هاجمت مبادرة أهلية لمواجهة التحرش في مصر قرار وزير السياحة هشام زعزوع بمعاقبة أي فندق يتحرش أحد عماله بسائحة بعقوبات قد تصل إلى حد إلغاء الرخصة السياحية للفندق وإغلاقه، معتبرة أنه كان من الأفضل للدولة أن تضع نموذجاً رادعاً لعقاب المتحرشين وليس الفنادق. ويتزامن ذلك مع الاحتفال في مصر بعيد شم النسيم (أعياد الربيع) حيث رصدت مبادرة "شفت (شاهدت) تحرش"، عشرات الحالات من التحرش ما بين معاكسات لفظية ومضايقات وصفتها ب"الوقائع البسيطة" في الساعات الأولى لليوم على كورنيش النيل بوسط القاهرة، وذلك بحق فتيات يتنزهن بغير صحبة ذويهن. فتحي فريد، منسق المبادرة، قال إن "المبادرة رصدت من خلال غرفة عملياتها أن تواجد الأمن المصري بالشوارع شكلي وغير فعال، ولا يتناسب مع أعداد المتنزهين في يوم شم النسيم". واعتبر فريد أن "الحكومة المصرية لا تعترف بوجود التحرش كظاهرة، وأنه ليس أدل على ذلك من قرار وزير السياحة، الذي يعاقب فيه المؤسسة ولا يضع آلية لمواجهة التحرش ومحاسبة المخطئ". وتضم مبادرة "شفت تحرش" مجموعة من منظمات وجهات غير حكومية حقوقية ونسوية، وتم تدشينها في عيد الأضحى عام 2012، كمجموعة ضغط اجتماعية ترصد جريمة التحرش الجنسي وتقدم الدعم القانوني مجاناً لكل من تتعرض للتحرش أو العنف البدني بالشارع وفى أماكن التنزه العامة ودور العرض السينمائي. من جانبه، قال خالد عودة محافظ جنوبسيناء إن "مدينة شرم الشيخ (أحد أبرز المدن السياحية بمصر) آمنة ولا تشهد ما يُقال عنها من حالات تحرش، حتى أن السائحين يمكنهم التجول بالمدينة في ساعة متأخرة، بعد منتصف الليل، دون أن يضايقهم أحد". وأضاف عودة أنه "غير مسئول عن أي ممارسات تحدث داخل الفنادق، ولكنه يضمن الشارع، فيما يبقى الحفاظ على سلامة السائحين بالفنادق مهمة وزارة السياحة"، رافضاً التعليق على قرار وزير السياحة بشأن إغلاق الفنادق في حال ثبوت حالة تحرش. إيهاب عبد العال، أمين صندوق "غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة" ، اعتبر "قرار إغلاق المؤسسات الفندقية لا يمكن أن يقضى على ظاهرة التحرش ضد السائحات، لأنه لا يمكن ربط تصرف العمال داخل الفندق بإلغاء ترخيص الفندق"، مضيفاً أن "الأفضل وقوع العقوبة على المخطئ وتغليظ العقوبة القانونية عليه". وبشأن ما تداولته وسائل إعلام محلية عن نية غرفة السياحة نشر أسماء العاملين في حال تورطهم في ممارسات تحرش، قال عبد العال إن "هذا الحديث عار تماماً من الصحة، لأن الغرفة لا يمكن أن تنشر أسماء من لم تصدر بحقهم أحكام قضائية نهائية بالإدانة". يشار إلى أن "غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة" تعمل تحت إشراف حكومي، ويناط بها رعاية مصالح شركات السياحة وتمثيلها لدى السلطات العامة والمنظمات والهيئات المحلية والدولية. وقد أرسل المجلس القومي للمرأة في مصر (حكومي) مشروع قانون لمنع العنف ضد المرآة إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير العدل، ينص على أن تنشئ وزارة الداخلية وحدة لمكافحة العنف ضد المرأة في جميع أقسام الشرطة، على أن تستخدم الوحدة كافة الوسائل الحديثة في إثبات الجريمة. ومشروع القانون الذي أعده المجلس يتضمن بين مواده تعريفاً دقيقاً للتحرش الجنسي، وينص على أن كل من تحرش بأنثى عن طريق التتبع، أو الملاحقة سواء بالإشارة أو بالقول أو بالكتابة، أو بوسائط الاتصال الحديثة، أو أيه وسيلة أخرى، عبر إتيان أفعال غير مرحب بها تحمل إيحاءات، أو تلميحات جنسية، أو إباحية في مكان عام أو خاص، يعاقب بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة الآف جنية (1400 دولار تقريبا)، أو إحداهما. وتطرق مشروع القانون إلى التحرش فى مجال العمل، حيث نص على أنه اذا ارتكب الفعل المجرم في مكان العمل، أو كان الفاعل هو صاحب العمل، أو ممن لهم سلطة على المجني عليها بمناسبة العمل، يعاقب بعقوبة الحبس مدة لاتقل عن ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن عشرة الآف جنيه (1400 دولار تقريبا). وأصدر القضاء المصري عام 2008 أول حكم قضائي يجرّم التحرش الجنسي، حيث قضت محكمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق مواطن لإدانته بجريمة التحرش ضد مخرجة للأفلام الوثائقية. لكن هذا الحكم لم يتكرر نظرا لأنه لا يوجد نص في قانون العقوبات المصري يشير إلى تعريف دقيق للتحرش، وصدر ذلك الحكم باجتهاد من القاضي. وسبق أن أطلق الرئيس محمد مرسي في مارس الماضي مبادرة رئاسية تحت عنوان "دعم حقوق وحريات المرأة المصرية"، تتضمن عقد ورش عمل ومناقشات لمدة ثلاثة أشهر لمناقشة 6 محاور تهدف إلى النهوض بالمرأة. وهذه المحاور هي: التحرش الجنسي، المرأة وإدارة التنوع السياسي، الحقوق الاجتماعية للمرأة وثقافة التهميش، الحقوق الاقتصادية للمرأة ونهضة الاقتصاد المصري، الإعلام المصري وأولويات المرأة المصرية، وأخيرا الشبكة القومية للمرأة بين تحديات الواقع وتطلعات المستقبل.