هل ستوجه الأزمة اليابانية الضربة القاضية للبورصة المصرية حال عودتها للتداول؟.. سؤال يطرح نفسه بشدة في أذهان المهتمين بالبورصة بعدما شهدت أسواق المال العالمية هبوطا حادا خلال اليومين الماضيين مدفوعًة بمخاوف من كارثة نووية في اليابان التي ضربها زلزال مدمر الجمعة الماضية ، وما تأثير ذلك علي التجارة والاستثمار بين البلدين خاصة أن اليابان لها تعاون اقتصادي قوي مع مختلف دول العالم . "بوابة الأهرام" التقت بخبراء ماليين واقتصاديين استطلعت آراءهم حول هذه القضية، حيث يقول الخبير المالي أحمد النجار إن التأثير الياباني على البورصة المصرية سيكون محدوًدا بعض الشيء ، موضحًا أن الأثر الأكبر سيكون نابعًا من الاضطرابات التي تعيشها المنطقة العربية لاسيما دول الخليج، حيث سيؤدي لتأثر الاستثمارات العربية بالبورصة المصرية ، في وقت كنا نعول عليها لدعم الاقتصاد المصري ، كما ستلقى بظلالها على توقعات المحللين الماليين وستجعلها سلبية. وتوقع النجار أن يكون التأثير الأكبر للأزمة اليابانية على الإيداعات الدولية ببورصة لندن "GDR" والتي شهدت هبوطا بنسب كبيرة بعد الأزمة اليابانية وسينعكس تأثيرها الإجمالي على البورصة حال فتحها، مشيرًا إلى أن انخفاض الGDR إبان تداعيات الأزمة المالية العالمية هبط بالبورصة المصرية رغم أنها كانت مغلقة وقتها . ووافقه الرأي الخبير المالي أحمد عبد العال، قائلا لو كانت البورصة المصرية تعمل حاليًا لتعرضت للهبوط بسبب الأزمة اليابانية ، مدفوعة بخروج للمستثمرين الأجانب . وأشار إلى أن البورصة المصرية طوال تاريخها تتأثر بأقل الأزمات ، حتى إبان أزمة الديون السيادية فمجرد أنباء عن دخول البرتغال ضمن المتعثرين تأثرت البورصة المصرية ، إلا أن التركيز بالوقت الحالي سيكون مُنصب أكثر على الأوضاع المحلية سواء السياسية أو الاقتصادية، على عكس الأحداث العالمية التي سيكون تأثيرها طفيفًا . ولفت إلى أن الأزمة اليابانية لم تستمر طويلاً ، موضحًا أن الإيداعات الدولية في لندن تتأثر بالأوضاع العالمية أكثر من المحلية ، مدللاً على ذلك بأنها لم تتأثر بنسبة كبيرة إبان ثورة 25 يناير ويحكمها طبيعة السوق الأجنبية ومدى تأثرها بهذه الأوضاع . أما رانيا نصار ، رئيس قسم البحوث بالمجموعة الاقتصادية ، كان لها رأي مخالف مشيرًة إلى أن البورصة المصرية لو كانت تعمل حاليًا لاستفادت من الأزمات التي تشهدها منطقة العربية باعتبار أنها مرت بمرحلة الحراك وتشهد نوعا من الاستقرار عند مقارنتها بالدول التي تشهد اضطرابا حاليًا، إلا أن المشكلة في الأساسية بالبورصة المصرية وليس بالأوضاع الخارجية . وأوضحت أن الأوضاع باليابان أثرت على العالم كله وليس على مصر فقط ، إلا أنها أوضحت أن التأثير سيكون أكبر على الجوانب الاقتصادية، لاسيما ما يتعلق بالعمالة المصرية باليابان وعمليات التبادل التجاري . وعلي الجانب التجاري نفى إبراهيم العربي رئيس الغرفة التجارية للقاهرة أي تأثيرات مباشرة وملموسة علي اقتصاد مصر من كارثة اليابان ، حيث إن حجم الاستثمار منخفض جدا بين مصر واليابان ، فضلا عن أن معظم الصناعات اليابانية خارج البلاد اليابانية وتتركز في إندونيسيا وماليزيا والصين وهذا الأمر معد له من سنوات بعيدة في اليابان نظرا لأسباب عديدة بعيدا عن الأزمات والكوارث التي تتعرض لها البلاد ومنها ارتفاع التكلفة . وقال العربي إن التداعيات الحقيقية بعد هذا الحدث تكمن في ارتفاع أسعار البترول والعملات مما يؤثر علي ارتفاع عناصر الإنتاج والتكلفة النهائية . وأشار العربي إلي تجربته الشخصية ، أن الخبراء اليابانيين في الشركة لم يطالبوا بالعودة إلي بلادهم بالإضافة إلي أن العقود المبرمة مع الشركة من قبل اليابان لم تتأثر بعد . فيما اكد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية للقاهرة علي أن هناك أضرارا جسيمة ستلحق البلاد من جراء كارثة زلزال اليابان وخاصة لو أن الإشعاعات الناتجة عن المفاعل النووي تسربت إلي الدول المجاورة لليابان مشيرا إلي أن معظم السلع الغذائية يتم استيرادها من دول شرق و شمال آسيا الأمر الذي يتخوف منه المستوردون لتلف تلك الأنواع المستوردة ، بالإضافة إلي أن معظم منتجاتنا المستوردة من الصين وهي من الدول المجاورة لليابان. وتوقع شيحة ارتفاعا في أسعار السلع المستوردة من تلك البلاد مشيرا إلي أن هناك توقفا لبعض خطوط الإنتاج باليابان مما يؤثر علي تعاقدات الشركات المستور. وأوضح شيحة بان التأثيرات الملموسة تنتظر مدى التأثير الإشعاعي وحول مدى إمكانية الاستيراد من بلدان أخرى وتحول الخطة الاستيرادية أشار شيحة إلي أن الأسعار في الدول الأوروبية والأمريكية باهظة جدا ولا يمكن التحول لها بشكل فجائي فضلا عن أن هذا التغيير لابد من أن يسبقه تعاقدات بأعوام كاملة في الاستيراد مشيرا إلي أن هناك مواصفات محددة نتعامل من خلالها في السلع الخارجية . وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر واليابان في الفترة من شهر يناير حتى أغسطس من العام 2010 حوالي مليار و119.6 مليون دولار وبلغت قيمة الصادرات المصرية منها حوالي 293.6 مليون دولار. وبجانب الأسماك، تستورد مصر من اليابان عددا من السلع الغذائية مثل الفواكه والبرتقال والثوم وبعض المعلبات، وهو ما يستدعي فحصها قبل السماح بتداولها بالأسواق، وفقا لما أوردته المصري اليوم. وتمثلت أهم الصادرات المصرية لليابان في الفاكهة الطازجة والقطن والسجاد والألومنيوم والمربى والمنتجات الغذائية. وقال محمد شفيق، رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، إن الموانئ المصرية ستقوم بالفحص الإشعاعي للمنتجات الواردة من اليابان، وكشف عن عزمه الإعلان خلال أيام عن قائمة المنتجات التي ستجرى لها عمليات فحص بالموانئ المصرية للتأكد من خلوها من الإشعاع الذري. وأشار إلى أنه سوف يتم الإعلان أيضاً عن قائمة المنتجات الأكثر تأثراً بالإشعاع والتي سيحظر استيرادها بسبب خطورتها على الصحة. وقالت شركات لها تعاملات تجارية مع اليابان إنها طلبت من الموردين في كل من اليابان وفيتنام والدول المحيطة بهما إرفاق شهادات الفحص الإشعاعي للسلع الواردة.