رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصرى بعيد الأضحى المبارك    وزيرة الهجرة: تفوق الطلبة المصريين في الكويت هو امتداد حقيقي لنجاحات أبناء مصر بمختلف دول العالم    خريطة ساحات صلاة عيد الأضحى في القاهرة والجيزة | فيديو    تنفيذ 4 حالات إزالة فورية لتعد بالبناء المخالف فى الإسماعيلية (صور)    وانكشف الإدعاء على الرئيس مرسي .. "السيسي" يمنح الإمارات حق امتياز قناة السويس ل 30 عاما    هذا نص مقاله .. ديفيد هيرست : "بلينكن" يجر "بايدن "إلى أعماق المستنقع الإسرائيلي بهذه الخطوات ؟    بن غفير معلقا على مقتل 8 جنود إسرائيليين: يوم صعب ومؤلم    يورو 2024.. ساوثجيت: عبور دور المجموعات أولوية إنجلترا    مصطفى محمد يخضع لفحص طبي بمعرفة طبيب المنتخب الأولمبي    يورو 2024، مدرب إنجلترا: أكره الضغط قبل كل بطولة كبيرة    رياضة الغربية: ساحات مراكز الشباب تستعد لإقامة صلاة عيد الأضحى    يورو 2024 – هاري كين: نحن هنا للفوز باللقب في النهاية    رحال عماني يقطع 3 آلاف كيلومتر سيرا على الأقدام لأداء مناسك الحج    "بلدي التانية".. عمرو دياب يصل لبيروت    أخبار الفن: المشاهير يؤدون مناسك الحج.. الهضبة يحيي حفل بالأبيض فى لبنان.. وتفاصيل البوكس أوفيس لأفلام عيد الأضحى الأربعة بدور العرض    الشرطة الإسرائيلية تعتقل 5 من المتظاهرين في تل أبيب    سنن صلاة عيد الأضحى المهجورة..تعرف عليها    خطوة بخطوة .. تعرف علي ما سيفعله الحاج يوم العيد    وكيل صحة دمياط يتفقد العمل بمستشفى الحميات: العاملون ملتزمون بمعايير مكافحة العدوى    10 نصائح من معهد التغذية لتجنب عسر الهضم في عيد الأضحي    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    ازدلاف الحجيج إلى المشعر الحرام    خادم الحرمين وولي العهد يبعثان برقيات تهنئة لقادة الدول الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    أصغر من 6 لاعبين.. مدرب برايتون الجديد يحقق أرقامًا قياسية في الدوري الإنجليزي    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    «مكنش معايا فلوس للأضحية وفرجت قبل العيد» فهل تجزئ الأضحية دون نية    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    ما أسباب تثبيت الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟.. خبير اقتصادي يجيب    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    الإسماعيلى متحفز لإنبى    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    «التموين»: صرف الخبز في المدن الساحلية دون التقيد بمحل الإقامة المدون بالبطاقة    «تقاسم العصمة» بين الزوجين.. مقترح برلماني يثير الجدل    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاعل الضبعة‏..‏ الاغتراف من الينبوع

في‏25‏ اغسطس الجاري‏,‏ حسم الرئيس حسني مبارك جدلا يدور منذ ثلاث سنوات‏,‏ حول موقع اول محطة نووية لتوليد الكهرباء‏,‏ واقر اختيار منطقة الضبعة علي الساحل الشمالي الغربي للبلاد لاقامة
هذا المشروع القومي الاستراتيجي لتأمين امدادات الطاقة والاستخدامات السلمية للطاقة النووية‏,‏ فمن اجدر من مصر بذلك؟‏!‏
وتاريخها من اجل تواريخ الامم واعظمها وارفعها شأنا‏.‏ ومجدها العريق قد ملأ اسماع الدنيا‏,‏ وبقيت ارضها وتراثها الحضاري تراثا ضخما عريقا مجيدا‏,‏ قل ان يتوافر لشعب من شعوب الارض‏,‏ او تضمه ارض امة من امم الدنيا‏.‏
وعلي هذه الشاكلة نلحظ هاهنا باختصار‏,‏ ان الماضي مرشد الامم وسراجها المنير‏,‏ الذي تهتدي به اذا ما ارادت ان تستعيد مجدها الذي فقدته او ان تضيف شيئا الي مجدها الحاضر في المستقبل‏,‏ ومن خلال هذه المعطيات‏,‏ فما احوج مصر الان اكثر من اي وقت مضي لمثل هذه الرؤي‏,‏ باعتبارها البوابة الواسعة التي يمكن لمصر من خلالها العبور لطموحاتها النووية السلمية‏.‏
ان اقرب الاحتمالات في ظننا ان نقول‏,‏ بان قدامي المصريين‏,‏ هم اول من تعامل مع المواد المشعة‏,‏ ولعلي كنت لا اجد الجرأة الكافية للتقدم بمثل هذا الاحتمال لو لم يكن عالم من علماء الهندسة الذرية وهو لويس بلجارتي قد زودنا ببعض الحقائق التي ترجح هذا الاحتمال حيث يقول‏:‏ اعتقد ان قدماء المصريين‏,‏ قد فهموا قوانين التحلل الذري وان اليورانيوم كان من المسائل المعروفة لدي كهنتهم وحكمائهم‏,‏ واكتشاف الفراعنة لليورانيوم والمواد المشعة بصفة عامة‏,‏ اكدته تحاليل العينات الرملية المستخرجة من الممر المؤدي الي غرفة الملكة في هرم خوفو عام‏1986‏ فقد اكدت تلك التحاليل احتواء هذه الرمال علي نسبة من المعادن الثقيلة بعضها مشع‏,‏ وتصل هذه النسبة الي‏7.7%‏ وهذا يعطي دلالة علي ان هذه الرمال‏,‏ قد تداولتها عمليات خاصة قبل استعمالها‏,‏ مما يشير الي ان المصري القديم‏,‏ قد تعمد اعدادها اعدادا خاصا لاستخدامها في وظيفة معينة‏,‏ ولكن في اي شيء كان استخدام الفراعنة لهذه المواد المشعة؟ هذا ما يجيب عنه الفراعنة انفسهم‏,‏ فقد كتب توت عنخ آمون علي لوح فخاري عبارة يقول فيها‏:‏ سيذبح الموت بجناحيه كل من يبدد سلام مرقد الفرعون فمن المحتمل اذن‏,‏ ان الفراعنة قد استخدموا المواد المشعة لحماية مقابرهم من اللصوص‏,‏ وهكذا يمكننا القول بشيء من اليقين‏,‏ ان اكتشاف المواد المشعة‏,‏ من معطيات المصريين للبشرية‏.‏ ونستطيع ان نستمر طويلا في ضرب الامثلة الدالة علي هذا الترجيح نقتصر منها لضيق المجال علي وصف الكاتب الشهير رينان مصر بأنها‏:‏ المنار الذي اضاء ظلمات العصور القديمة‏..‏ ومازال العالم منذ الاف السنين يسبح في خضم ثقافي مصري في جميع ميادين الحياة المادية والمعنوية‏.‏ فبمصر انبثقت بدايات العلوم والمعارف والفنون علي تنوعها وتباينها وفي مقدمتها الكيمياء والفيزياء والميكانيكا وهي العلوم التي لا يمكن ان يستغني عنها برنامج ذري‏.‏
ووفقا لهذا النسق من الافكار يقول برنال :‏ ان المصريين كانوا يعرفون تسعة من العناصر الاولية علي الاقل كما كانوا علي علم ببعض العمليات الكيميائية مثل التأكسد والاختزال وليس هناك من دليل علي تطبيق نظريات الروافع في مصر‏.‏ اقوي من المعلومات التي وردت عن اهرام مصر ودولاب صناعة الخزف والشادوف اما الالة التي يتم تشغيلها بالطاقة الصناعية بدلا من عضلات الانسان‏,‏ فلم تعرف الا في اواخر مراحل الحضارة المصرية بالاسكندرية فقد حققت العلوم الفيزيائية فيها قفزة نوعية‏.‏ عندما تم تجميع نتاج الحضارات القديمة في مكان واحد بمكتبة الاسكندرية التي اصبحت بمثابة جامعة عالمية للباحثين الذين يفدون اليها من كل ارجاء المعمورة ومن اهم علماء الفيزياء الذين ظهروا في الاسكندرية كتسبيوس وفيلون في القرن الثاني ق‏.‏م‏.‏ ثم هيرون في القرن الاول للميلاد وكان الاول قد اخترع مضخة كبس تتكون من ثلاثة اجزاء‏,‏ اسطوانة وكباس وصمام‏,‏ كما اخترع آلة موسيقية للاورغون تعمل بالماء كموتور الساعة المائية التي اخترعها المصريون منذ الالف الثاني ق‏.‏م اما فيلون‏.‏ فقد تمكن من علاج قضايا هندسية تتعلق بالمنشآت الحربية الدفاعية‏,‏ وكذلك بوسائل الهجوم‏,‏ اما هيرون الاسكندري‏,‏ فيعتبر اخر علماء الميكانيكا الذين ظهروا في العالم القديم لقد كان مهندسا وعالما رياضيا‏,‏ وضع كتبا نظرية عدة تتعلق بسرعة الضوء ووسائل التصنيع التكنولوجية وسعي في تطبيقها عن طريق بناء الاجهزة التي يمكن استخدامها في الانتاج الصناعي وكان اول من اخترع آلة نعمل بالبخار عن طريق الدفع النفاث‏,‏ قبل سبعة عشر قرنا من ظهور هذا الاختراع من جديد في اوروبا عند بداية التحول الصناعي‏.‏ والواضح هنا دون الالتجاء الي الاسهاب في الادلة‏,‏ ان عمر الملف النووي المصري‏,‏ هو من عمر مصر نفسها‏,‏ بدأ منذ فجر التاريخ حين بدأ المصري يصنع الالات لتؤدي له عمله‏,‏ وبعض هذه الالات كان يعتمد علي عضلات الانسان نفسه‏,‏ وبعضها الاخر كان يعتمد علي قوة عضلات حيواناته المستأنسة وكان بعضها يدور بالريح وبعضها بالماء‏,‏ واخيرا عرف الانسان المصري كيف يسخر قوة الماء الذي تسخنه النار البخار ولقد تطور ذلك في اوروبا الي قوة تفجر الغازات في محركات الاحتراق الذاتي ثم قوة الكهرباء‏.‏ اما اخر ما استكشفه الانسان الاوروبي من مصادر القوة فهو استخدام الطاقة الذرية وفي هذا الصدد يذكر العلامة ارنولد توينبي :‏ ان مصر قد ظلت محور التاريخ العالمي ثلاثة الاف وخمسمائة عام من تاريخ العالم الحضاري البالغ خمسة الاف عام اي انها قامت بالدور الرئيسي علي مسرح الحضارة العالمية بنسبة‏70%‏ من تلك الفترة ولم ينقطع دورها الحضاري خلال العصرين المسيحي والاسلامي‏,.‏ ويقرر المؤرخ الالماني ادولف ارمان ان دراسة المنجزات الحضارية المصرية‏,‏ تؤكد ان المصريين عنصر فنان فذ‏,‏ سبق العالم بابتكاراته الحضارية الرائعة وبينما كانت حضارة اليونان في طفولتها كانت مصر منذ وقت طويل تقود العالم صوب المدنية‏.‏
وظل العالم امدا طويلا يرتوي من ينابيع حكمتها‏.‏ ولا نود الاطالة هنا وضرب الامثلة الكثيرة الدالة علي ما اسدته مصر من خدمات للحضارة اليونانية الاغريقية التي يعتبرها الغربيون الحاليون‏,‏ الاساس الاول الذي بنوا عليه حضارتهم المعاصرة‏,‏ ولكن راينا الاكتفاء بهذه العناوين وتحت كل عنوان ملحمة رائعة‏,‏ لان القصد هو التذكر بما قدمت مصر من خدمات هي اساس الحضارة الحديثة وافكارها ومعتقداتها والتذكير ايضا بانه قد كان في تاريخ مصر طفرات‏,‏ تفصل بينها اغفاءات وبعد كل اغفاءة‏.‏ كان الكل يعتقد ان مصر قد انتهت‏,‏ ولن يقوم لها قائم‏,‏ لكن سرعان ما يتبدد الظلام‏,‏ فتبدأ صحوة جديدة تتابع سيرها وتواصل انجازها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.