أكثر اللقطات إيحاء هي تلك اللقطة المقربة ليدي الرئيسين مبارك وبوتفليقة وهما متلاقيتان يدا في يد, أثناء زيارة الرئيس مبارك بالأمس إلي الجزائر لتقديم واجب العزاء للرئيس بوتفليقة في وفاة شقيقه, هذا هو التعبير الصحيح و الواجب في شكل علاقات هذين الشعبين اللذين امتزجت دمائهما معا في أرض الجزائر و علي أرض سيناء, شعبان حاربا معا, وحلما معا, وحققا الحلم معا, وكان من العار أن يحدث ما حدث من الذين شوهوا هذه العلاقة وأصابوها بطعنة نتيجة سلوك متجاوز من هنا وهناك, وإشعال نار فتنة بلسان من لا يملك القدرة علي وزن الأمور, ولا علم له بتاريخ الشعبين وعلاقاتهما, كان الخطأ أن تركنا أنفسنا لمشاعر غضب أججتها عقليات لم تتجاوز في فهمها للأمور حدود التفكير بلغة الأقدام, فتركنا مصير علاقة تاريخية بين أقدام من لعب بها دون أن يدرك خطورة ما يفعل, وانسقنا أو انساق الكثيرون منا وراء هذا الانفعال. لقد شهدت العلاقات الثنائية بين البلدين توترا شديدا عقب مباراتي كرة القدم اللتين جرتا بين المنتخبين المصري والجزائري يومي14 و18 نوفمبر السنة الماضية, حيث تعرضت حافلة المنتخب الجزائري إلي اعتداء القاهرة قبل مباراة14 نوفمبر الماضي, وأعقب ذلك اعتداء عدد من الجماهير الجزائرية علي الجماهير المصرية بمباراة18 من نفس الشهر في أم درمان التي أهلت المنتخب الجزائري لنهائيات كأس العالم مما نجم عنه توتر كبير في العلاقات الثنائية. وحدث ما حدث بعد ذلك, واتخذت هذه الازمة منحي دبلوماسيا مع تظاهرات أمام السفارة الجزائرية في القاهرة واستدعاء السفيرين الجزائري في القاهرة والمصري في الجزائر الي بلديهما للتشاور. مصر لها علاقات متميزة مع الجزائر منذ خمسينيات القرن العشرين, حين وضعت مصر كل إمكاناتها المادية والمعنوية لمناصرة ثورة الجزائر عام1954 إلي أن حصلت علي استقلالها, كما كانت أولي الدول التي شاركت بأبنائها في تحقيق عملية التعريب لمناهج التعليم بالجزائر واستعادة هويتها العربية. وبالنسبة للجزائر, فقد شاركت مصر بكل قوة في حربها مع إسرائيل عامي1967 و1973 وسال الدم الجزائري مع الدماء المصرية علي أرض سيناء. منذ أيام قال صديق أثناء نقاش حول آثار ما حدث بين البلدين إن الشرخ الذي وقع لن يتمكن أحد من علاجه, وإنه يحتاج إلي أجيال لتجاوز ما حدث, ولكن بعد مشاهدة اليد في اليد أستطيع القول إن تجاوز ما حدث ممكن, فلا أظن مصريا أو جزائريا شهد هذا المشهد إلا و اعتراه إحساس غامر بالرغبة في العودة إلي ما كنا عليه. [email protected]