رئيس النواب لأعضاء المجلس: "الجلسة العامة مستمرة.. وإحنا في أسبوع السهرة"    60 الف عيادة وصيدلية مهددة بالغلق..نقابة الأطباء تطالب مجلس نواب السيسي بوقف تعديلات الإيجار القديم    كامل الوزير : إعداد خطة زمنية مضغوطة لإنهاء الطريق الإقليمي بالكامل    رئيس الوزراء يصدر القرار رسميا.. الخميس 3 يوليو موعد إجازة 30 يونيو    جيش الاحتلال يعلن مقتل رقيب في الكتيبة الهندسية 601 بمعارك شمال غزة    بعد أزمته مع شلاسك البولندي.. الأهلي يراقب موقف أسد الحملاوي    كامل الوزير: الرئيس وجه بإنهاء تطوير الدائري الإقليمي ونشر لجان على البوابات    رئيس جامعة المنوفية يستقبل نقيب المحامين بالمحافظة لتعزيز التعاون المشترك    الشرطة الإيرانية تعتقل عميل للموساد في محطة مترو بطهران    الاتحاد الأردنى لكرة السلة ينشر بيانًا لتوضيح قرار الانسحاب ضد إسرائيل    الكرملين: روسيا لا يمكن دفعها إلى طاولة المفاوضات بالضغط أو بالقوة    صعود مؤشرات البورصة للجلسة الخامسة على التوالي بتداولات 7.1 مليار جنيه    كل ما تريد معرفته عن العروض الخارجية لضم لاعبي الأهلي فى ميركاتو الصيف    ميمي عبد الرازق: أحمد عيد أبلغنا برغبته فى الانتقال للأهلى.. والساعى إضافة    محافظ الشرقية يفاجئ قرية بردين ويتابع تنفيذ أعمال توسعة طريق العصلوجى    «رغم صعوبة القطعة».. طالبات القليوبية: امتحان الإنجليزي في متناول الجميع    مصرع 3 أشخاص فى انقلاب سيارة نقل بطريق مرسى علم إدفو    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة مبلغ مالى من مكان عمله    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب ميكروباص داخل ترعة فى أطفيح    وفاة والدة هشام إسماعيل وتشييع الجنازة من مسجد السيدة نفيسة    بيونسيه توقف عرض "Cowboy Carter" في هيوستن بعد حادث مفزع على المسرح.. فيديو    عرض "شلباية" و"قبو الغربان" الليلة بمهرجان فرق الأقاليم    بدء تصوير فيلم ابن مين فيهم ل ليلى علوى وبيومي فؤاد    تامر حسني يدعم سارة وفيق برسالة مؤثرة بعد نجاح فيلمها: "أهلك أهلي ومبروك الرقم الاستثنائي"    وزارة الصحة تنظم برنامجا تدريبا في علم الأوبئة ومكافحة نواقل الأمراض    في يومه العالمي.. كل ما تريد معرفته عن التمثيل الغذائي وكيف يستمر طوال اليوم حتى مع النوم.. أبرز الاضطرابات والأمراض المرتبطة بها وأسبابها.. اعرف تأثير المواد والسموم والأدوية.. وأشهر الاضطرابات الأيضية    محافظ الشرقية يفاجئ مجمع خدمات قرية بردين ومركز صحة الأسرة لتفقد الخدمات    "ارتبط اسمه بالأهلي والزمالك".. نادي شلاسك فروتسواف البولندي يعلن مغادرة نجمه لمعسكره دون إذن    "التضامن": حصر وطنى شامل للحضانات لدعم الطفولة وتيسير إجراءات التراخيص    نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب لإنهاء معاناة مريض من اضطراب كهربي خطير    السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لمواجهة فلامنجو    محافظ المنوفية يستقبل مفتى الجمهورية لتقديم واجب العزاء فى شهداء حادث الإقليمي    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    ضبط 95 مخالفة تموينية في حملات موسعة على الأسواق والمخابز بالمنيا    ضبط سائق ميكروباص تحرش بطالبة في مدينة 6 أكتوبر    "رياضة النواب": ثورة 30 يونيو منحت الشباب اهتمام غير مسبوق وستظل علامة مضيئة في تاريخ مصر    رئيس النواب يدعو لجنة النقل بإعداد تقرير عن حادث الطريق الإقليمي    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    ريبيرو يجهز مصطفى شوبير لحراسة مرمى الأهلي في الموسم الجديد    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    رسائل تضامن وصور شهداء.. "كايروكي" يحيي حفلا تاريخيا لدعم غزة باستاد القاهرة| فيديو    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    وزير الكهرباء يزور مجموعة شركات هواوي الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    «الصحة» : دعم الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسرير رعاية مركزة    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    الزمالك يهدد ثنائي الفريق ب التسويق الإجباري لتفادي أزمة زيزو.. خالد الغندور يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالما وعاشقا وابن بلد.. نور الشريف وداعا
نشر في بوابة الأهرام يوم 11 - 08 - 2015

ما من أسرة جلست أمام الشاشة إلا وشعرت أنه واحد منها في دور واحد على الأقل.. فقد حمل نور في قلبه جرعات كبير من أفراح وأحزان المصريين، كان فنانا مثقفا كثيف الوعي ويجيد قراءة المستقبل، لم يستسلم لمرض ولا استسلم لابتزاز ولا ضعف أمام المغريات.
في مشوار حياته الممتده طولا وعرضا، ظل محباً للحياة.. عاشقاً للفن..وفياً لحبه الوحيد.. حالماً بمستقبل أفضل لبلاده ولشبابها0
لم أتخيل يوماً منذ سنوات في بداية رحلة العمل الصحفي أن يوافق نجم بحجم وقيمة الراحل نور الشريف على مقابلتي وأنا في رحلة كتابة الاسم بالقلم الرصاص، وافق الرجل وذهبت له في تصوير أحد أعماله الفنية، وصلت في الموعد المحدد في أستديو "السمنودي" وفوجئت بالفنان الكبير يترك التحضير لمشاهده وسط أنامل ماكييره الجالس معه في الغرفة وجاء لاستقبالي من أمام بوابة الأستوديو في الخارج وسط حفاوة كبيرة لم أتوقع أن أراها وسط مجتمع بات التعامل فيه مع الشخصيات الفنية التي لا يتعدى عمر بعضها سنوات من صعوبات ومأزق العمل في هذا المجال، وظللت اتساءل كيف يمكن لفنان قدير بحجم وقيمة هذا الرجل أن يكون بهذا التواضع، وألا يقلل من قيمة من يقف أمامه، ووجه الإجابة بعد يوماً كاملاً قضيته معه قي التصوير، وبعد قراءة أكثر وعياً في رحلته الفنية الطويلة0
الإجابة على تساؤلاتي قرأتها في عقل نور الشريف، فكلما اعتقدت أنني قربت من أفكار الرجل فجاءني ببحر قراءاته في الحقل السياسي والفني المحلي والعربي لدرجة أنني وصلت في لحظة لمرحلة الاستسلام، فالقراءة وحب الراحل في الغوص في أعماق شخصيات المجتمع بطبقاته الدنيا وصاحبة الثراء كانت السبب فيها تواضعه ومحبته وآراؤه التي لم يبخل بها على أحد، وكان سهلا استنتاج ذلك فيما رأيته بالكواليس فقد كان يتحدث مع النجوم الشباب الذين يشاركونه بطولة العمل ويقيم معهم بروفة صغيرة" على المشهد وسط أجواء أمتزجت بالعطاء، وقيمة دوره في خروج أجيال جديدة ومساندتها في بدايتها0
من يقرأ رحلة الشريف في سنوات عمله يجده محباً في تقديم دماء جديدة للمشاهد بشكل متوازن مع دوره بل في بعض الأحيان تكون الوجوه الشابة صاحبت النصيب الأكبر من العمل، بعكس ما قد نشاهده اليوم من أعمال لأجيال جديدة ربما يكتب لها مشاهد العمل كاملاً متجاهلة الأدوار الفرعية، وربما يكون لظهور الشريف في أعمال تميزت بتقديم العديد من الوجوه الجديدة وقتها تأثيراً في قناعته بهذه الأمور فيما بعد0
السيدة زينب
ربما كان للحي الذي ولد فيه محمد جابر الشهير ب"نور الشريف" أثره في رحلته الفنية التي كان فيها شديد الاقتراب من الرجل المصري بمختلف فئاته وطبقاته، ومراحله العمرية.. هو "حسن" سائق الأتوبيس أحد النماذج الكادحة والمكافحة في المجتمع المصري وهو "عبد الغفور البرعي" صاحب الوكالة الذي بدأحياته من الصفر، وهو أيضاً من صعد إلى قمم المجتمع بأدواره في أفلام أهل القمة، وعمارة يعقوبيان وغيرها0
ولعل النماذج التي قدمها الشريف في أعماله الفنية جعلت منه بطلاً رمزاً شعبياً لدى محبيه الذي ارتبطوا بأعماله خصوصاً ما قدمه في التلفزيون في السنوات الأخيرة0
السينما
تدرجات مختلفة في حياة البطل بدأها بأدوار شبابية كدوره في فيلم "قصر الشوق" عن ثلاثية نجيب محفوظ وتنوع بعد ذلك بين الكوميديا، كما في الكل عاوز يحب، ومدرسة المشاغبين وغيرهما ثم خاطبت عقول الشباب بالحب الذي لربما لم يكن متاحاً بشكل أكبر قبل حرب 73، نظراً لأوضاع البلاد حيث قدم أفلاما جمعت بين ثنائيات الحب والرومانسية بينه وبين زوجته الفنانة بوسي كان أشهرها "حبيبي دائماً" والذي يعد واحداً من كلاسيكيات السينما المصرية، وغيرها من الأعمال التي جمعته مع فنانات جيله مثل مرفت أمين، ونجلاء فتحي وغيرهم.
تأتي مرحلة الوعي السينمائي الأهم والأكبر في حياة نور الشريف السينمائية، ببحثه عن قضايا مجتمعية كان للسياسة تأثير فيها بشكل أو بآخر.. واستطاع من خلال توحده مع صديقه المخرج الراحل عاطف الطيب.. تشكيل تيار مضاد لسينما المقاولات التي غزت الوسط الفني إبان حقبة الثمانينات، بل أن طموح الثنائي لم تجعل حدود موهبتهم تتوقف عند سائق الأتوبيس"سواق الأتوبيس"، أو صاحب الليلة الساخنة "ليلة ساخنة" بل تخطت حدود القطر وقدما معاً شخصية الرسام الثائر الفلسطيني ناجي العلي.
وجاءت المراحل الأخيرة في مشوار الراحل السينمائي بتمسكه بها، واختيار ما يناسبه في سينما الألفية الجديدة بشكل لا يقلل من قيمة ما قدموا من قبل بل يزيد عليه بالكثير، وكان تناغمه مع الشباب واضحاً بمختلف مرحلهم العمرية والفكرية بداية من فيلمه أولى ثانوي والذي خاطب فيه فئات هذا العمر الذي ندر الحديث عنه في فيلم سينمائي مروراً بأفلام مسجون ترانزيت مع أحمد عز، وعمارة يعقوبيان الذي عمل فيه مع الشباب والكبار من جيله، ودم الغزال مع يسرا ومنى زكي، وأخيراً بتوقيت القاهرة الذي شاركه فيه درة، وشريف رمزي وعرض في مطلع العام الجاري0
التليفزيون.
إطلالات مميزة من عام إلى آخر في رمضان من كل عام، تنوعت أدوار الشريف فيها بين الرجل المكافح كما في لن أعيش في جلباب أبي، وعائلة الحاج متولي، والعطار والسبع بنات، تلك الأعمال التي خاطبت الأسر البسيطة في الفكر وأسلوب معيشة الحياة لينطلق الراحل ببوابات آخرى من الأعمال التي ناقشت قضايا معاصرة للشباب وأفكار المجتمع هنا عيش أيامك، حضرة المتهم أبي، متخافوش إضافة إلى وعي كبير لدى الراحل تكلل في أدوار تاريخية ودينية قدمها الشريف نجح فيها في مزج قراءته في هذا الحقل بالسيناريو الدرامي فجاء أكثر سلاسة وبساطة في الأداء الذي قدم بعمق وتوحد مع الشخصيات جذب فيها الكثيرين لمتابعته من خلالها بل أن المرحلة التي قدم فيها الشريف هذه الأعمال مثلت عصر الازدهار في تقديم الأعمال الدينية التي تضاءلت بمرور الزمن0
لكن تبقى شخصية الحسين الحلم الأكبر الذي سعى الشريف وحلم بخروجه للنور لكنه لم يتحقق بسبب رفض المؤسسات الدينية لتجسيد شخصيات آل البيت0
حلم الشريف بمستقبل أفضل لبلاده، وكان شديد التفاؤل بالمرحلة الحالية التي تعيشها مصر، فرغم عدم حديثه في السياسة إبان وقت الثورة إلا أنه كان يحلم بتحقيق الديمقراطية بشكل أنضج وأكثر وعي بالمجتمع، وظلت مخاوفه على السينما مؤخراً هي ما يقلقه ويشغل تفكيره0
لا يؤمن الراحل إلا بالنظام في أدق تفاصيل عمله، فهو ليس من الفنانين الذين يحرصون على الجلوس بغرفتهم لحين يأتي دوره بل يتابع تفاصيل من يظهرون حوله بالمشهد، وأتذكر أنه في اليوم الذي قضيتهرفي حواري مع الراحل غضب كثيراً عندما وجد الطفل الذي كان من المقرر مصاحبته له في المشهد لا يرتدي الثياب المطلوبة مما أزعجه وكان سبباً لتغيير موده تماماً0
ربما كان اليوم قصيراً في الاقتراب من قامة بحجم نور الشريف، لكنه كان مؤثراً في الرؤى والفكر، وتلاها لقاءات ومحادثات كلما حاورته فيها تزداد الأفق0
مقاومات الراحل للحياة كانت قوية عندما قابل جمهوره في الدورة الأخيرة لمهرجان دبي رغم مرضه، وعندما خاطب محبيه بعبارات مؤثرة كتبها منذ أشهر قليلة وانتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي حول انزعاجه من انتشار اخبار وفاته وكيف كان لها تأثير عليه بالسلب أولاً ثم بالإيجاب من التفاف الكثيرين حوله للاطمئنان عليه، وربما كان الرحيل صدمة للكثيرين لكن الحزن الأكبر يبقى في قيمة الإنسان الخلوق الذي صاحب نور الشريف مهما ارتفعت شهرته وأسهمه ومهما فاقت تكريماته0


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.