مع بداية عام 2013 وبالتحديد في بداية شهر فبراير أعلن عدد من البنوك بتشجيع من البنك المركزي المصري عن اتجاه لرفع سعر الفائدة علي الأوعية الادخارية بنسبة 12% وسوف ينتقل هذا الاتجاه بالمحاكاة لباقي البنوك العاملة في مصر ويبدو أن الهدف من رفع سعر الفائدة علي الأوعية الادخارية هو الحد من ظاهرة الدولرة بتشجيع أصحاب المدخرات بالجنيه المصري علي توظيف هذه المدخرات في هذه الأوعية الادخارية بدلا من تحويلها إلي أرصدة دولارية كمخزن للقيمة خوفا من تدهور قيمتها بفعل الاتجاه النزولي للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية وقد يكون الهدف من ذلك خفض معدل التضخم عن طريق خفض المعروض النقدي وهذا الاتجاه لرفع سعر الفائدة قد تكون له أثار إيجابية بالنسبة للحد من ظاهرة الدولرة وخفض معدل التضخم إلا أن له تداعيات كثيرة علي النواحي المالية والاستثمارية داخل الاقتصاد الوطني فمن المعروف أن هذه الأوعية الادخارية تعتبر استثمار آمنا خاليا من المخاطر وبالتالي فإن رفع سعر الفائدة علي هذه الأوعية الادخارية سوف يؤدي بالضرورة إلي رفع معدل العائد الذي يطلبه المستثمر في مجالات الاستثمار مرتفعة المخاطر ووفقا لدرجة المخاطر المرتبطة بمجال الاستثمار وقد يؤدي ذلك إلي حدوث اتجاه نزولي لأسعار الأسهم والسندات ببورصة الأوراق المالية لمواكبة هذا الارتفاع في العائد المطلوب علي الاستثمار ومن ناحية أخري قد تلجأ البنوك التي قامت برفع سعر الفائدة علي الأوعية الادخارية إلي رفع سعر الفائدة علي القروض المقدمة لعملاء الائتمان والاستثمار لمواجهة هذه الزيادة في أسعار الفائدة المدفوعة لأصحاب هذه الأوعية الادخارية. ويترتب علي رفع سعر الفائدة علي الائتمان والقروض للاستثمار انخفاض الطلب علي هذه القروض ومن ثم انخفاض نشاط مؤسسات الأعمال وتعميق حالة الركود الاقتصادي التي تمر بها مصر ومن شأن رفع سعر الفائدة علي الائتمان والقروض أن يؤدي إلي زيادة تكلفة الاقتراض وزيادة تكلفة الإنتاج، وقد يؤدي ذلك إلي ارتفاع أسعار السلع والخدمات وفي حالة عدم استطاعة المنتج أو البائع رفع أسعار السلع والخدمات فإنه يتحمل هذه الزيادة في التكلفة في صورة انخفاض في الأرباح كما قد يؤدي انخفاض أرباح مؤسسات الأعمال إلي انخفاض أسعار أسهم هذه المؤسسات في بورصة الأوراق المالية أيضا فإن زيادة تكلفة الإنتاج في مؤسسات الأعمال العاملة في مجال التصدير قد يؤدي إلي ارتفاع أسعار الصادرات وبالتالي انخفاض قدرتها التنافسية أمام نظائرها في الأسواق الخارجية وبالمثل فإن ارتفاع تكلفة الإنتاج والأسعار في السوق المحلية يؤدي إلي زيادة القدرة التنافسية للواردات من السلع المستوردة الأمر الذي يترتب عليه زيادة العجز في الميزان التجاري من خفض الصادرات وزيادة الواردات. كل هذه التداعيات لرفع سعر الفائدة تجعل من هذا الإجراء عملا خطيرا لابد له من دراسة جيدة قبل تنفيذه لذلك كان أولي بالبنك المركزي المصري والبنوك العاملة تحت مظلته دراسة هذه التداعيات قبل البدء في تنفيذ رفع سعر الفائدة علي الأوعية الادخارية إذ قد لا يستطيع هذا الإجراء إحداث تأثير ملحوظ في الاتجاه نحو الدولرة بفعل حالة عدم الاستقرار السياسي التي تمر بها مصر في الوقت الحالي أو تحقيق انخفاض ملموس في معدل التضخم وفي هذه الحالة نكون قد فتحنا الباب علي مصراعيه أمام تلك التداعيات المترتبة علي رفع سعر الفائدة دون أن نجني ثمار هذا الإجراء إن سعر الفائدة يعتبر أداة خطيرة من أدوات السياسة النقدية التي يجب استخدامها بحرص وحذر شديدين لما له من تداعيات متعددة علي الاقتصاد الوطني. رابط دائم :