دخلت حرب تكسير العظام بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونقابات العمال أمس مرحلة متقدمة علي خلفية قانون المعاش الجديد الذي أقره أمس مجلس الشيوخ بصورة مبدئية قبل أن يصدق عليه بصفة نهائية الأربعاء المقبل, حيث توعدت نقابات العمال بتنظيم المزيد من الإضرابات ضد القانون الذي لا يحظي بشعبية, مؤكدة عزمها علي مواصلة النقال حتي النهاية. وقد أقر مجلس الشيوخ الفرنسي أمس تعديلات الحكومة علي مشروع قانون رفع سن التقاعد في البلاد إلي62 عاما, رغم حركات الاحتجاج والإضرابات المتصاعدة من قبل النقابات العمالية ضد إصلاح نظام التقاعد في فرنسا. وأوضح الوزير الفرنسي للعلاقات مع البرلمان هنري دو رينكور- في تصريح له- أن التصويت النهائي للبرلمان علي مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد, سيتم يوم' الأربعاء' القادم, بعد أن صوت عليه مجلس الشيوخ في قراءة أولي أمس. إلا أن النقابات العمالية تصر علي استمرار حركات الاحتجاجات والإضرابات حتي بعد تصويت وتبني البرلمان لرفع سن المعاشات, حيث قررت النقابات العمالية الرئيسية في البلاد تنظيم يومين جديدين من الإضرابات والمظاهرات يومي الخميس المقبل و6 نوفمبر. وأظهر آخر استطلاع للرأي تم إجراؤه أن69% من الفرنسيين لا يزالون يؤيدون حركات الاحتجاجات والإضرابات علي نية الحكومة رفع سن التقاعد في البلاد, رغم ما تسببه هذه الحركات من نقص في الوقود وصعوبات في الحياة أمسية للمواطنين. في غضون ذلك, قال مصدر بقصر الرئاسة' الإليزيه' إن الرئيس الفرنسي' نيكولا ساركوزي' سوف يتناول- في كلمته أمام قمة الفرانكفونية التي سوف يشارك بها- مساعي فرنسا من أجل إجراء إصلاحات في ثلاثة محاور رئيسية هي النظام النقدي العالمي, وأسواق المواد الأولوية- بهدف محاربة تقلبات الأسعار- وتطوير الإدارة العالمية ولاسيما من خلال إصلاح صندوق النقد الدولي وتوسيع مجلس الأمن الدولي بضم دول جديدة من بينها دول إفريقية. وأوضح' المصدر' أن رؤساء الدول المشاركين في قمة الفرانكفونية سوف يبحثون أيضا سبل التوصل إلي إتفاق لمحاربة التغيرات المناخية وإرتفاع حرارة كوكب الأرض, قبل أسابيع من قمة' كانكون' بالمكسيك المخصصة لهذا الغرض. وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي' فرنسوا فيون' أن عودة الأمور إلي طبيعتها فيما يتعلق بتوافر الوقود لايزال يحتاج إلي عدة أيام أخري, نتيجة الإضرابات التي تسببت في التوقف التام لعدد من مصافي البترول ومستودعات الوقود في البلاد, احتجاجا علي خطط رفع سن التقاعد. وأشار' فيون'- في تصريحات عقب اجتماع أمس مع العاملين في قطاع إنتاج وتوزيع الوقود لتقييم إجراءات إعادة توزيع مخزون الوقود وإعادة تنظيم النقل البري للوقود من المستودعات إلي المحطات- إلي أن قوات الأمن بدأت تتعامل مع المتظاهرين وتمنعهم من إعاقة الدخول والعمل في مستودعات الوقود, وبدأ بالفعل إعادة تموين المحطات في باريس بالوقود. ومن جانب آخر أكد ممثلو قطاع البترول أهمية إعطاء الأولوية لتوفير الوقود علي الطرق السريعة من أجل تجنب حدوث إضطرابات كبيرة في حركة تنقل الأفراد, حيث تم استيراد كميات كبيرة من الوقود من أجل التغلب علي توقف العمل في محطات التكرير.. وأنه بالرغم من كل هذه الجهود فإن المواطنين سيظلون يجدون صعوبات في التزود بالوقود لعدة أيام أخري خاصة في مناطق باريس وشرق وغرب فرنسا. وفي رد فوري, تشبثت نقابات العمال الفرنسية بموقفها أمس متوعدة بتنظيم المزيد من الاضرابات كما دعت إلي يومين آخرين من الاحتجاجات مع اقتراب تصويت نهائي في مجلس الشيوخ علي إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ولا يحظي بشعبية. وفي إشارة إلي عزمها الاستمرار في النضال حتي بعد أن تصبح الاصلاحات قانونا دعت نقابات العمال الست الرئيسية في فرنسا في وقت متأخر أمس إلي تنظيم يومين آخرين من الاحتجاج علي الاصلاح يوم28 أكتوبر ويوم السادس من نوفمبر. وإلي جانب إعاقة حركة النقل يواجه الرئيس الفرنسي إضرابا للعمال في مصافي النفط منذ11 يوما وحصارا لمستودعات الوقود أدي إلي نضوب الإمدادات في نحو ربع محطات البنزين في البلاد وترك آثارا علي ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا. وقال الاتحاد العام للعمال( سي.جي.تي) إن الشرطة أنهت حصارا لمصفاة نفط تابعة لشركة توتال بالقرب من باريس. وفي تطور آخر, تدخلت قوات الشرطة الفرنسية أمس لتفريق أعضاء النقابات العمالية ومنعهم من إعاقة العمل في محطة تكرير البترول في منطقة سين-ايه-مارن, بعد أن أقام نحو80 شخصا كردونا بشريا حول المحطة لمنع العمل بها, قبل أن تفرقهم قوات الشرطة لتمكين المحطة من العمل والتغلب علي مشكلة نقص الوقود في البلاد. وبدأت الأحوال تتحسن أمس ولكن ببطء فيما يتعلق بتوافر الوقود, حيث أعلن وزير الطاقة جان-لوي بورلو أن نحو20% من محطات تزويد الوقود لا تزال متوقفة عن العمل نتيجة استمرار نقص الوقود, وذلك قبل يوم من حلول إجازات الخريف الدراسية, كما لا تزال هناك مناطق أكثر تأثرا بنقص الوقود من غيرها, خاصة في باريس وضواحيها, وكذلك غرب فرنسا.