وظائف وزارة الزراعة 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    الدفاع الروسية تعلن القضاء على 9565 جنديا أوكرانيا خلال أسبوع    حكومة غزة: الرصيف الأمريكي لن يلبي حاجتنا وسيعطي فرصة لتمديد الحرب    كوريا الجنوبية تتهم بيونج يانج بزرع الألغام في المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين    إعلام أمريكي: موقف أوكرانيا أصبح أكثر خطورة    الأزمات تطارد لابورتا.. برشلونة مهدد بدفع 20 مليون يورو بسبب تشافي    الوصل يكتسح النصر برباعية ويتوج بكأس الامارات سنة 2024    حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2024 ومواعيد التالجو    فيديو.. أحمد السقا: اللي ييجي على رملة من تراب مصر آكل مصارينه    البيت الأبيض: يجب فتح الجانب الفلسطيني من معبر رفح فورًا    واشنطن:"الرصيف العائم" ليس بديلا للممرات البرية..و لانرغب في احتلال غزة    تفاصيل أعلى عائد على شهادات الادخار 2024 في مصر    محافظ الإسكندرية يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (صور)    «هندسة مايو» يكرم الكاتب الصحفى رفعت فياض    عاجل: موعد نتيجة الشهادة الاعدادية الترم الثاني محافظة القاهرة 2024    التصريح بدفن جثة تلميذ غرق بمياه النيل في سوهاج    تراجع الأسهم الأوروبية بفعل قطاع التكنولوجيا وغموض أسعار الفائدة    «التضامن»: ضم فئات جديدة لمعاش تكافل وكرامة قبل نهاية سبتمبر المقبل    تفاصل الدورة الأولى ل«مهرجان دراما رمضان» وموعد انطلاقه    يسرا تهنئ الزعيم بعيد ميلاده : "أجمل أفلامى معاك"    الاستعدادات الأخيرة ل ريم سامي قبل حفل زفافها الليلة (صور)    في ذكرى ميلاده.. لماذا رفض عادل إمام الحصول على أجره بمسلسل أنتجه العندليب؟    هشام ماجد يكشف عن كواليس جديدة لفيلمه «فاصل من اللحظات اللذيذة»    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    حريق هائل يلتهم محتويات شقة سكنية في إسنا ب الأقصر    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    «جمارك القاهرة» تحبط محاولة تهريب 4 آلاف قرص مخدر    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    "حزب الله" يشن هجوما جويا على خيم مبيت جنود الجيش الإسرائيلي في جعتون    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سدنة المؤسسة العسكرية من زوسر إلي مبارك

لقد كان في تاريخ مصر طفرات‏..‏ تفصل بينها اغفاءات‏..‏ وبعد كل اغفاءة‏.‏ كان الكل يعتقد ان مصر قد انتهت‏..‏ ولن يقوم لها قائم‏,‏ لكن سرعان ما يتبدد الظلام‏,‏ فتبدأ صحوة جديدة تتابع سيرها وتواصل انجازها‏,‏ وانتصار السادس من أكتوبر عام‏1973‏ نموذج‏.‏
فإذا كان تاريخ المؤسسة العسكرية المصرية متنا حافلا‏,‏ فإن ما حدث في عام‏1967‏ لا يعدو أن يكون سطرا علي الهامش‏,‏ وللتدليل علي صحة وجهة النظر هذه‏,‏ علينا العودة إلي الشهادات التي أدلت بها لمؤسستنا العسكرية المصرية‏,‏ سجلات الآثار والتاريخ‏,‏ وهي شهادات ليست في حاجة إلي تزكية‏.‏
وتضطرنا المعلومات التي تزودنا بها المصادر الجديرة بالثقة‏,‏ إلي أن نعتبر انه منذ تأسيس الدولة القديمة‏,‏ ولمصر منظومة حربية بلغت شأنا عظيما من الدقة‏,‏ فقد كان هناك كثير من وحدات الجيش تقوم بأعمال تهدف لتدعيم رهبة ملك مصر في قلوب الدول الأجنبية‏,‏ وكان جيش الدولة القديمة‏2686‏ 2181‏ ق‏.‏م يضم قوات دائمة‏,‏ لها مهام خاصة تضاف إليها قوات أخري بالتجنيد عند الطوارئ‏,‏ ولهذا الجيش نظام عتيق‏,‏ ولكنه جيش قوي يخضع لأوامر وقوانين دقيقة‏,‏ تفرضها عليه الحكومة‏,‏ والواضح هنا دون الالتجاء إلي الاسهاب في الأدلة‏,‏ ان القوم الذين سيطروا بسهولة علي البر والبحر‏,‏ والذين ابتكروا علم الإدارة‏,‏ ورفعوا صروحا هندسية إلي عنان السماء‏,‏ لقادرون كذلك علي تنظيم حياة المحاربين‏.‏
وكانت الخدمة العسكرية التي لم تعرف في أوروبا الا منذ قرنين تقريبا‏,‏ وقبل قيام الكيان الصهيوني بأكثر من أربعة آلاف وخمسمائة عام مضت نظاما معمولا به في المراحل المبكرة من تاريخ مصر‏,‏ حيث كان الشباب المصريون في سن الخدمة العسكرية‏,‏ يستدعون لاداء هذه الخدمة في المناطق المحلية‏,‏ ثم يعودون بعد ذلك لاعمالهم العادية‏,‏ ولكنهم يبقون تحت الطلب إذا دعت الضرورة لاستدعائهم‏,‏ وكانت الدولة تقدم لهم الغذاء والكساء اثناء فترة الخدمة‏,‏ وتوجد علي جدران مقابر الدولة القديمة بسقارة‏,‏ مناظر معارك توحي بأن القوات المصرية‏,‏ كانت حسنة التدريب عالية الكفاءة‏,‏ ومن المحتمل ان طلائع القوات كانت تشكل من جنود نظاميين مدربين يدعمهم مجندون‏,‏ وأول اشارة لمعركة بحرية كانت من الأسرة السادسة‏2345‏ 2181‏ ق‏.‏ م إذ يحدثنا القائد‏(‏ وني‏)‏ انه ذهب إلي آسيا للقضاء علي تمرد هناك‏,‏ وأنه عبر البحر بجيشه الضخم‏,‏ ونزل إلي الشاطئ في شمال فلسطين‏,‏ والسياق يفيد إذا صح‏,‏ بأن ذلك الجيش قد حظي التدريب فيه بعناية كبيرة‏,‏ بغية الوصول بالجيش إلي مستوي رفيع‏,‏ واهتمت تدريبات الجيش بالعدو والسباق والرماية والمصارعة والفروسية‏,‏ وذلك لبث روح النظام وتقوية البدن والتعود علي الخشونة وتحمل المشاق‏.‏
وفي عهد الدولة الوسطي‏2055‏ 1985‏ ق‏.‏ م ظل تنظيم الفرق العسكرية كما كان عليه في عهد الدولة القديمة‏,‏ وإن طرأ عليه بعض التطوير‏,‏ إذ تدل النقوش المختلفة من الدولة الوسطي‏.‏ علي أنه كانت هناك رتب عسكرية إلي جانب رتبة‏(‏ الجنرال‏)‏ فمثلا كان هناك قائد قوات الصاعقة‏.‏ ومدرب القوات غير العاملة‏,‏ ومما يبدو أنه خلال هاتين الحقبتين التاريخيتين‏,‏ تمتع أفراد الجيش العاديون والضباط ببعض الامتيازات‏,‏ التي كفلها لهم الحكام مثل منح الاراضي والخدم والعبيد‏,‏ والاعفاء من الضرائب‏,‏ وقدرت القيادة المصرية بسالة المحاربين خلال المعارك‏,‏ وكان اسم الجندي الشجاع يقيد في السجلات الملكية‏,‏ وعبرت عن تقديرها بالانعام عليهم بالألقاب التشريفية والأوسمة والأنواط والمكافآت السخية‏,‏ والترقي إلي أرقي مناصب الضباط‏.‏ فشاع من الألقاب التشريفية‏:‏ المقاتل والأسد والجسور والقناص‏.‏
وهناك ملاحظة جديرة بالتنويه إليها‏,‏ وهي أننا لا نستطيع الحصول علي صورة كاملة لنظام الجيش المصري القديم‏,‏ إلا إذا درسنا سجلات الدولة الحديثة‏1550‏ 1069‏ق‏.‏م‏,‏ ففي عصر الأسرة الثامنة عشرة‏,‏ أصبح المصريون الشعب العسكري الوحيد والأول في تلك الأزمنة الموغلة في القدم‏,‏ فمنذ سقوط الدولة الوسطي‏,‏ غزا الهكسوس مصر‏,‏ ولكن أمراء طيبة المحاربين‏,‏ استطاعوا طرد الهكسوس من مصر‏,‏ وأنشأ خلفاؤهم الأسرة الثامنة عشرة‏,‏ وبإنشائها بدأ مجد مصر العسكري‏.‏ بعد أن استخلصوا العبر علي أحسن وجه وأتمه‏,‏ وبالنتيجة اعتنق سادة الحرب الجدد من أبناء وأحفاد الأمراء المحاربين العظماء‏,‏ الذين قادوا حرب التحرير‏.‏
مبدأ جديدا تبلور في هدف رئيسي واحد‏,‏ هو توجيه معظم موارد الدولة لانشاء وتنظيم جيش قوي‏,‏ اعتبر بجميع المعايير أقوي الجيوش العسكرية التي ظهرت في تاريخ العالم القديم كله‏,‏ وبهذا الجيش العظيم‏,‏ تكونت إمبراطورية ضخمة‏,‏ من أوائل الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ‏,‏ ضمت إلي مصر أرض السودان وفلسطين ولبنان وسوريا‏,‏ بالإضافة إلي بعض مناطق العراق‏.‏ وكان من أعظم قادتها الفاتحين تحتمس الثالث ورمسيس الثاني‏.‏
ومن الحقائق التاريخية أن تربية القادة والضباط من أفراد تلك المؤسسة العسكرية‏,‏ كانت تتطلب كثيرا من التربية العسكرية والثقافية السياسية‏,‏ مما اقتضي من المصريين أن ينشئوا مدرسة حربية في‏(‏ منف‏)‏ يتلقي فيها الشباب فنون الحرب والرياضة العسكرية‏,‏ وغير ذلك من المعلومات والثقافات اللازمة لهم‏,‏ وكان في مقدمتهم ولي عهد الملك وبقية أبنائه‏,‏ وهكذا تمرس القادة والضباط بالعلم والثقافة الرفيعة‏,‏ طبقا للنظم التعليمية التي كانت سائدة بمصر إلي جانب ما تزودوا به من علوم وفنون عسكرية تناسب طبيعة العصر الجديد‏.‏
وهكذا استطاعت مصر بقيادة رجال المؤسسة العسكرية‏,‏ أن تصد القوي الحاقدة أو الطامعة‏,‏ وأن تثبت أمام تحديات الزمن‏,‏ وظلت الإمبراطورية المصرية من القرن السادس عشر ق‏.‏ م‏,‏ حتي القرن الثاني عشر ق‏.‏م‏,‏ أي أكثر من أربعمائه سنة‏,‏ وقد زالت حضارات وظهرت حضارات‏.‏ وسارت الحياة في مصر علي وتيرة واحدة‏,‏ أو وتائر متقاربة متشابهة من جيل إلي جيل‏,‏ ومن عصر إلي عصر‏,‏ فكل الوقائع التي هي في مجراها الآن‏,‏ والتي يمكنها أن تحدث‏,‏ إنما ترتبط بكامل التاريخ‏.‏ فتسير بمجار معينة‏,‏ تبدو وكأنها حددت لها منذ البدء ومن المعروف والمسلم به لدي كثير من المؤرخين العالميين وعلماء المصريات‏,‏ أن المصريين القدماء هم الذين ابتدعوا المبادئ والأسس التي قام عليها علم الاستراتيجية وعلم التكتيك وفنون الحرب وتنظيم الجيوش الكبري‏,‏ ووضع خطط المعارك الحربية‏,‏ التي مازالت حتي الآن محل دراسة بأكاديميات الحرب الحديثة في كل مكان‏,‏ بل والتي أعاد تطبيقها واسترشدوا بها واستوحوها عتاة القادة العسكريين في الحربين العالميتين الأولي والثانية‏,‏ مثل الخطط العسكرية المصرية القديمة‏,‏ التي استوحاها الفيلد مارشال اللورد اللنبي‏,‏ والفيلد مارشال مونتيجمري‏..‏ ودون الالتجاء إلي الإسهاب في الأدلة‏,‏ نكتفي بهذه العناوين‏,‏ وتحت كل عنوان ملحمة رائعة‏,‏ لأن القصد هو التذكير بما قدمته المؤسسة العسكرية المصرية من خدمات‏,‏ هي أساس العسكرية الحديثة في أي مكان من العالم‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.