رئيس «دينية النواب»: النص على عقوبة في «تنظيم الفتوى» تحقق ردعًا لغير المعنيين بالإفتاء    جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني    لمناقشة العنف السيبراني.. جامعة مصر للمعلوماتية تشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    أكاديمية الشرطة تستقبل وفداً من أعضاء هيئة التدريس بكلية الشرطة الرواندية    حفل استقبال رسمي على شرف قداسة البابا تواضروس الثاني في بلجراد    "التوعية بخطورة التنمر ومدى تاثيره على الفرد والمجتمع" ندوة ب"آداب كفر الشيخ"    عمرو أديب ينشر صورة من شقته في وسط البلد: «أفخم شارع فيكي يا مصر ب55 جنيه في الشهر»    وزير الثقافة الباكستاني: مصر من أبرز الوجهات السياحية العالمية    توضيح مهم من «اقتصادية قناة السويس» بشأن اتفاقية موانئ أبو ظبي (تفاصيل)    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بنهاية التعاملات بدعم مشتريات عربية وأجنبية    إسرائيل تهاجم مطار صنعاء الدولي وتعلن إخراجه عن الخدمة بالكامل (فيديو)    ارتفع بنسبة 25.3% في 2025.. الذهب وسيلة النجاة عالميًا وسط ركود اقتصادي أمريكي وشيك    بعد إخفاق "فريدربش" بالانتخابات.. "البورصة الألمانية" تهبط بنحو 1.1%    تشكيل سموحة لمواجهة طلائع الجيش في الدوري    «حصريات المصري».. ميدو يُطيح ب عبدالواحد السيد ومفاجأة مصطفى محمد والأهلي    «في ذكرى رحيل المايسترو».. شموع صالح سليم لن تنطفئ    أجواء تنافسية باليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية.. صور    صرخة داخل العقار تنقذ طفلا من هتك عرضه بالهرم    «متى عيد الأضحى 2025».. تاريخ وقفة عرفات وعدد أيام الإجازة    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    باع 940 تذكرة الإثنين.. إيرادات فيلم نجوم الساحل في صالات السينما    «مبروك حبيبة قلبي وبنوتي».. ريهام عبدالغفور تهنئ رنا رئيس بحفل زفافها    الليلة.. انطلاق ملتقى «الثقافة والهوية الوطنية» بالعريش    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    طريقة أداء مناسك الحج خطوة بخطوة.. تعرف عليها    مسيرة طلابية بجامعة الزقازيق للمطالبة بكشف ملابسات حادث طالبة كلية العلوم    شوبير: الشرط الجزائي لكولر أكبر من ديون الزمالك بس الأحمر معاه فلوس يدفع    رافينيا يُرشح محمد صلاح ورباعي آخر للفوز بالكرة الذهبية    وزير المالية الإسرائيلي: سيتم تركيز سكان غزة في محور موراج جنوبا    الكرملين: بوتين وبزشكيان اتفقا على تعزيز التعاون العملي بين البلدين وتنسيق السياسة الخارجية    بدء استقبال طلبات الأفلام للمشاركة في الدورة 5 من البحر الأحمر السينمائي    تفاصيل التصعيد الإسرائيلى الأخير فى غزة بعد توسيع العمليات العسكرية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    «العربية للتصنيع» تتعاون مع شركة أسيوية لتأسيس مشروع لإعادة تدوير الإطارات المستعملة    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    120 جنيهًا أنهت حياتها.. نقاش أمام الجنايات بتهمة قتل زوجته ضربًا حتى الموت    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاعل الضبعة‏..‏ الاغتراف من الينبوع

في‏25‏ اغسطس الجاري‏,‏ حسم الرئيس حسني مبارك جدلا يدور منذ ثلاث سنوات‏,‏ حول موقع اول محطة نووية لتوليد الكهرباء‏,‏ واقر اختيار منطقة الضبعة علي الساحل الشمالي الغربي للبلاد لاقامة
هذا المشروع القومي الاستراتيجي لتأمين امدادات الطاقة والاستخدامات السلمية للطاقة النووية‏,‏ فمن اجدر من مصر بذلك؟‏!‏
وتاريخها من اجل تواريخ الامم واعظمها وارفعها شأنا‏.‏ ومجدها العريق قد ملأ اسماع الدنيا‏,‏ وبقيت ارضها وتراثها الحضاري تراثا ضخما عريقا مجيدا‏,‏ قل ان يتوافر لشعب من شعوب الارض‏,‏ او تضمه ارض امة من امم الدنيا‏.‏
وعلي هذه الشاكلة نلحظ هاهنا باختصار‏,‏ ان الماضي مرشد الامم وسراجها المنير‏,‏ الذي تهتدي به اذا ما ارادت ان تستعيد مجدها الذي فقدته او ان تضيف شيئا الي مجدها الحاضر في المستقبل‏,‏ ومن خلال هذه المعطيات‏,‏ فما احوج مصر الان اكثر من اي وقت مضي لمثل هذه الرؤي‏,‏ باعتبارها البوابة الواسعة التي يمكن لمصر من خلالها العبور لطموحاتها النووية السلمية‏.‏
ان اقرب الاحتمالات في ظننا ان نقول‏,‏ بان قدامي المصريين‏,‏ هم اول من تعامل مع المواد المشعة‏,‏ ولعلي كنت لا اجد الجرأة الكافية للتقدم بمثل هذا الاحتمال لو لم يكن عالم من علماء الهندسة الذرية وهو لويس بلجارتي قد زودنا ببعض الحقائق التي ترجح هذا الاحتمال حيث يقول‏:‏ اعتقد ان قدماء المصريين‏,‏ قد فهموا قوانين التحلل الذري وان اليورانيوم كان من المسائل المعروفة لدي كهنتهم وحكمائهم‏,‏ واكتشاف الفراعنة لليورانيوم والمواد المشعة بصفة عامة‏,‏ اكدته تحاليل العينات الرملية المستخرجة من الممر المؤدي الي غرفة الملكة في هرم خوفو عام‏1986‏ فقد اكدت تلك التحاليل احتواء هذه الرمال علي نسبة من المعادن الثقيلة بعضها مشع‏,‏ وتصل هذه النسبة الي‏7.7%‏ وهذا يعطي دلالة علي ان هذه الرمال‏,‏ قد تداولتها عمليات خاصة قبل استعمالها‏,‏ مما يشير الي ان المصري القديم‏,‏ قد تعمد اعدادها اعدادا خاصا لاستخدامها في وظيفة معينة‏,‏ ولكن في اي شيء كان استخدام الفراعنة لهذه المواد المشعة؟ هذا ما يجيب عنه الفراعنة انفسهم‏,‏ فقد كتب توت عنخ آمون علي لوح فخاري عبارة يقول فيها‏:‏ سيذبح الموت بجناحيه كل من يبدد سلام مرقد الفرعون فمن المحتمل اذن‏,‏ ان الفراعنة قد استخدموا المواد المشعة لحماية مقابرهم من اللصوص‏,‏ وهكذا يمكننا القول بشيء من اليقين‏,‏ ان اكتشاف المواد المشعة‏,‏ من معطيات المصريين للبشرية‏.‏ ونستطيع ان نستمر طويلا في ضرب الامثلة الدالة علي هذا الترجيح نقتصر منها لضيق المجال علي وصف الكاتب الشهير رينان مصر بأنها‏:‏ المنار الذي اضاء ظلمات العصور القديمة‏..‏ ومازال العالم منذ الاف السنين يسبح في خضم ثقافي مصري في جميع ميادين الحياة المادية والمعنوية‏.‏ فبمصر انبثقت بدايات العلوم والمعارف والفنون علي تنوعها وتباينها وفي مقدمتها الكيمياء والفيزياء والميكانيكا وهي العلوم التي لا يمكن ان يستغني عنها برنامج ذري‏.‏
ووفقا لهذا النسق من الافكار يقول برنال :‏ ان المصريين كانوا يعرفون تسعة من العناصر الاولية علي الاقل كما كانوا علي علم ببعض العمليات الكيميائية مثل التأكسد والاختزال وليس هناك من دليل علي تطبيق نظريات الروافع في مصر‏.‏ اقوي من المعلومات التي وردت عن اهرام مصر ودولاب صناعة الخزف والشادوف اما الالة التي يتم تشغيلها بالطاقة الصناعية بدلا من عضلات الانسان‏,‏ فلم تعرف الا في اواخر مراحل الحضارة المصرية بالاسكندرية فقد حققت العلوم الفيزيائية فيها قفزة نوعية‏.‏ عندما تم تجميع نتاج الحضارات القديمة في مكان واحد بمكتبة الاسكندرية التي اصبحت بمثابة جامعة عالمية للباحثين الذين يفدون اليها من كل ارجاء المعمورة ومن اهم علماء الفيزياء الذين ظهروا في الاسكندرية كتسبيوس وفيلون في القرن الثاني ق‏.‏م‏.‏ ثم هيرون في القرن الاول للميلاد وكان الاول قد اخترع مضخة كبس تتكون من ثلاثة اجزاء‏,‏ اسطوانة وكباس وصمام‏,‏ كما اخترع آلة موسيقية للاورغون تعمل بالماء كموتور الساعة المائية التي اخترعها المصريون منذ الالف الثاني ق‏.‏م اما فيلون‏.‏ فقد تمكن من علاج قضايا هندسية تتعلق بالمنشآت الحربية الدفاعية‏,‏ وكذلك بوسائل الهجوم‏,‏ اما هيرون الاسكندري‏,‏ فيعتبر اخر علماء الميكانيكا الذين ظهروا في العالم القديم لقد كان مهندسا وعالما رياضيا‏,‏ وضع كتبا نظرية عدة تتعلق بسرعة الضوء ووسائل التصنيع التكنولوجية وسعي في تطبيقها عن طريق بناء الاجهزة التي يمكن استخدامها في الانتاج الصناعي وكان اول من اخترع آلة نعمل بالبخار عن طريق الدفع النفاث‏,‏ قبل سبعة عشر قرنا من ظهور هذا الاختراع من جديد في اوروبا عند بداية التحول الصناعي‏.‏ والواضح هنا دون الالتجاء الي الاسهاب في الادلة‏,‏ ان عمر الملف النووي المصري‏,‏ هو من عمر مصر نفسها‏,‏ بدأ منذ فجر التاريخ حين بدأ المصري يصنع الالات لتؤدي له عمله‏,‏ وبعض هذه الالات كان يعتمد علي عضلات الانسان نفسه‏,‏ وبعضها الاخر كان يعتمد علي قوة عضلات حيواناته المستأنسة وكان بعضها يدور بالريح وبعضها بالماء‏,‏ واخيرا عرف الانسان المصري كيف يسخر قوة الماء الذي تسخنه النار البخار ولقد تطور ذلك في اوروبا الي قوة تفجر الغازات في محركات الاحتراق الذاتي ثم قوة الكهرباء‏.‏ اما اخر ما استكشفه الانسان الاوروبي من مصادر القوة فهو استخدام الطاقة الذرية وفي هذا الصدد يذكر العلامة ارنولد توينبي :‏ ان مصر قد ظلت محور التاريخ العالمي ثلاثة الاف وخمسمائة عام من تاريخ العالم الحضاري البالغ خمسة الاف عام اي انها قامت بالدور الرئيسي علي مسرح الحضارة العالمية بنسبة‏70%‏ من تلك الفترة ولم ينقطع دورها الحضاري خلال العصرين المسيحي والاسلامي‏,.‏ ويقرر المؤرخ الالماني ادولف ارمان ان دراسة المنجزات الحضارية المصرية‏,‏ تؤكد ان المصريين عنصر فنان فذ‏,‏ سبق العالم بابتكاراته الحضارية الرائعة وبينما كانت حضارة اليونان في طفولتها كانت مصر منذ وقت طويل تقود العالم صوب المدنية‏.‏
وظل العالم امدا طويلا يرتوي من ينابيع حكمتها‏.‏ ولا نود الاطالة هنا وضرب الامثلة الكثيرة الدالة علي ما اسدته مصر من خدمات للحضارة اليونانية الاغريقية التي يعتبرها الغربيون الحاليون‏,‏ الاساس الاول الذي بنوا عليه حضارتهم المعاصرة‏,‏ ولكن راينا الاكتفاء بهذه العناوين وتحت كل عنوان ملحمة رائعة‏,‏ لان القصد هو التذكر بما قدمت مصر من خدمات هي اساس الحضارة الحديثة وافكارها ومعتقداتها والتذكير ايضا بانه قد كان في تاريخ مصر طفرات‏,‏ تفصل بينها اغفاءات وبعد كل اغفاءة‏.‏ كان الكل يعتقد ان مصر قد انتهت‏,‏ ولن يقوم لها قائم‏,‏ لكن سرعان ما يتبدد الظلام‏,‏ فتبدأ صحوة جديدة تتابع سيرها وتواصل انجازها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.