أثار الحادث الدموي الذي قتل فيه شيعة في قرية ¢ أبو مسلم ¢ تساؤلات عديدة ليس حول مشروعية هذا الفعل فقط وإنما عن كيفية مواجهة أصحاب العقائد المنحرفة. وهل يقتصر الرد علي الحوار وتفنيد الأخطاء العقائدية فقط ؟ وهل يجوز اللجوء للعنف من باب تغيير المنكر باليد ؟ ..هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها هذا التحقيق يوضح الدكتور أحمد عمر هاشم .. الرئيس الأسبق لجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن تبادل الحجة بالحجة والدليل بالدليل هي الوسيلة المسموح بها شرعا ليس مع أصحاب العقائد المنحرفة فقط بل مع المختلفين معنا في الأديان وهذا ما يعرف شرعا بالمباهلة حيث قال تعالي "¢ إِنَّ مَثَلَ عِيسَي عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابي ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ. الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ. فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَي الْكَاذِبِينَ" "آية 161 آل عمران"..پوأشار إلي أنه بالحوار والجدال في حقيقته مناقشة بين طرفين أو عدة أطراف بقصد تصحيح كلام خاطئ أو إظهار حجَّةي قوية أو إثبات حق أو دفع شبهة أو رد الفاسد من القول والرأي . ويجب أن تكون الغاية من هذا الحوار إقامةُ الحجةپپودفعُ الشبهة والفاسد من القول والرأي ويصفه البعض بأنه تعاون من المُتناظرين علي معرفة الحقيقة والتَّوصل إليها ليكشف كل طرف ما خفي علي صاحبه منها والسير بطرق الاستدلال الصحيح للوصول إلي الحق وهذا ما وصفه الحافظ الذهبي ¢ إنما وضعت المناظرة لكشف الحقِّ . وإفادة العالم الأذكي العلم لمن دونه . وتنبيهِ الأغفل الأضعف ¢ يؤكد الدكتور عمر هاشم أن الإسلام يصرف أتباعه عن أي سلوك دموي إلا إذا كان رد فعل علي اعتداء دموي فيكون هنا الفيصل قوله تعالي : "الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصى فَمَنِ اعْتَدَي عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَي عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" "آية 194 سورة البقرة". أما في حالة عدم وجود أي اعتداء فإن التعايش السلمي هو الحل مع توضيح خطأ معتقد الآخرين سواء كانوا من أتباع الأديان الأخري أو الطوائف والمذاهب المنحرفة عن صحيح الدين مثل البهائية والقاديانية وغلاة الشيعة الذين أفتي علماء الأزهر بكفرهم فمثل هؤلاء نوضح لهم الحق فإن تابوا فنشكر الله علي ذلك وإن لم يتوبوا وكانوا سلميين ولا يجاهرون بكفرهم أمام المسلمين او يدعون للكفر بين المسلمين فإن موقف الإسلام منهم موقفه من أصحاب الأديان الأخري حتي ولو كانوا كافرين من المنظور الشرعي لهذا فإن النص الشرعي قاطع في ذلك حيث يقول تعالي : "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ . لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ . وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . وَلَا أَنَا عَابِدى مَا عَبَدْتُمْ . وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ . لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" "الآيات 1-6 سورة الكافرون". الحوار لتغيير المنكر حذر الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة - جامعة الأزهر من لغة السب في الحوار بين المؤمنين وأصحاب العقائد المنحرفة بل يجب أن يكون بيان الحق بالحسني والرفق واللين من القول حتي لا ينتهي الحوار بما لا تحمد عقباه وقد حذرنا الله من ذلك مع من لا يؤمنون به فقال : "لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمي كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةي عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَي رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "¢ "آية 108 سورة الأنعام". وأوضح الدكتور حسين .انه ليس مهمة المحاور مع أصحاب العقائد المنحرفة البحث والتنقيب عما في الصدورپوإنما لنا الظاهر والله المحاسب علي السرائر ولا يجوز لنا أن نجبر غيرنا سواء من أهل الأديان الأخري أو العقائد المنحرفة علي ما نعتقد صحته وإنما مهمة الدعاة هي بيان الحق وتفنيد الباطل فقط وبعد ذلك كل محاسب علي ما يعتقد لقوله تعالي : "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءي كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا" "آية 29 سورة الكهف". عن جواز التصدي بالقوة لأصحاب العقائد المنحرفة باعتبار ذلك من قبيل تغيير المنكر باليد أشار الدكتور احمد حسين الي أن تغيير المنكر درجات لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "من رأي منكم منكرا فليغيره بيده . فإن لم يستطع فبلسانه . فإن لم يستطع فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان ". ودرجة تغيير المنكر باليد او القوة هو من اختصاص ولي الامر او الحاكم لهذا علي عامة الناس ان يبلغوا الحاكم بأي منكر ويطلبوا منه تغييره عن طريق سلطاته ممثلة في الشرطة والقضاء حتي لا تعم الفوضي وتسيل الدماء إذا ما تم ترك تغيير المنكر باليد للعامة . أما الذين لهم تغيير المنكر باللسان فهم العلماء أو الحكماء بشروط أهمها أن لا يؤدي هذا إلي منكر اكبر منه كنشر الفتنة وان يكون هذا التغيير بالحسني والقول الحسن حتي يؤتي ثماره المرجوة وبالتالي إذا عرف كل فرد في الأمة دوره في تغيير المنكر كنا جميعا ممن حققوا خيرية هذه الأمة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بدعوتها للحق وحمايتها للدين ومحاربتها للباطل مما يحقق لها التمكين في الأرض ورفع راية التوحيد وتحكيم شرع الله ودينه وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها ولذلك امتدحها الله تعالي في حين قال : " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" "آية 110 سورة آل عمران". وأنهي الدكتور أحمد حسين كلامه بالتأكيد علي أهمية الإيمان بأن اختلاف الأديان والعقائد سنة الله في خلقه ولا يمكن أن يؤمن كل الناس بالإسلامپپفقال تعالي: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ " الآيتان 118-119 سورة هود . لهذا ليكن شعارنا في الحوار مع أصحاب العقائد المنحرفة قوله تعالي: "قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". الحوار بالحسني يؤكد الشيخ جمال قطب ..الرئيس الأسبق للجنة الفتوي بالأزهر أن الحوار هو الوسيلة الفعالة في مواجهة أصحاب العقائد المنحرفة لأن الحوار يعني لغة ¢المُراجعة في الكلام¢. أي أن والحوار والجدال بالتي هي أحسن وأفضل الطرق لتصحيح ما انحرف من العقائد وبيان الحق من الباطل. وأشار إلي ضرورة أن يكون تصحيح العقائد الباطلة بإظهار الحق عن طريق الجدل بالتي هي أحسن وليس بالقتل وسفك الدماء أو الغلظة في الكلام والفعل وهذا ما نفهمه من قوله تعالي: "ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" آية 125 سورة النحل . وقوله تعالي أيضا : "فَبِمَا رَحْمَةي مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ - وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ - فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ - فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَي اللَّهِ - إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " آية 159 سورةپآل عمران.