أكدت الشريعة الإسلامية ضرورة الوحدة والتماسك بين أبناء الأمة وحذرت من الشقاق والاختلاف وإن كان هذا الاختلاف سنة كونية ينمي الفكر شريطة أن يكون بعيدا عن ثوابت العقيدة واستغلال الدين أما إذا كان الاختلاف يؤدي إلي تكفير طرف أخر أو تفسيقه فهذا ما نهي الاسلام عنه وحذر منه حتي لا تتمزق الأمة بين أحزاب وشيع هنا وهناك وحول مسألة الانشقاق وخطورته علي المجتمع كان هذا التحقيق. في البداية يوضح الشيخ فكري اسماعيل وكيل وزارة الاوقاف الاسبق وعضو مجمع البحوث الاسلامية أن كلمة الانشقاق تعني التفرق والتحزب والتباعد ولذلك نهي المولي تبارك وتعالي عن الانشقاق الذي يؤدي إلي التفرق فقال تعالي ولا تكونوا كالذين تفرقوا كما نهانا أيضا عن التفرق في آيات أخري كثيرة وبين خطورته ففي سورة الانفال يقول سبحانه وتعالي مبينا بعض عوامل الهزيمة ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس وقبل هذه الاية يوضح رب العزة عوامل النصر فيقول يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم فقد وضحت الآية الكريمة ان الشقاق والتفرق يؤدي لا محالة إلي هدم كيان الأمة ومقوماتها ولهذا أمرنا المولي سبحانه وتعالي بأن نعتصم بحبل الله جميعا في قوله تعالي واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وبينت الوقائع أن أي أمة تفرق أبناءها كان مصيرها ضياع قوتها وهيبتها ولذا قال رسول اله صلي الله عليه وسلم الشيطان مع الواحد أقرب ومع الاثنين أبعد وفي حديث آخر يقول سيد الله مع الجماعة ومن شذ شذ إلي النار وإلي غير هذه من الأول الثانية المؤكدة ختمت بها سورة الانعام في قوله تعالي إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء وفي قراءة لحمزة والكسائي إن الذين فارقوا دينهم أي دب الشقاق بينهم وتعصب البعض لرأيه وأنكر الرأي الاخر فهذا النوع يدخل تحت مضمون الآية الكريمة ولذا نري أن ختام سورة الانعام يوضح المنهج الذي يوصلنا إلي القوة لقوله تعالي قل إنني هداني ربي إلي صراط مستقيم دينا قيما ملة ابراهيم حنيفا ويشير اسماعيل إلي أن أمتنا الأن في أشد الحاجة للمخلصين وأصحاب النهي أن يبصروا غيرهم بخطورة التفرق والتحزب والتعصب الأعمي وأن يلفتوا أنظارهم إلي قول علماء الأصول أينما وجدت المصلحة فثم شرع الله فإذا كانت مصلحة الأمة الان تحتم علينا أن ندرء المفاسد ونوحد الكلمة حفاظا علي الوطن الذي هو جزء من حياتنا فمصر أمنا جميعا ولا يجوز للبعض أن يتعمد إيذاء أمة وملعون من تسبب في إيذاء أمه مصر العظيمة الوطن الذي يسعنا جميعا ويضيف الدكتور محمد حرز الله إمام مسجد الحسين أن الاختلاف سنة كونية لقوله تعالي ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم فالاختلاف وارد بين الناس اختلاف في الاراء والأفكار واختلاف المذاهب وحتي اختلاف في العقيدة لذلك قال تعالي لكم دينكم ولي دين فهذا الاختلاف ينمي الفكر بشرط أن يكون بين الأمة الواحدة في الدين الواحد بعيدا عن ثوابت العقيدة أو استغلال للدين في فهم خاطيء أو فكر منحرف لقوله تعالي وان اختلفتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير وأحسن تأويلا أما أن يعتقد البعض بأن هناك اختلافا في الرأي يؤدي إلي تكفيره أو تفسيقه فهو إما جاهل أو متجاهل أو مستغل لاحكام الشريعة أو مستغل لأغراض حزبية سياسية لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا فينتج عن هذا الانشقاق والاختلاف تمزق الأمة إلي أحزاب وشيع وهو ما نهي الاسلام عنه في قوله تعالي إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء وقوله كل حزب بما لديهم فرحون وأعداء الأمة ينتظرون الاختلاف والشقاق يستغلون من ذلك بوابة وطريقا يبثون سمومهم لزعزعة الوطن واستغلال الضعفاء من أبنائه وهذا ما يحدث من جماعات للأسف نسب نفسها للإسلام والاسلام منها بريء لأنه مظلة عدالة الكل ينعم ويهنأ ويعلوهم الرأفة والرحمة أما من يحرض علي قتل الناس وزعزعة أمنهم وبث الرعب في قلوب الأفراد والمجتمعات فأخشي أن يخرج عن دائرة الاختلاف المشروع ليصبح تحت طائلة قوله تعالي ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار.