د. يسرا سلامة: الكاميرا دخلت القدس مبكرًا بالتزامن مع مصر.. ولوحة "باومان" للأميرة نازلي تثير جدلية النقد والتمثيل موضوعات مقترحة صيد الغزلان في مرسى مطروح.. أين اختفى رمز المحافظة؟ إحياء التراث الحضاري في العالم العربي فى مؤتمر التاريخ بجامعة قنا| صور «الهيروغليفية».. مفتاح أسرار الماضى وصوت أجدادنا المقروء شهدت ندوة (المرأة في تراث العلوم والفنون الإسلامية)، والتي نظمها مركز دراسات الحضارة الإسلامية بالتعاون مع برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي بقطاع البحث الأكاديمي بمكتبة الإسكندرية) عرضًا لورقة بحثية متميزة بعنوان "المرأة في الصورة الفوتوغرافية القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي"، للباحثة الدكتورة يسرا محمد سلامة. قدمت الدراسة قراءة بصرية وتاريخية دقيقة لظهور المرأة أمام الكاميرا في تلك الحقبة، كاشفة أن الصورة الفوتوغرافية لم تكن مجرد توثيق محايد، بل كانت "تمثيلاً مشروطاً" تحكمت فيه التقاليد الاجتماعية من جهة، ورغبات المصورين الأجانب في خلق صورة "غرائبية" عن الشرق من جهة أخرى. جدلية الأميرة نازلي والرسامة باومان في تحليلها للحالة المصرية، توقفت الباحثة عند نموذج إشكالي يجمع بين الرسم والتصوير، وهو العلاقة بين الأميرة المصرية نازلي فاضل والرسامة إليزابيث يرييشاو-باومان. وبدلاً من اعتبار تجربة باومان (كامرأة دخلت الحرملك) حلاً سحرياً لإشكاليات التمثيل، سلطت الدراسة الضوء على النقد الفني الذي وُجه للوحة التي رسمتها باومان للأميرة نازلي. في هذه اللوحة السابقة ل "The Princess Nazli Hanum" التي رسمتها للأميرة عام 1291 – 92ه / 1875م، تُجسّد الأميرة ك "أوداليك" مستلقية في فضاء حريمي فخم، محاطة برموز المتعة والترف، مثل صينية القهوة، قرد أليف، وخادمة مطيعة. في إحدى الصور، تظهر نازلي جالسة بوقار ترتدي زيًا أوروبيًا عصريًا، وفي الأخرى ترتدي زي رجل عثماني، بجانب امرأة متنكرة كبائعة فخار متشردة. هذه الصورة الثانية تُعد محاكاة ساخرة مرحة لفانتازيا الحريم الغربية، وتُظهر نازلي كفاعلة داخل المشهد، لا كمجرد موضوع للرغبة. وأوضحت د. يسرا سلامة أن هذا العمل الفني، رغم خصوصيته الطبقية، لم يسلم من الجدل، وكشفت عن التباين في استقبال الصورة، وكيف أن محاولة "تمثيل" سيدة من النخبة المصرية بعيون أوروبية ظلت محاطة بتعقيدات النظرة الغربية والنقد الفني، مما يثبت أن إشكالية "المرأة المتخيلة" طالت حتى أعمال الفنانات النساء ولم تقتصر على الرجال. فلسطين.. أسبقية تاريخية وامتد النطاق الجغرافي للبحث ليشمل فلسطين، حيث كشفت الدراسة عن حقائق تاريخية مهمة حول البدايات المبكرة جداً للتصوير هناك. أشارت الباحثة إلى أن الكاميرا الداجيرية دخلت فلسطين في وقت متزامن تمامًا مع مصر، وتحديدًا في ديسمبر 1839م، حيث التقط المصور الفرنسي جوبيل فيسكيه أولى الصور في مدينة الناصرة. وأكدت الدراسة أن خصوصية فلسطين ك "أرض مقدسة" فرضت طابعًا خاصًا على الصورة؛ فبينما انشغل المصورون في البداية بتوثيق المعالم الدينية، جاء ظهور المرأة الفلسطينية لاحقًا محكومًا بهذا السياق، لتظهر غالبًا كجزء من المشهد التراثي أو "التوراتي" الذي كان يبحث عنه الرحالة. خلاصة البحث خلصت الورقة البحثية إلى أن الصورة (سواء كانت فوتوغرافية أو زيتية) في القرن التاسع عشر هي وثيقة شديدة التعقيد، تتطلب قراءة نقدية حذرة لا تسلم بما تراه العين، بل تبحث في السياقات الاجتماعية والنقدية التي شكلت ملامح المرأة الشرقية في تلك الحقبة.