرب هي اننا نبحث عن ذواتنا خارج ذواتنا,لماذا لانبحث بداخلنا ونعي واقعنا ونطوره لنجد الحل بدلا من الهروب الي الغرب, فلنبدأ بانفسنا اولا. *أيمكن ان يكون السبب في ذلك هو الانتقادات الموجهة للشباب بشكل مستمر من الاجيال السابقة؟ **نعم هذا صحيح, رغم اننا جيل مختلف من له الحق في الحديث عنا او تحميلنا افكار, جيلنا لم يعاصر الازمات والحروب ومع الاسف الاجيال السابقة تتهمنا بالتفاهة واننا جيل غير واع ماذنبي اذا كنت لم احضر النكسة, علي سبيل المثال هل يجب علي الان ان اعود بالزمن لارضيهم ام ماذا, نحن لدينا مشاكل اخري اكبر لابد ان ندركها اهمها العربي بين الواقعي والافتراضي ففي العالم الافتراضي يشعر العربي وكانه سبايدر مان وفي الواقع هو لاشيء, يهرب من واقعه ولديه استعداد لقضاء ساعات طويلة يشاهد ويسمع قصصا افتراضية وحياة افتراضية, في بيتنا العربي اصبحنا نستطيع التواصل مع كندي مثلا ولا نتواصل مع اخوتنا العرب. * حقائب اولي تجاربك الإخراجية؟ لا,اولي تجاربي الاخراجية علي مستوي الاحتراف كانت منذ3 سنوات في عرض بورشكا والفراتاي العاصفة القوية المصحوبة بالامطار والزوارق من ورق وكان بذات المنهج وطريقة العمل كما هو الحال في حقائب, لاني احب العمل مع الممثل في فضاء فارغ ولكن حقائب علي مستوي التمارين والعمق اكبر بكثير من العرض الاول, فانا ممثل في الاساس واكتسبت شهرتي في تونس باعمالي الكوميدية خاصة علي مستوي المونودراما ورشحت لجائزة افضل ممثل في المهرجان التجريبي عام1996.