تعلمت من سنين مما تعلمت أن رمضان ينبغي أن يكون شهر عبادة, وتعلمت أن من بين أشكال العبادة العمل, ولم نتعلم أن شهر رمضان هو شهر إضراب عن العمل ولكن فيما يبدو فإنه ليس كل ما تعلمناه صحيح في كل الأحوال. بدأت اليوم الأول من شهر رمضان بملاحظة لم تكن بريئة تماما من السائق عندما بادرني بقوله بعد' كل سنة وأنت طيب' بأنه لم يجد مكانا ليركن فيه السيارة حيث إن جميع من في الشارع لم تتحرك سياراتهم هذا الصباح لأنه أول رمضان, فهمت ما لم يقله السائق: فلماذا نزلت أنت ؟ لم يكن الوقت مبكرا في الصباح, وعلي الرغم من ذلك بدا الشارع الذي أسكن فيه وكأنه بداية صباح مبكر جدا. تحركت بالسيارة وبدت شوارع القاهرة علي عكس ما كانت عليه تماما بالأمس, بدت القاهرة وكأنها في يوم جمعة, بأنها في وقت عيد, في وقت صيف حار فكانت خالية إلا ممن اضطر للسير فيها. أطالع صحف الصباح فإذا علي صفحاتها الأولي بأن الداخلين إلي القاهرة بالأمس قضوا علي مداخلها ما يقرب من أربع ساعات ليدخلوها قادمين من المصايف, عندما أقارن ما قرأت عن الأمس بما شاهدت اليوم كدت أظن أنهم قد عادوا إلي بيات رمضاني لا أتمني أن يكون إلا بياتا ليوم واحد وليس لشهر كامل أعرف بعض من قاوم حالة الاستسلام للبيات الرمضاني( بيات من العمل فقط) فقرر أن يقاوم ويذهب إلي عمله, ولكن في ظل عدة شروط أن تكون السيارة واقفة في الظل فلا تكون حارة والجو ساخن فيها, وأن تكون الشوارع خالية وأن يوجد مكان أمام مدخل عمله مباشرة, أن يبتسم في وجهه البواب, ألا يكون المصعد متعطلا, وأن يكون التكييف في المكتب سليما, وألا يجد غائبا عن العمل, هذه هي الشروط التي وضعت لكي يقاوم حالة البيات وكلما مر بشرط دعا الله في هذا الشهر المبارك ألا يتحقق الشرط التالي, وما أعلمه أن الله حقق دعوته, فعاد إلي بياته. تعلمت من بين ما تعلمت أن رمضان ينبغي أن يكون شهر عبادة, وتعلمت أن من بين أشكال العبادة العمل, ولم نتعلم أن شهر رمضان هو شهر إضراب عن العمل ولكن فيما يبدو فإنه ليس كل ما تعلمناه صحيح في كل الأحوال. هذا ليس انتقادا ولكنها صورة تحمل في ملامحها بعض الصحة أردت أن أشير إليها في إطار تسالي الصيام, وكل عام وأنتم بخير