باريس وكالات الانباء: تصاعدت أمس حدة التوتر في فرنسا بين الحكومة التي تصر علي المضي قدما في خطط رفع سن التقاعد, وبين النقابات العمالية والعاملين بالدولة والقطاع الخاص ومعهم أيضا طلاب المدارس الثانوية, والذين نظموا امس, سادس أيام الاحتجاجات العامة في البلاد في غضون أقل من شهرين. ومن المقرر أن يتم التصويت النهائي علي مشروع القانون غدا في مجلس الشيوخ, يأتي ذلك في الوقت الذي أكد فيه الرئيس نيكولا ساركوزي أن هذا التعديل أساسي لفرنسا وأنها ستقوم بتنفيذه, في إشارة إلي تصميم الحكومة الفرنسية علي عدم التراجع رغم تصاعد حدة الاحتجاجات والإضرابات. وقد تأثرت العديد من القطاعات بموجة الإضرابات والاحتجاجات, وكان أكثرها تأثرا قطاع الطاقة مع توقف العمل في ال12 مصفاة لتكرير البترول الموجودة بالبلاد, مما أدي إلي توقف بعض محطات التزويد بالوقود عن العمل بعد نفاد المخزون ووجود طوابير طويلة أمام المحطات الآخري للتزود بالوقود تحسبا لما يمكن أن يحدث خلال الأيام القادمة وسط مخاوف متزايدة من حدوث نقص حاد في الوقود بعد أن توقفت2500 محطة عن العمل من بين12500 موجودة في أنحاء فرنسا. وفي المطارات, تم امس إلغاء50% من الرحلات الجوية في مطار اورلي, و30% في المطارات الأخري بفرنسا.. بينما يتم تسيير6 قطارات فقط من بين كل10 تربط بين باريس والأقاليم الأخري, وقطار واحد فقط من بين كل4 قطارات تربط بين مدن الأقاليم بعضها وبعض. ويشارك في الإضراب أيضا14% من معلمي المدارس.. وأعلنت وزارة التعليم أن379 مدرسة في فرنسا تعاني من اضطرابات وفوضي بدرجات متفاوتة بينما يقدر الاتحاد الحر والديمقراطي للمدارس هذا العدد1200 مدرسة, فضلا عن إضراب12 جامعة من بين ال83 جامعة الموجودة في فرنسا. وتتزايد المخاوف أيضا من وقوع أعمال عنف, حيث ألقت الشرطة أمس الأول القبض علي نحو300 من المخربين أثناء مسيرات احتجاجية في باريس ومدن آخري لاستجوابهم. وحذرت وزيرة الداخلية الفرنسية ميشيل أليو ماري من أن أجهزة الأمن ستتعامل بكل حسم مع أية عناصر مخربة قد تندس وسط طلاب المدارس أثناء المسيرات والمظاهرات. وانضم العاملون في المطارات وسائقو القطارات والمدرسون وعمال البريد وسائقو الشاحنات المدرعة الذين ينقلون الأموال لماكينات الصرف الآلي إلي عمال المصافي وطلبة مدارس ثانوية في يوم من الإضراب احتجاجا علي خطة ساركوزي لرفع سن التقاعد من60 إلي62 عاما. وأضر نقص البنزين والديزل بقائدي السيارات مع استمرار إضراب عمال المصافي لليوم الثامن وأدت اشتباكات في شوارع ضاحية نانتير بباريس إلي استنفار السلطات تحسبا لتصاعد العنف الذي ظهر أمس الاول في بعض المدن. وسيكون هذا الأسبوع حيويا لإصلاحات ساركوزي التي تقول حكومته المنتمية ليمين الوسط إنها حيوية للحد من العجز المتزايد في معاشات التقاعد لكن الكثير من الفرنسيين يشعرون بأنها تمثل تراجعا عن حق اجتماعي وستمثل عقابا ظالما لهم. ويتوقع أغلب المحللين أن يجري تمرير التشريع خلال أيام وأن الاحتجاجات سوف تنحسر. لكن نقابات ذات نفوذ في فرنسا تغلبت علي إصلاحات سابقة لمعاشات التقاعد والعمل من خلال إضرابات في1995 و2006 تقول إنها ستمضي في خططها بغض النظر عن أي شيء. وسيكون احتمال تحول احتجاجات الشبان إلي العنف مصدر القلق الرئيسي بالنسبة للسلطات بعد أن أحرق مثيرو شغب السيارات والحواجز قرب باريس أمس الاول وتسببت النيران في إحراق مدرسة ثانوية في لومان بغرب فرنسا الليلة الماضية. وتحدثت محطات إذاعية عن وقوع اشتباكات أمام مدرسة في ضاحية نانتير بباريس حيث هاجمت الشرطة شبانا كانوا يرشقونها بالحجارة وفرقت المجموعة بالغاز المسيل للدموع. وتم خفض نحو نصف خدمات القطارات في فرنسا كما تم إلغاء ما بين30 و50 في المائة من الرحلات الجوية لكن خدمات مترو باريس ويوروستار تسير بشكل عادي. ووقالت شركة توتال إن ربع محطاتها البالغ عددها أربعة آلاف تعاني من النقص الذي تسبب فيه الإضراب المستمر منذ أسبوع في المصافي وحصار مستودعات الوقود وإضراب منفصل في مرفأ للنفط.