رغم أنني اتخذت علي نفسي عهدا بألا أخوض مجددا في مسألة السيرك اليومي الذي نعيش فيه, وأحيانا نموت فيه( ليس حبا وعشقا بل زهقا للروح وانتهاء للحياة) والمسمي بفوضي الطرق أو نزيف الأسفلت, او جنون القيادة, او عشوائية المرور, او بوهيمية أخلاقيات القيادة, إلا أنني أجد نفسي مجبرة علي ذلك في ضوء عشرات الحوادث التي وقعت خلال أيام قليلة مضت لم تتعد اسبوعا الشاب الارعن الذي كان يقود سيارة بسرعة جنونية علي الطريق الدائري فقتل12 شخصا وأصاب20 آخرين, وطالب في الجامعة الأمريكية لقي حتفه علي مقربة من الجامعة في التجمع الخامس بسبب السرعة ايضا, وغيرها الكثيرمما نقرأ عنه او نراه بأعيننا في كل شارع وحارة, ولكن الحكاية فعلا زادت عن الحد, والشباب والأطفال والرجال والنساء الذين يلقون حتفهم علي الطريق لا لذنب اقترفوه, ولكن لأن تطبيق قوانين المرور في مصر دخل مرحلة الموت السريري, عشوائية وهو جائية لا مثيل لهما في شوارع المحروسة سرعات جنونية طريقة قيادة اقل مايمكن ان توصف به أنها بالغة الخطورة استهتار غير مسبوق بأرواح البشر, بلادة غير طبيعية إذ لا يفكر احدهم مرتين ان كان برعونته هذه سيقتل من يقتل ويصيب من يصيب, غياب شبه تام لتطبيق القانون, ولا أتحدث هنا عن ربط حزام الأمان( رغم قناعتي التامة بأهميته القصوي) او استخدام الهاتف المحمول( رغم أنه بالطبع يشتت الانتباه عن القيادة), او ارتداء خوذة لمن يقودون الدراجات النارية( رغم أهميتها القصوي لسلامة الراكب) ولكني اتحدث عن القيادة الجنونية وضرب عرض الحائط بكل قوانين وقواعد المرور علي مرأي ومسمع من رجال المرور( وذلك في حال وجودهم) وأذكر علي سبيل المثال لا الحصر, الإشارة الكبري في منطقة روكسي حيث تقاطع شارعي الميرغني والخليفة المأمون والتي كثيرا ما تخلو تماما من اي ضابط او عسكري مرور, مما يجعل الوضع المروري فيها اشبه بساحة القتال, فكل السيارات وعربات المترو القادمة من جميع الاتجاهات تدخل في حالة صراع عنيف علي اولوية المرور, وهناك شارع الثورة في مصر الجديدة الذي يخلو من إشارة مرور توحد ربنا, وهو مايجعل القيادة فيه( في حال عدم ازدحامه) أشبه بسباق السيارات في حلبة فورميولا وان وقد زاد الطين بلة, ان موكب احد المهمين بات يمر من هذا الشارع بصفة شبه يومية وقد تفتق ذهن قادة السيارات في هذا الموكب ان يؤمنوا الشخصية المهمة عن طريق قيادة السيارات الشيروكي والمرسيدس المشاركة في الموكب علي شكل دوائر سريعة حول بعضها البعض بسرعة كبيرة, وذلك لترهيب قادة السيارات المحيطة ومنعهم من الاقتراب, هذا غير الأسلوب العنيف الذي يتبعونه مع من تسول له نفسه الاقتراب دون دراية بعملية التأمين الخزعبلية, ويغيب عن ظن اولئك تماما أن الشخصية المهمة التي يؤمنون سلامتها ويحافظون عليها لو استخدمت سيارة وقادها قائدها قيادة طبيعية فإن احدا لن يتلفت لها, علي عكس الاعمال البهلوانية المستفزة التي يمعنون في القيام بها, ومن ثم لفت الانتباه, هذا غير اللعنات التي يصبها عليهم كل من حولهم, لو لم يكن جهرا, فسرا, وهناك مئات من الامثلة التي يمكن لأي مسئول رؤيتها بالعين المجردة, شرط ألا يصطحب معه موكبا حتي لا يتم تنظيم المرور قبل موعد الزيارة حتي يبدو كل شيء تماما, ولا يفوتني ان اذكر مجددا المهازل اليومية علي الطريق الدائري المؤدي إلي التجمع الخامس حيث عشرات المدارس والجامعات, وتعريض حياة الآلاف للخطر بسبب القيادة الجنونية التي لا تعترف بالسرعات المقررة من قريب او بعيد, هل هو مخطط للقضاء علي المشكلة السكانية؟ هل يصعب وضع معايير صارمة جدا لاصدار رخص القيادة والتوقف عن اصدارها بناء علي توصيات أو مجاملات؟ لماذا لا يتم توقيف من يقودون قيادة جنونية عن القيادة لفترة ما حتي يتعلموا قواعد القيادة وكذلك الذوق حتي لو كانوا يتقلدون مناصب مهمة او رفيعة؟ حياة الناس أغلي من أن تهدر بهذا الشكل الفج. [email protected]