كلما اتخذت قرارا بعدم العودة إلي مأساة الشوارع والطرق في القاهرة, وكارثة القيادة الجنونية البعيدة كل البعد عن أعين او اهتمام رجال المرور اجد نفسي وقد غصت فيها مجددا ويوم الثلاثاء الماضي وفي نحو التاسعة صباحا, كنت اسلك طريق الاتوستراد قادمة من مدينة نصر في اتجاه وسط القاهرة, وشاء القدر ان اشاهد بعيني لحظة وقوع حادث بشع, حيث صدم أتوبيس ضخم سيارة ملاكي وجعلها تدور دائرة كاملة وتصعد إلي الرصيف في منتصف الطريق وتهبط مجددا, لكن الأبشع من الحادث هو ماتلاه, اذ نظر سائق الأتوبيس حوله, ورأي ان الطريق مهيأ له ليهرب, بصراحة لم أصدق ما أري, فقد كان يقود الأتوبيس الضخم بجنون, وعيناه علي المرآة المثبتة في المنتصف ليتأكد ان احدا لا يتبعه ووجدت نفسي اطارده وأنا لا أصدق ما يحدث نهارا جهارا, ورغم أنني لا استخدم الهاتف المحمول اثناء القيادة بأي شكل من الأشكال, إلا انني اتصلت بشرطة النجدة وأنا أدعو الله أن يردوا علي فأخر مرة اتصلت بهم لأبلغ عن حريق نشب في قطعة ارض فضاء مجاورة لبيتي, كانت جميع الخطوط مشغولة, ولحسن الحظ رد علي أحدهم وأبلغته بسرعة ان حادثا وقع علي مقربة من المنصة, وان الاتوبيس الذي صدم السيارة هرب من مكان الحادث وان رقمه هو7868 ولونه ازرق وموديل قديم, فرد علي المندوب بسؤال جعلني اشك في ان الرقم الذي اتصلت به ربما ليس شرطة النجدة, فقد سألني وهي المنطقة دي تبع قسم إيه؟ عقد السؤال لساني, ولكني تداركت الموقف, وقلت له مجددا ان المكان قريب جدامن المنصة, وانه قد يكون تابعا لقسم مدينة نصر, ولكني لست متأكدة. وكلما ازدحم الطريق, حاول أن يعترض طريقه بالسيارة, لكن قائد الأتوبيس ينجح في الفرار منه, ووصل الموكب إلي منطقة السواح, وشعرت بان وجودي لا طائل منه, فالأتوبيس بدأ يدخل في شوارع جانبية, والسيارة الملاكي, الأخري تطارده, وهو ما جعلني أشعر بأن ضميري لن يؤنبني لو انسحبت من ساحة المطاردة, مرة أخري اتصلت بالنجدة, وأخبرتهم انني سبق وأبلغت عن الحادث قبل قليل وانني اؤكد مجددا علي رقم الاتوبيس, هذه المرة طلب المندوب اسمي, فأعطيته له كاملا, وكررت له طلبي بأن يسرع بالتصرف. فسألني ان كان هناك مصابون, فقلت له انني كنت اتعقب الأتوبيس, لكن السيارة كان فيها أكثر من راكب, ولا أعرف ما حدث لهم, ومازلت لا أعرف ماذا حدث, لكني أعرف تماما ان وضع الشوارع وقادة السيارات والأتوبيسات الذين تركوا ليفعلوا ما بدا لهم أصبح كارثيا, ولم يعد الأمر مقصورا علي بلطجية الميكروباصات, او عفاريت النقل العام, أو أشباح السيارات الحكومية والقطاع العام والشرطة والجيش, ولكن كل من تسول له نفسه ان يتعامل مع الشارع وكأنه ملكية خاصة لهم يقتل من يشاء ويرهب من يشاء, فله مطلق الحرية. صحيح انك قد تقابل لجنة مرورية أو كمينا يستوقفك لعدم ربط الحزام, او للحديث في المحمول اثناء القيادة, واحيانا لتجاوز السرعة المقررة, ولكني لم أر بعد ضابطا او مندوبا يطارد احد القادة المختلين عقليا ممن ينزلون إلي الشارع رافعين شعار يا قاتل يامقتول, والسؤال هو: هل كبار مسئولي المرور وصغاره لا يرون ما يحدث في شوارعنا كل يوم وكل دقيقة؟ ألا يعلمون ان حياة أولادنا في خطر بسبب رعونة القادة وتقاعس المسئولين عن تنفيذ قواعد المرور, واعني بقواعد المرور السرعات, والقيادة الخطرة, والقيادة عكس الاتجاه, وكسر اشارات المرور( إن وجدت) وليس فقط حزام الأمان والخوذة والمحمول والله العظيم الوضع كارثي. واستحلفته بالله أن يفعل شيئا تجاه البلاغ, وتفرغت انا لمطاردتي للأتوبيس, ووجدت ان سيارة أخري ملاكي يحاول قائدها إيقاف السائق دون جدوي, [email protected]