لقد جاء تكريم المرأة بمجيء الإسلام وأعطاها من الحقوق والواجبات ما للرجل, ويؤكد رسولنا الكريم في حديثه الشريف: إنما النساء شقائق الرجال لهن حق التطلعات والطموحات المجتمعية والسياسية وشغل المواقع في المؤسسات التنفيذية والقضائية والرقابية والتشريعية. من هذا المنطلق كافحت المرأة المصرية علي المستوي السياسي حينما احتجت علي دستور1923 الذي منح حق الترشيح والانتخاب في مجلس الامة للذكور فقط, وبعد دستور56 أصبحت المرأة المصرية عضوا في السلطة التشريعية التي تضع القوانين للبلاد وأطلق علي مصر انذاك أول دولة عربية تعطي للمرأة هذا الحق وفي هذا السياق لابد أن نتذكر أن المرأة الأمريكية دخلت الكونجرس لأول مرة عام1960 والمرأة المصرية أصبحت نائبة في مجلس الأمة عام1956 بعد ثورة يوليو1952, أي أن المرأة المصرية سبقت المرأة الأمريكية بأربع سنوات في البرلمان. واليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن لن نستطيع الصمود نحن حفيدات هدي شعراوي وسيزا نبراوي ممن كن السبب الجوهري في نجاح ثورة30 يونيو الشعبية العائلية المجيدة ونحن نشاهد ونسمع مايناقش في لجنة الخمسين لاعداد الدستور مابين الموافقة والرفض للكوتا الدستورية للمرأة المصرية أو ترتيبها في القائمة حسب النظام الانتخابي الذي يقره الدستور, ولكي تمثل المرأة المصرية في البرلمان بنسبة تتناسب مع حجم مصر لابد أن نعرض تجارب الدول العربية والغربية في التمثيل البرلماني للمرأة, ونتعرض لموقع المرأة المصرية ومقارنتها في البرلمانات الدولية وذلك علي النحو التالي: اولا- أحتلت مصرترتيب رقم134 من بين188 دولة حول العالم وفق تقرير الاتحاد البرلماني الدولي عن التمثيل البرلماني للنساء نشر في عام2012. ثانيا- المرأة المصرية غائبة ضمن الثلاثين دولة الاولي في تمثيل النساء في البرلمان وفي دول العالم الاكثر ديمقراطية والحديثة العهد بالديمقراطية. ثالثا- أوضح خبراء الاتحاد الاوروبي أن مصر دولة عميقة وتقود المنطقة بأسرها وأن تدني نسبة تمثيل المرأة المصرية في البرلمان ادي الي تراجع مصر الي المرتبة الاخيرة علي مستوي العالم العربي. رابعا هناك97 دولة في العالم تأخذ بنظام الحصص أو الكوتا من خلال الدستوروتستخدم مبدأ التمييز الايجابي للمرأةquality+1 من خلال بدائل ثلاث: الكوتا الدستورية, والكوتا القانونية, والكوتا الحزبية من قبل الاحزاب السياسية. خامسا رغم كثرة الأزمات وماتعرضت له العراق من الادارة الأمريكية الا أن الدستور العراقي نص علي تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن25% من عدد أعضاء البرلمان العراقي وفق قانون انتخابي يجبر الاحزاب ان تكون المرأة علي الاقل ضمن اول ثلاثة مرشحين في القائمة وبذلك نجحت المرأة العراقية في الانتخابات وتفوقت المرأة التونسية علي نساء مايسمي دول الربيع العربي حيث حصلت علي63 مقعدا بنسبة35% من اجمالي217 مقعدا في البرلمان وفق أعتماد نظام التناصف والتناوب في القوائم الانتخابيةحيث تضم كل قائمة عددا متساويا من الرجال والنساء مرتبين بالتناوب. سادسا- حصلت المرأة السعودية مؤخرا علي ثلاثين مقعدا في مجلس الشوري في دورته السادسة من خلال تعديل تشريعي بنسبة20% من عدد الاعضاء وفق صدور أمر ملكي سعودي ووضعت السعودية في المرتبة الرابعة عربيا من حيث مشاركة المرأة في البرلمان سابعا- حظيت المرأة المغربية بنسبة30% من اجمالي اعضاء. البرلمان, والمرأة ألاردنية20%, والمرأة اللبنانية30%, والمرأة التونسية بنسبة35%, والمرأة الباكستانية21% والمرأة الاماراتية28% والمرأة السودانية25%( تحتل112 مقعدا من بين450 مقعدا في المجلس الوطني السوداني), والمرأة السورية22% والمرأة الباكستانية21% والمرأة الافغانية27%, والمرأة في جيبوتي24%, المرأة في موريتانيا18% والمرأة الفلسطينية22%, والمرأة الجزائرية30% وهي تمثل انجازا ملحوظا في المنطقة التي فشلت في الحفاظ علي التغير الديمقراطي في البلدان التي تسمي بالربيع العربي. ثامنا توجد15 دولة تجاوزت ال45% لتمثيل المرأة في المجالس التشريعية مثل روندا وجنوب افريقيا وأوغندا وتوجد30 دولة تجاوزت ال25% مثل العراق والسودان وباكستان وفرنسا وتوجد45 دولة تجاوزت ال15% مثل الدنمارك وموريتانيا والمغرب والجزائر علما بأن الدول التي لم تطبق فيها الكوتا الدستورية اوترتيبها في موقع غير متقدم من القائمة نسبة تمثيل المرأة في برلمانها ضعيف مثل مصر2%. ماسبق هو مارصدته التقارير الدولية من قبل المؤسسات الدولية المعنية بالتمثيل البرلماني للمرأة في دول العالم وموقع مصر منها وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا تعتبر مصر من الدول العربية التي ترتيبها متأخر في التمثيل البرلماني الدولي ؟ لماذا تحظي المرأة العربية في عدد غير قليل من الدول بنسبة تتراوح مابين35% الي15% في البرلمان مقارنة بالمرأة المصرية التي تمثل بنسبة2% ؟ وتتلخص الاجابة في الحقائق التالية: 1- إن التجربة الانتخابية البرلمانية أثبتت علي مدي دوراتها عدم حصول المرأة المصرية علي مقاعد في البرلمان بنسبة تليق ببلد مثل حجم مصر نتيجة نظام الانتخاب الفردي وتنافسها امام البارعين من الرجال وكذلك نتيجة الانتخاب بالقائمة حيث تضع الاحزاب السياسية المرأة في ذيل القائمة 2- أن نظام الكوتا القانونية نجح في برلمان79 وانتج33 مقعدا للمرأة المصرية ولكنه بعد سنوات تم الحكم بعدم دستوريته وقد حصلت المرأة المصرية علي64 مقعدا في برلمان2010 المنحل نتيجة الكوتا الدستورية وتخصيص مقاعد إضافية للمرأة في البرلمان وكان قانون الانتخابات محصنا دستوريا في المادة62 من دستور71 وقد ينتقد البعض هذه المادة انها كانت لصالح النظام او التوريث انذاك, والرد أن هذه المادة كانت للمرأة المصرية ولكن العيب كان في التطبيق من حيث اختيار بعض المرشحات من أهل الحظوة والثقة وصاحبات المال وإهمال أهل الكفاءة والخبرة والتواجد الجماهيري 3- أهمل دستور2012 المعطل الحقوق السياسية للمرأة من خلال إلغاء الكوتا الدستورية في المادة62 من دستور71 ولم ينص علي ترتيبها في القائمة في قانون الانتخابات لبرلمان2011 المنحل المطلوب: البديل الأول: عودة المادة62 من دستور71 التي تسمح للمشرع بتخصيص مقاعد للمرأة بنسبة يحددها القانون وهنا لن تمس مقاعد البرلمان, ولكن يضاف عدد من المقاعد وفق دوائر خاصة تتنافس عليها المرأة فيما بينها وقد ازدادت قاعة مجلس الشعب من حيث المقاعد لهذا الغرض بحيث يراعي فيها تمثيل المحافظات مع زيادة المقاعد في المحافظات الكبيرة وتطبق لدورتين متتاليتين فقط. البديل الثاني: توزيع النسب التالية علي مقاعد البرلمان:30% للفئات,20% للعمال,15% للفلاحين,25% للمرأة,10% تعيينات تختص فقط للشباب والاقباط وبذلك لايوجد تمييز حيث تم تمثيل جميع الفئات وهنا يمكن تطبيق النظام الفردي في الانتخابات مع مراقبة الانفاق لضبط المال السياسي البديل الثالث: أن تطبق القائمة بنسبة الثلث والفردي بنسبة الثلثين بشروط ان يلزم قانون الانتخابات الاحزاب السياسية بوضع المرأة في ترتيب متقدم من القائمة كأن تكون رقم3 مثلا أو تطبق التجربة التونسية والتي تجبر القوائم بضم عدد متساو من الرجال والنساء مرتبين بالتناوب والتناصب وبعد: أطالب السفيرة ميرفت التلاوي بصفتها عضوا في لجنة الخمسيين بان تعرض علي اللجنة البدائل الثلاثة المطروحة في هذا المقال والمنبثقة من تجارب دول العالم وبرلمانات الدول العربية والغربية وان لم يأخذ بأي من البدائل والحلول الثلاثة سيبقي الوضع كما هو نأمل أن يتحقق امال المرأة المصرية تقديرا لدورها وتواجدها في جميع مؤسسات الدولة, وتناسبا مع تاريخها وكفاحها وصمودها ومسيرتها في العمل الوطني, وحتي يرتفع ترتيب مصر عالميا لتدخل ضمن الدول الثلاثين الاولي فيما يتعلق بالتمثيل البرلماني الدولي للمرأة المصرية. رابط دائم :