"صالون مصر" يشهد مباراة عمالقة الإبداع الفني خلف طايع محيط - رهام محمود افتتح الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية مؤخرا "صالون مصر" الثالث ضمن مهرجان الإبداع التشكيلي الثالث، في قاعة "أفق واحد" بمتحف محمد محمود خليل وحرمه، بحضور الفنان الدكتور صلاح المليجي رئيس الإدارة المركزية للمتاحف والمعارض، والفنان إيهاب اللبان مدير القاعة. يضم هذا المعرض نخبة من فناني مصر الكبار، حيث أن هذا المعرض يقدم كل عام مجموعة مختلفة عن الفنانين الذين عرضت أعمالهم في دورتيه السابقتين، حيث أنه يوثق هؤلاء الفنانين بإعداد كتالوج ضخم يضم صور أعمالهم، ومادة عن مسيرتهم الإبداعية؛ ولذلك لم يكن "صالون مصر" مجرد عرض لأعمال الفنانين فحسب، بل هو يوثق تاريخيا لهؤلاء الفنانين الذين يتغيرون كل عام. استضاف "صالون مصر" هذا العام خمسة عشر فنانا وفنانة في مجالات الفن المختلفة كالتصوير، النحت، الخزف، جرافيك، وأعمال مركبة، والفنون العارضون هم: أحمد السطوحي - أحمد شيحة - الدسوقي فهمي - ثروت البحر - خلف طايع - زينب سالم - سعيد حداية - سيد سعد الدين - عبد المجيد الفقي- عز الدين نجيب- فاروق إبراهيم- فاروق وهبة- محمد رزق- محمد طة حسين- وجية وهبة. يقول الفنان محسن شعلان: يؤكد قطاع الفنون التشكيلية على توجهاته المستمرة في رصد الحركة التشكيلية المصرية؛ ولذلك من خلال بحثنا الدائم في أعمال كبار فنانينا، الذين أثروا حياتنا التشكيلية بتجاربهم الهامة، ليؤكد القطاع على دوره في الوقوف وراء رموز فنانينا. ويتابع شعلان : يأتي صالون مصر في دورته الثالثة ليستكمل الطريق الذي بدأناه في دورتين سابقتين قدمنا فيهم نخبة من كبار الفنانين التشكيليين المصريين الذين قدموا الكثير للحركة التشكيلية المصرية، وللمنطقة العربي. ورأى الفنان إيهاب اللبان أن لدينا "إنتاج" هائل من الإبداع التشكيلي المصري الواقع بين عالم البحث في تجربة الآخر من تقليد ومحاكاة، أو من تجارب جادة عمدت إلى الإفلات من الزمان والمكان، في محاولة لإثبات الذات والكشف عن الهوية المصرية مستندة إلى خلفية حضارية ثرية. يعرض الفنان الدسوقي فهمي مجموعة من الأعمال في إطار الواقعية التعبيرية، تؤكد براعته ومقدرته ودراساته الأكاديمية المتمكنة في تصوير الأشخاص، حيث أنه يعبر عنهم برؤية متفردة، تعكس عمق الشخصية بخطوط قوية ولمسات تنساب على مسطح اللوحة برفق، مما يجعلها مشحونة بإحساسه وذاتيته وخبرته التي اكتسبها وعمقها عبر سنوات طويلة من البحث في الطبيعة، فأكسبها هي أيضا تميزا وتفردا خاصا يعرفه المتلقي حين تقع عينه على لوحاته. وفي هارمونية لونية، تظهر رؤية الفنان محمد رزق التجريدية، التي تتناغم فيها الألوان بإحساس مرهف ينفذ إلى وجدان المتلقي، فيحرك مخيلته التي تستدعي أشكالا تستيقظ من ذاكرته، يكاد يعرفها، فتظهر مموهة، وسابحة في بحر من الدوامات اللونية، التي تشعره على الفور بالانسجام الشديد فيما بينه وبين اللوحة. وببراعة وتمكن ملحوظ تتجسم أعمال الفنان أحمد شيحا التصويرية، فتبدو وكأنها أعمال منحوتة، تبرزها ألوانه الخشبية وخطوطه السميكة التي تؤطر عناصره، فتحددها في أبعاد ثلاثية، وتجعلنا نرى لوحاته ذات الأشكال العضوية والهندسية وكأنها مجسمات نحتية، تبرز من اللوحة بوضوح، فيدركها المتلقي بسهولة ويسر. وبألوان ساخنة حادة تطالعنا لوحات الفنان وجيه وهبة، الذي يعرض عدة أعمال مهتما فيها بالتشخيص غير التقليدي، الذي نراه في لوحاته ذات لمسة تكاد تكون سيريالية، تعكس غموض الشخصيات التي يصورها، مفعمة بالانفعال التعبيري الذي يشير إلى عمق شخصياته. بين الواقع والخيال تطالعنا لوحات الفنان ثروت البحر، التي تتسم بألوانها الرومانسية الهادئة، لتجرد الطبيعة من تفاصيلها الدقيقة، محتفظة بملامحها التي تنطلق بحرية في لوحاته الكبيرة، فتعبر عنها برؤية جديدة، تحمل نفحات من الشعر، تسود اللوحة، فتمنحها الراحة والهدوء، وكأننا نرى الطبيعة في حلم دافئ يسوده بالصفاء. وتتبلور هندسيات الفنان خلف طايع لتصبح أشكالا مجسمة يبرزها الضوء والظل الذي يقع عليها، فيجعلها متألقة. واضحة. مبهرة في عين المشاهد، فهو يرسم تلك الأشكال بإتقان شديد، مستخدما ألوانا صريحة، تتدرج للقاتم أحيانا، وأحيانا أخرى تكون مسطحة، مما يبرز جمالها، بخطوطها الدقيقة الثابتة الراسخة، التي يرسمها بوعي، وكأنها عملية حسابية تمتزج بوجدانه وأحاسيسه المتوهجة. أما الفنان سيد سعد الدين، فتتميز لوحاته بالنقاء والصفاء، الذي يضفي عليها تميزا واضحا، فألوانه تتدرج من الفاتح للقاتم برقة مرهفة، كما تبدو أطراف أشخاصه رفيعة أحيانا، بها استطالة مدروسة أحينا أخرى وكأنها سيمفونيات موسيقية تتمدد فيها الأجسام في نغمات من الأوان الهادئة المضيئة التي تؤكد البعد الثالث. اهتم الفنان والناقد عز الدين نجيب بتناول العمارة التراثية التي صورها من بيئات مختلفة، وفي هذا المعرض قدم بعض اللوحات والمشاهد من عمارة واحة سيوة الشهيرة بتميزها وتفردها وملمسها الخشن. يسقط الضوء والظل فوق مسطح اللوحة بمهارة، مما يوحي بسخونة جوها، فهو عبر عن "شالي" تلك البلدة القديمة التي بنيت على الجبل، والتي تعد الأهم في تلك الواحة. بينما قدم ابن المدرسة الشرقية والإسلامية العربية الفنان محمد طه حسين بعض اللوحات مستخدما تقنية المنمنمات التي أشتهر بها، والتي استغل فيها تكرار الوحدات الدقيقة والصغيرة كحبات المسبحة بصبر وبإتقان شديد، في تناسق جمالي كي يشكل بها لوحته الكبيرة معبرا عن روح التراث مرتبطا بالمعاصرة، حيث تميز بهذا الأسلوب عن باقي فنان جيله. الفنان سعيد حداية قدم أعمالا جرافيكية ملونة "طبعة بالوسائط الخشبية والمعدنية والحجرية"، تميزت برؤية شديدة الخصوصية، فهو يستلهم التراث من حضارات مختلفة، ولكنة يتناوله بأسلوب تعبيري وكأنه يرصد قصصا على سطح اللوحة، حتى ولو كانت تحمل عناصر غير مفهومة أو مفسرة، كما يضيف الفنان في عدد من لوحاته بعض الكتابات والحروف العربية التي يستخدمها في تشكيل اللوحة لتعطي أشكالا جمالية تساعد على بناء العمل. ضم المعرض أيضا أعمالا مركبة قدمها الفنان فاروق وهبة الذي برز في هذا المجال الذي تعودنا أن يتناوله شباب الفنانين مع القليل جدا من كبار الفنانين الذين خاضوا هذا المجال بجرأة، مستخدمين العديد من الخامات المختلفة، وعلى رأسهم الفنان فاروق وهبة الذي استلهم التابوت المصري القديم في أعماله المركبة بالمعرض، والتي تحمل ألوانا ذهبية وفضية إلى جانب التأثيرات المعدنية للخامات التي استخدمها. أما في مجال النحت فقد عرض المثال أحمد السطوحي أعمالا نحتية مشكلة بالحديد تعكس خبرة ملحوظة في تكويناته التي تتحاور فيها الكتلة والفراغ بانسياب ملموس على الرغم من قسوة الخامة التي يستخدمها، وقد تميز هذا الفنان باستخدامه شرائح حديدية رفيعة جدا في تشكيل مجسماته التي يصور فيها كائنات عديدة بعضها يبدو كالحشرات التي يضخمها وكأنها تظهر في شكل أسطوري. ومن وحي الأشجار قدم النحات عبد المجيد الفقي منحوتات خشبية مهتما فيها بتناول الأشخاص، الذي يصورهم في أوضاع مختلفة، تارة يعبر عن العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، وتارة أخرى معبرا عن العلاقة بين مجموعة من الأشخاص بروح قومية، وغيرها يتناول فيها المرأة ذات الأشكال المتنوعة في كل عمل. كما قدم منحوتات نحاسية معلقة تضم أشخاصا في تكوينات تقوم على البارز والغائر. بينما تأتي المرأة في أعمال النحات فاروق إبراهيم موحية معبرة تحمل حسا أسطوريا، تلتف أجساد بعضهن بأوشحة تنساب عليهن بنعومة شديدة، على الرغم من خشونته وحدة خطوطه، ويلاحظ بجانب ذلك وجد أعمال نحتية أخرى تبدو مسطحة شديدة التبسيط والاختزال. وتنفرد الفنانة زينب سالم بتقديم خزفيات معلقة في قاعة العرض، جمعيها مستوحى من الطبيعة، فهي تستلم النخيل بنتؤاته وبروزه وأشكاله المتنوعة، التي تتخللها لمسات تجريدية في إطار التكوين، مما يؤكد خبرتها العالية وممارستها التي تميزت بها في هذا الفن، الذي تجاوز الإناء والأطباق، فهي تكاد تبدع لوحة مصورة، ولكنها تطوعها في تلك الخامة الطينية التي تحرقها لتكيفها أيضا مع تصورها ورؤيتها العميقة. وجيه وهبة محمد رزق فاروق وهبة فاروق ابراهيم عز الدين نجيب عبدالمجيد الفقي سيد سعد الدين سعيد حداية زينب سالم خلف طايع ثروت البحر احمد شيحة أحمد سطوحي الدسوقي فهمي من اعمال طه حسين طه حسين