جاءت زيارة الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور لكل من السعودية والأردن، لتؤكد على توجه فرضته التحولات التي شهدتها مصر منذ 30 يونيو 2013، والخاص بتشكل محور مدني يجمع بين نظم مختلفة، حيث يضم النظم الملكية ،ممثلة في دول الخليج والأردن، ومصر ذات النظام الجمهوري، وهو محور تربطه مصالح إستراتيجية خاصة بهذه الدول، ويدور جوهرها على مواجهة المد الإخواني في المنطقة، خاصة بعد أن أثبت الإخوان كونهم بديل غير ديمقراطي في مصر، وبالتالي ترتبط أهمية هذه الزيارة، بتأكيدها على توجه موجود في السياسة المصرية، أكثر من كونها تؤسس لتوجه جديد. وتعد قضية المستقبل السياسي لجماعة الإخوان في مصر، هاجسا مشتركا بين مصر والسعودية والأردن، خاصة وأن هناك تصورا في الدوائر الخليجية والعربية،أن ما يجري في مصر سيحدد المستقبل السياسي للإخوان في المنطقة، وهو أمر مهم للسعودية والأردن، لأن لكل منهما مشاكل محددة مع الأخوان . ففي حالة السعودية، يعد الأخوان قوة تتبنى خطابا معارضا للنظام السعودي وتطالب بالإصلاح، كما أنها تبنت موقفا معارضا لثورة 30 يونيو 2013 في مصر، واتجهت لانتقاد دعم السعودية للحكومة الانتقالية في مصر، ولعب رموز الإخوان في السعودية دورا في شبكة من التفاعلات كانت تجمعهم وإخوان الكويت، من أجل تقديم الدعم لإخوان مصر، كما أطلقوا حملة "خليجيين ضد الدماء"، وشارك فيها عدد من رجال الدين السعوديين المتعاطفين مع الإخوان، ومنهم سلمان العودة، وذلك بهدف الحشد ضد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية أثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة. وقد ارتبط توقيت زيارة منصور بموسم الحج، والذي اعتاد أن يستخدمه الأخوان لعقد اجتماعاتهم في الحرم المكي، وهذا ما حدث في أكتوبر 2012، حين عقد مرشد الإخوان الحالي محمد بديع اجتماعا مع قيادات إخوانية مصرية وخليجية لمناقشة أوضاع التنظيم. وقد صدر عن مفتي الجمهورية بالتزامن مع زيارة منصور للسعودية فتوى تنص على أن رفع الشعارات السياسية في الحج يبطل الحج، وذلك تحسبا لأي تحركات سياسية قد يقوم بها الحجاج المصريون المتعاطفون مع الإخوان أو المنتمون للجماعة أثناء يوم عرفة. وفي حالة الأردن، يعد الإخوان المسلمون، القوة الرئيسية التي تتحدى شرعية النظام، والتي تمتلك القدرة على تنظيم المسيرات والمظاهرات للمطالبة بإصلاحات اقتصادية وسياسية ، وذلك في الوقت الذي يمر فيه الأردن بأزمة، وقد تنوعت استراتيجيات الملك عبدالله في التعامل مع الإخوان منذ العام 2011، وتراوحت ما بين محاولة الاحتواء، إلى المواجهة، وهو ما عبر عنه إعلان حكومة عبد الله النسور عن حل الجماعة وملاحقة عناصرها، وانتهاء بالانفتاح على الجماعة، والقبول بمشاركة محدودة لها في الحياة السياسية. ورغم أهمية التقارب الحالي بين هذه الدول، خاصة بالنظر إلى المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر، إلا أن هذا لا يعني أنه لايوجد خلافات بينها، خاصة حين يتعلق الأمر بحقوق العمالة المصرية في كل من الأردن والسعودية، فضلا عن قضايا السياسة الخارجية، مثل القضية السورية، التي لا تزال قضية خلافية بين الدول الثلاث، حيث تتقارب كل من الأردن ومصر في موقفها الخاص بضرورة الحل السلمي للصراع في سوريا، بينما تتبنى الرياض موقفا مختلفا، يفضل تقديم الدعم للمعارضة السورية، وممارسة المجتمع الدولي دور للتأثير على مسار الصراع في سوريا.