مع توافد المبعوثين الغربيين إلى مصر، تزايدت التسريبات حول وجود خارطة طريق أو ما يسميه البعض بصفقة سياسية لإنهاء حالة العنف والاستقطاب والاحتقان السياسي في الشارع المصري، منها ما نقلته جريدة الإندبندنت البريطانية عن مصادر أوروبية بوجود صفقة يتم مناقشتها سرًا بين جماعة الإخوان المسلمين وهؤلاء المبعوثين وآخرهم وليام بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأمريكية تؤمن حفظ ماء وجه الجماعة، وإنهاء الاعتصام في رابعة والنهضة، وتنطوي علي الإفراج عن الرئيس السابق محمد مرسي أو السماح له بالسفر خارج البلاد. واعتبر عدد من السياسيين أن الحديث عن مثل هذه الصفقات سيدفع الشعب المصري إلى الخروج مرة أخري إلى الشارع، وتطبيق العدالة بأنفسهم، مؤكدين أن الشعب المصري لن يقبل هذا الأمر الذي يمثل ردة علي ثورة 30 يونيو التي خرج فيها الشعب لإعلان رفضه القاطع لحكم الرئيس السابق وجماعته إضافة إلى أن الرئيس المعزول يواجه تهم جنائية في قضايا متعددة قد تصل إلى الخيانة العظمي. قال الدكتور وحيد عبد المجيد عضو المكتب السياسي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن هناك مشكلتين أساسيتين بخصوص جماعة الإخوان المسلمين، هما من سيتخذ القرار النهائي وماذا يريدون الحصول عليه، إضافة إلى نية المسئولين عن اعتصامي رابعة العدوية والنهضة هل يحاولون كسب الوقت لتحسين موقفهم التفاوضي في تلك الصفقة، أم يريدون افتعال صدام واشتباكات وسقوط ضحايا لاستغلال الأمر إعلاميًا لإحراج وإسقاط النظام الجديد، لذلك نجد أن الجماعة لا تدخل في تفاوض مباشر وإنما عن طريق وسطاء مع الجهات المسئولة. وأضاف أن الإخوان يقومون بعمليات مناورة ولم يستطيعوا تحديد مطلب حقيقي بعيدًا عن عودة مرسي التي اعتبرها أحاديث لإبقاء المعتصمين في رابعة والنهضة وأن الاتصالات المكثفة والزيارات المتعددة التي يقوم بها الأوروبيين والأمريكيين لمصر تدل علي حجم الضغوط الكبيرة التي يتعرض لها الوطن من الخارج. من جانبه، أكد هشام أبو السعد، مساعد رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، أن الشعب المصري لن يقبل بحدوث ردة عن ثورته في 30 يونيو التي خرج فيها المصريون لرفض حكم الجماعة ومرسي وأن قبول صفقة كهذه تمثل انهيار للدولة المصرية، ويري أبو السعد أن جماعة الإخوان المسلمين قد تضحي بمرسي لإنقاذ باقي القيادات من المصير المجهول، وأشار أيضًا إلي أن الرئيس المؤقت عدلي منصور ورئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي، أكدا بصريح العبارة علي أن أمر الرئيس المعزول في يد القضاء ولا يملك أحد عقد صفقات بهذا الشكل. فيما نفقت مارجريت عازر، السكرتير العام لحزب المصريين الأحرار، إمكانية حدوث ذلك بقولها: أنه عقب الثورات لا يوجد صفقات ومحاسبة المسئولين عما ارتكبوه من أفعال تجاه شعوبهم داعية إلي ضرورة إقرار مادة بالدستور تمكن من محاسبة الرئيس والوزراء عن أعمالهم، وشددت عازر علي ضرورة عدم تدخل أحد في الشأن الداخلي المصري وإقامة محاكمة عادلة للرئيس السابق وإقرار دولة القانون. ونبه مجدي حمدان، عضو المكتب التنفيذي بجبهة الإنقاذ الوطني، إلي أن الإفراج عن المعزول سيؤدي لخروج الشعب المصري مرة أخري وقد يلجأ المواطنون إلي تنفيذ العدالة بأنفسهم والقبض علي المعزول وتسليمه مرة أخري للعدالة مؤكدًا أن محاولات الخروج الأمن المستمرة للإخوان والرئيس السابق مرفوضة تمامًا، وأوضح أن الرئيس المعزول لن يتم الإفراج عنه لأنه متهم في عدد من القضايا يتم فيها التحقيق وقد يتعرض لعقوبة الإعدام، واعتبر أيضًا أن جماعة الإخوان المسلمين قد تعمل علي التضحية بمرسي للإبقاء علي الجماعة و التنظيم الدولي للإخوان معتبرًا أن قيادات الجماعة المحبوسة هي العقل المدبر لهم. أما كمال زاخر، الناشط السياسي، فاعتبر أن الحديث عن صفقات للإفراج عن المعزول يأتي في إطار التكهنات بعد انهيار حلم الجماعة في السلطة والأداء السيئ وأنهم لن يصلوا إلي نتائج في هذا الأمر معتبرًا ذلك مجرد محاولة لحفظ ماء الوجه والحصول علي أقصي ما يمكن الوصول إليه من مكاسب قائلا: جماعة الإخوان المسلمين ليست في وضع قوة يسمح لها بفرض مطالب أو شروط ، مؤكدًا حرص المسئولين عن إدارة شئون البلاد لعدم إراقة الدماء. فيما أعتبر محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر، أن تلك الصفقات يمكن أن تمثل مخرجًا سياسيًا للأزمة، أنه من الممكن السماح للرئيس المعزول محمد مرسى بالعود لمنصبه وتقديم استقالته من منصبه بشكل رسمي، شريطة أن يدعو بعدها جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديه إلى نبذ العنف والسماح لهم بالاندماج الفعلي مرة أخرى في الحياة السياسية المصرية. أما الدكتور محمود العلايلى، المتحدث باسم لجنة الانتخابات بجبهة الإنقاذ فقد شكك في صحة ما نشرته صحيفة الإندبندنت بأن هناك صفقة لا تزال تجرى مناقشتها سرًا بين قيادات الإخوان المسلمين والمسئولين لحفظ ماء الوجه، تنطوي على الإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسى، والسماح له بتقديم استقالته من منصبه بشكل رسمي، وأن هناك عدة خيارات يجرى النظر فيها، من بينها السماح لمرسى بالظهور علنا ليعلن استقالته في خطاب على التليفزيون، وتسليم السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء المؤقت حازم الببلاوى. وشدد العلايلى علي أن موضوع الإفراج عن المعزول والسماح له بتقديم استقالته لا يقبله منطق وقال متسائلا: كيف نعطى لمرسي شرعية حتى ولو لمدة دقيقة واحدة وهو فاقد للشرعية أصلًا؟ ومنذ متى والإخوان لهم عهد يحافظون عليه؟ ومادام هناك صفقات سرية تعقد في الخفاء، فلماذا خرجنا يوم 30 يونيو وقمنا بثورة ضد نظام الإخوان؟