تستضيف قاعة " بيكاسو" للفنون بالزمالك يوم 16 مارس الجاري معرض الفنانة عطيات سيد , وتقدم فية ابداعاتها في مجال من نسج الخيال تحت عنوان " رؤيا زوايا اللون " لتكتشف تدريجياً كل تفصيلة، وكل خط، وكل لون، وكل كتلة أثناء تقدمها في العمل، بإستنادها إلي الخيوط الأولي التي تم تجسيدها. وذلك بمتابعة التغيير والإحلال والإضافة والحذف لإقتناص الدلالات التي تم الوصول إليها، والتي تؤدي بها إلي تحقيق شكل تصويري غير متوقع، يتيح التفاعل بين كل العلاقات والدرجات اللونية والخطية في كتل متداخلة تثير دهشتها هي نفسها أولاً. وتتضمن في الوقت نفسه تفاعل عناصر اللوحة التي تثقلها لمسات قد تكون بالغة الجرأة، توكدها التحويرات التي تتلاصق وتبتعد في وقت معاً، عن الملامح الفعلية الواقعية لموديلاتها، أو مشاهدها الخلوية، أو مفردات الطبيعة الصامتة التي تكون أحيانا هي موضوع اللوحة الأساسي. تقوم عطيات إلي جانب ذلك بمزج وخلط مناظير وجهات النظر أو زوايا الرؤية، كما تعمد إلي تنويع وتقاطع وتضاد إتجاهات خطوط قوي الحركة الداخلية التي يخفيها السطح الذي يبدو أحيانا غنائياً شاعرياً؛ وقد تغلب عليه نغمة ألوان الباستيل الهامسة في الأجزاء المكملة التي تتردد وكأنها إشارات كورس خافتة ترد علي صخب الكثافة اللونية والمناظير المتصارعة.
وتنبثق خطوط أي موتيفة في تحددها القاطع من همسة لونية أو خطية داخل تشكيل الكتلة ككل، كما في لوحات ماكينات الخياطة راسخة الكتلة والمثقلة بالتفاصيل الدقيقة والإيحاءات الهامسة. ليوحي هذا بالحركة الكامنة في عمق سكونها، بمجرد النظر إلي تجمع وتنافر، واتفاق وتوازي، وتقاطع خطوط إتجاهات حركة التفاصيل، وما ينتج ترسيخ صيغة مرئية تعبيرية، درامية، بل وملحمية أحياناً؛ ومع هذا لا تفارق هذه الصيغة حافة التواجد الواقعي التعبيري. إن ثراء الباليتة بتعدد وتناقض وغرابة المزج المتفرد الذي تتميز به أعمالها، بالإضافة إلي ضربات فرشاتها المراوغة، الموحية، الثقيلة والهامسة، والمحددة المحكومة في الوقت نفسه؛ تتبدي منطلقة في عنف وثقة، تسعي وراء إقتناص روح البداوة والتحرر المطلق سواء في مقدرة الأداء الخطي أو براعة التلوين. إن نقطة إنطلاق عطيات في أي عمل تصويري هي رؤية مألوفة الطابع في بذرتها الأولي، كما أن موضوعاتها الراسخة التكوين تعتمد علي الكثافة والعنف في أداء جرئ، يدفع المشاهد إلي الإستغراق في رؤي تتجاوز حدود الواقعية وتتمسك بها في الوقت نفسه.
كما تحلق بقدراتها في الرسوم الخطية لإستيحاء فن الحفر بالأبيض والأسود، وهي قدرة نابعة من تجربتها الطويلة كرسامة صحفية. تجربة إتصفت بتواصل الخطي التي لا تعرف الإنقطاع أو التوقف عند حد، لتنبض بخصوبة في الغزارة والتنوع، وإستمرارية تتطلب إجهاداً نفسياً يعكس إمكانيات العطاء والتضحية. فالعملية الإبداعية عند عطيات هي مغامرة جديدة مع كل لوحة، لتحويل القلق الداخلي وتجسيده في مشهد مرئي محسوس، هي تحويل لتجربة شعورية ونفسية ضاغطة لابد لها أن تستمر؛ لتصبح عادة راسخة مناقضة تماماً لكل حالات أو حوادث الأداء الإبداعي الوقتي والعارض.
إن ممارستها الإبداعية هي إطراد إنجازي يومي شاق مفعم بالتوتر الممتد، ينتهي به الحال ليصبح في النهاية طبيعة نفسية ثانية. ولدت الفنانة بالقاهرة 1935. حصلت علي دبلومة المعهد العالي للتربية الفنية 1958. عملت رسامة منذ تخرجها في جريدة الجمهورية ثم جريدة المساء حتي 1995. أصبحت مصورة متفرغة منذ 1995 حتي الآن. وأسهمت برسومها في عدد كبير من إصدارات دار التحرير. أقامت وأشتركت بالعديد من المعارض ؛ منها معرض لرسومها في قاعة جريدة الجمهورية 1976. أربع وجهات للهرم 2000، حنين لأشكال موحية 2002، طيران بجناح أرضي 2005 ومناظر "رؤيتان" بخان المغربي.