استضافتني الاذاعية مشيرة كامل لكي اتحدث عن الرائدة الإعلامية المتميزة سامية صادق وذلك في مناسبة اعياد الاذاعة المصرية التي كرمت الاذاعة من خلالها بعضا من أعلامها وروادها ولقد سعدت بهذه الاستضافة ذلك ان الحديث عن سامية صادق وقدرتها ومقدرتها الاذاعية يعيدني الي أيام جميلة وذكريات حلوة بدأت منذ أكثر من نصف قرن عندما جمعتنا استديوهات وجنبات الاذاعة في مبناها العتيد4 شارع الشريفين وكيف كنا نتسابق جميعا من أجل تقديم برامج اذاعية نثبت بها ذواتنا كبراعم ناشئة في هذا المجال الذي كان يضم عمالقة الفنون الاذاعية ممن أثروا أثير الاذاعة المصرية بعطائهم وبرامجهم التي لاتزال تعيش في الوجدان وسامية صادق رفيقة الدرب والمسيرة دخلت الاذاعة في عام1951 اي بعد ان التحقت أنا بها بعام واحد تقريبا ومنذ اللحظات الاولي كانت سامية تبشر بمستقبل اذاعي مرموق فهي صاحبة صوت له جرس جميل ثم انها تتميز بأداء وإلقاء يظهر معاني الكلمات ويريح الأذن وهي لماحة تعرف كيف تقدم الحدث المشوق والتحدث اللبق,ولعلي اتذكر في هذا السياق لقاءاتها مع عديد من أهل الفن الذين استضافتهم في صفحة الفن في برنامج مجلة الهواء الذي بدأت اقدمه منذ مطالع خمسينيات القرن الماضي فقد كانت تقدم الضيف منهم مخرجة كل ماعنده خلال خمس دقائق فقط هي المدة المحددة للصفحة في البرنامج وبدأ توهج سامية صادق عندما قدمت برنامج مايطلبه المستمعون وهو البرنامج الذي توالي علي تقديمه ثقاة الاذاعيين مثل حافظ عبدالوهاب وصفية المهندس ذلك ان سامية صادق قد جعلت من البرنامج طاقة يطل منها الكثيرون من السامعين ممن يراسلون البرنامج فقد جعلت من رسائلهم همزة وصل بينهم وبين الاذاعة فقدمت خواطرهم الأدبية سواء كانت شعرا أو زجلا أو قصصا قصيرة وكانت حوارات سامية معهم هادية لهم نحو التجويد والإجادة واشهد ان رسائل السامعين للبرنامج كانت تأتي الي مكتبها في زكائب يحملها السعاة وكثيرا ما كانت تنكب بالساعات علي قراءة هذه الرسائل.. ويأتي برنامج سامية حول الاسرة البيضاءليكون من بين البرامج الرائدة في المجال الطبي وهو البرنامج الذي كانت تزور سامية من خلاله المستشفيات وتلتقي بالمرضي والاطباء ولم يكن البرنامج مجرد زيارة صماء يقوم فيها الميكروفون بالتعرف علي المريض وبحث شكواه والالتقاء بالأطباء المعالجين وانما كان برنامجا ترفيهيا من شأنه إدخال السعادة علي قلوب المرضي وبث روح الأمل في نفوسهم لقد كانت سامية تستضيف المطربين والفنانين ليلتقوا بالمرضي يغنون لهم ويتحدثون اليهم وكان يوم زيارة البرنامج لاحد المستشفيات يعتبر يوما مميزا في تاريخ المستشفي يسعد فيه المرضي وايضا الأطقم الطبية وكم داوي هذا البرنامج الكثيرين وكم عالج أناسا بفضل ماكانت تقوم به سامية صادق من جهد مع المسئولين في وزارة الصحة والمستشفيات ولعلي في هذا السياق انوه بالتوهج الاكبر لسامية صادق من خلال برنامجها فنجان شاي الذي التقت فيه مع عمالقة الأدب والعلم والثقافة والفن حيث كانت تناقشهم في كثير من قضايا المجتمع في حوارات جميلة كانت سامية تعرف أدب الحوار فلم تكن تقاطع ضيوفها مشتتة افكارهم كما يحدث من جهابذة الحوار الآن وترتحل سامية صادق الي التليفزيون رئيسة له وأشفقت عليها فهي ابنة الاذاعة وماذا ستصنع مع هذا الجهاز الضخم ومشاكله العديدة وأموره المتشعبة ولكن ابنة الاذاعة استطاعت ان تقوم بالمهمة خير قيام وأثبتت أن حسها الاذاعي كفيل بان يغير من خريطة البرامج التليفزيونية الي الأفضل وشمرت سامية عن ساعد الجد فتوهج التليفزيون في السنوات الست التي رأسته خلالها وقدمت من البرامج مالم يستطع احد بعدها ان يقدمه ولنضرب مثلا ببرنامج حلقات هو وهي وبرنامج ألف ليلة وليلة وغيرهما من البرامج الجميلة التي ابحث عن مثيل لهما هذه الايام فلا أجد.